انخفاض الدافع الجنسي لدى الرجال يرتبط بخلل التوازن الكيميائي

علوم وصحة
نشر
6 دقائق قراءة
دراسة: لا تشعر برغبة جنسية.. ربما السبب نقص في مستويات هورمون "كيسبيبتين" الجنسي
Credit: Spencer Platt/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يؤدي هرمون كيسبيبتين دورًا رئيسًا في التكاثر. وإذا لم تتوافر مستويات كافية من هذا الهرمون، لا يمر الأطفال بمرحلة المراهقة، على سبيل المثال.

وفي عام 2021، تمحورت دراسة جديدة حول اضطراب الرغبة الجنسية ناقص النشاط، أو HSDD، التي شملت متطوعين ذكورًا شُخّصوا بهذه الحالة. وهدف الباحثون من خلالها لحقن المشاركين بهرمون "كيسبيبتين" (kisspeptin) الجنسي الذي ينتجه الجسم بشكل طبيعي، لمعرفة ما إذا كان سيزيد من الدافع الجنسي لديهم.

وقال ستانلي آلثوف، أستاذ علم النفس الفخري بكلية الطب في جامعة "Case Western Reserve" بكليفلاند، في ولاية أوهايو الأمريكية، والمدير التنفيذي لمركز الصحة الزوجية والجنسية بجنوب فلوريدا، إن اضطراب الرغبة الجنسية ناقص النشاط (HSDD) يؤثر على 10٪ من النساء ونحو 8٪ من الرجال في الحد الأدنى، رغم أن هذه الأرقام قد تكون منخفضة.

وبهدف تشخيص الإصابة بهذا الاضطراب، يجب على الرجل ألا يعاني من مشاكل أخرى قد تسبب تغييرًا في الرغبة الجنسية، مثل ضعف الانتصاب، أو القذف المبكر.

وأوضح ألثوف أنّ "فقدان الاهتمام بسبب مشاكل في الأداء أمر شائع، لكن اضطراب الرغبة الجنسية ناقص النشاط (HSDD) حالة خاصة بذاتها". وتابع أنه "غياب للأفكار المثيرة وقلة الرغبة بممارسة الجنس التي يجب أن تكون موجودة لمدة ستة أشهر. كما أنه لا يمكن تفسيره بشكل أفضل مع وجود اضطراب آخر أو ضغوط أخرى: لا يمكن أن يكون الاكتئاب مسببًا له، ولا علاقة سيئة، ولا بسبب تناول مضادات الاكتئاب".

وقالت الدكتورة شيريل كينغسبيرغ، عالمة النفس السريرية، وأستاذة البيولوجيا الإنجابية والطب النفسي في جامعة Case Western Reserve، غير المشاركة في دراسة كيسبيبتين، أيضًا، إن ثمة نقطة رئيسية أخرى: سيشعر الرجل أو المرأة بمعاناة كبيرة سريريًا أنّ لديهم اضطراب HSDD.

وتابعت كينغسبيرغ، التي تشغل منصب رئيسة قسم الطب السلوكي في مستشفى ماكدونالد للنساء، ومركز كليفلاند الطبي، أنّ "بعض الناس لا تُزعجهم قلة اهتمامهم بالجنس، لذلك لن نعالجهم من مرض HSDD".

ولفتت إلى أن "النساء اللوتي يقصدن عيادتي لديهنّ معاناة كبيرة". وتابعت: "قلن لي: كانت لدي رغبة لكنها اختفت. يمكن أن أكون على جزيرة نائية مسترخية، لكنني لا أتمتع بالرغبة. أريد استعادتها. هؤلاء النساء لديهن اضطراب HSDD".

تجربة "سريالية"

وكان الدكتور والجيت ديلو، أستاذ الغدد الصماء والتمثيل الغذائي في إمبريال كوليدج لندن، يدرس العلاقة بين انخفاض الرغبة الجنسية وهرمون الكيسبيبتين لسنوات، أولاً عند الحيوانات، ثم عند البشر.

وتوصّل ديلو في دراسات سابقة له شملت الرجال الأصحاء الذين لا يعانون من مشاكل في الرغبة الجنسية، إلى أنّ منحهم كيسبيبتين يعزز من مستويات هرمون التستوستيرون والهرمون اللوتيني، وهو أمر مهم لوظيفة الغدد التناسلية.

وقد شملت أحدث دراسة له، نُشرت في مجلة JAMA Network Open بفبراير/ شباط، 32 رجلاً يعانون من HSDD.

وأشار ديلو، عميد المعهد الوطني لأكاديمية أبحاث الرعاية الصحية في المملكة المتحدة بنيوكاسل أبون تاين، إلى أنّ "الكثير من الناس يقولون لأنفسهم: أنا الوحيد الذي يعاني من هذه المشكلة"، مضيفًا أن "علم الأحياء يخبرنا أن هناك تنشيطًا متزايدًا للمناطق المثبطة في الدماغ، وهي المناطق عينها التي تخبرنا أنه ليس من المناسب التجول في الأماكن العامة عاريًا. وهذه المناطق تعمل على إيقاف الرغبة الجنسية. كيف يمكننا معالجة ذلك؟ نعطي هرمونًا من شأنه منحك زيادة في بالرغبة الجنسية بشكل طبيعي، ما يؤدي بشكل أساسي إلى قرصنة النظام الطبيعي".

وقصد الرجال الذين يشاركون في الدراسة الجديدة مختبر ديلو مرتين. وفي كل مناسبة، تم تزويدهم بجهاز لقياس الاستثارة بشكل موضوعي، وتم إعطائهم حقنة وطُلب منهم مشاهدة أفلام إباحية أثناء فحص أدمغتهم عبر التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI).

ولم يعرف المشاركون أو الباحثون إذا كانت الحقن في ذلك اليوم، بهرمون كيسبيبتين أم دواء وهمي.

ولفت ديلو إلى أنّ فحوصات الدماغ أظهرت تأثيرًا مزدوجًا مهمًا بعد حقن كيسبيبتين. وتباطأ النشاط في مناطق الدماغ التي تثبط السلوك، فيما أضاءت مناطق الدماغ المرتبطة بالاهتمام الجنسي.

ورأى ديلو أنّه "كمجموعة، كان لدى الرجال استجابة جنسية أعلى بنسبة 56٪ للصور الجنسية بعد الكيسبيبتين مقارنة بالعلاج الوهمي. ولم نلحظ أي آثار جانبية للجرعة الصغيرة جدًا التي استخدمناها".

الحاجة إلى مزيد من الدراسات

ولم تتعقب الدراسة الرجال على المدى الطويل لمعرفة ما إذا كانت آثار الكيسبيبتين قد استمرت أم لا.

وأضاف ألثوف أنّ "الرغبة الجنسية معقدة للغاية. إنها مزيج من وظائف الدماغ، والهرمونات، والحب، والنبيذ، والورود". وتابع: "هذه الدراسة واعدة، لكنها تحتاج إلى تكرارها على مجموعات أكبر".

وقال ديلو إنه "حتى إذا أكدت الأبحاث المستقبلية فوائد الكيسبيبتين، فإن العلاج الطبي ليس بديلاً عن التواصل الصحي حول الجنس بين الشركاء ومقدمي الرعاية الصحية".

وأوضح: "هذه الحالة تعتبر من المحرمات المجتمعية، لكن في الواقع، كلما تحدثنا أكثر عن القضايا (الجنسية) الحقيقية التي تؤثر على الأشخاص الحقيقيين، كلما اكتشفنا أنها في الواقع شائعة جدًا".