دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أشارت دراسة جديدة إلى أنّ إضافة 500 ملليغرام من مركبات الفلافانول المضادة للأكسدة، الموجودة في الشاي الأخضر والتفاح والتوت والكاكاو وغيرها، إلى نظامك الغذائي يوميًا، قد يبطئ من التدهور العقلي المرتبط بالعمر، وربما يحسّنه.
في العادة يكون التدهور العقلي المرتبط بالعمر خفيًا. ويشرح الخبراء أن هذه الحالة تؤثر على سرعة التفكير، والقدرة في الحفاظ على الانتباه، والصعوبة بالعثور على الكلمات. ولا ينبغي الخلط بينها وبين مرض الزهايمر وأنواع الخرف الأخرى.
وأفاد الدكتور إيان جونسون، الأستاذ الفخري في معهد Quadram بنورويتش، وهو مركز لأبحاث الغذاء والصحة في المملكة المتحدة، غير المشارك في الدراسة المنشورة في مجلة PNAS Neuroscience الإثنين، إنّ "كبار السن الذين يستهلكون طعامًا غير غني بالفلافانول سجّلوا مستويات أدنى في اختبارات وظيفة ذاكرة الحصين مقارنة مع الأفراد الذين يستهلكون مستويات أعلى".
والحُصين هو جزء من الدماغ يُنظّم التعلم والتنقل المكاني وتخزين وتقوية الذاكرة.
وأوضح جونسون في بيان، أنه عندما أعطي الأشخاص مكملات يومية تحتوي على الفلافانول المشتق من الكاكاو، تحسّن أداؤهم في اختبار تذكر الكلمات المرتبط بالعمر.
ولفت الدكتور دافيد برونو، خبير علم النفس في جامعة ليفربول جون مورس بالمملكة المتحدة، غير المشارك في الدراسة، ببيان، إلى أنه رغم ذلك، كان أي أثر على الذاكرة متواضعًا، "ومقتصرًا على الأفراد الذين يتبعون نظامًا غذائيًا أقل جودة في بداية الدراسة".
ما هي مركبات الفلافانول؟
مركبات الفلافانول، التي يطلق عليها أيضًا اسم فلافان-3-أولس، تساعد على إعطاء الفاكهة والخضار ألوانها الزاهية. قد يحتوي كل نبات على أكثر من نوع واحد من الفلافانول، بالإضافة إلى المغذيات الدقيقة الضرورية التي تكمل بعضها. هذا السبب الرئيسي وراء توصية العديد من خبراء التغذية "بتناول أطعمة بألوان قوس قزح" للحصول على فائدة قصوى.
جميع مركبات الفلافانول عبارة عن مواد نشطة بيولوجيًا، وتتكون بشكل طبيعي وتؤثر على العمليات داخل الجسم. أوصت أكاديمية التغذية وعلم التغذية عام 2022، بتناول يومي يتراوح بين 400 و600 ملليغرام من مركبات الفلافانول. واستشهدت الرابطة بالدراسات التي أظهرت أن المركبات قد تقلّل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري.
وخلافًا للكربوهيدرات والدهون والبروتينات والفيتامينات والمعادن والماء، فإن الفلافانول ليست ضرورية للبقاء على قيد الحياة. وقال غونتر كونلي، المؤلف المشارك في الدراسة، وأستاذ علوم الغذاء والتغذية في جامعة ريدينغ بالمملكة المتحدة، إن تركيبات الفلافانول مماثلة للألياف إلى حد كبير، فهي ضرورية للتمتّع بصحة جيدة.
وأضاف: "الألياف غير ضرورية للبقاء على قيد الحياة، لكن من المهم حقًا أن يستهلك الناس كميات كافية منها للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية، والوقاية من السرطان".
وتابع كونلي أنّ نتائج الدراسة حول الفلافانول قد تكون "أول مؤشر على أن فائدة استهلاكها مماثل (للألياف)، قد يكون صحيحًا هنا".
تناول الشوكولا لن ينفع
رغم حقيقة أنّ الدراسة اختبرت 500 ملليغرام من مركبات الفلافانول المشتقة من الكاكاو، فإن هذا لا يعني أنه يمكنك الحصول على نتائج مماثلة من خلال تناول 500 ملليغرام من الشوكولا.
وأوضح كونلي: "ما لا يحتوي على الكثير من مركبات الفلافونويد هو الشوكولا".
وشرح كونلي أنه من أجل استخلاص أكبر عدد ممكن من مركبات الفلافونويد من الكاكاو الداكن، تم "تحسين" عملية الاستخلاص بشكل مكثف في المختبر.
وقال: "إن أفضل طريقة لاستهلاك 500 ملليغرام في اليوم هي تناول مجموعة من الأطعمة المختلفة التي تحتوي على الفلافانول".
وأشار كونلي إلى أنّ العديد من الأطعمة تحتوي على ما يكفي من الفلافانول لتلبية هذا المستوى اليومي، مثل التوت، والتفاح، والعنب، والنكتارين، والكمثرى. ويعتبر الشاي الأخضر مصدرًا ممتازًا، فقط إذا كنت تشربه.
وشدّد على أن "الأمر برمّته يتعلق حقًا بالشاي الأخضر، وليس مستخلص الشاي الأخضر". ولفت إلى أن "الكميات الكبيرة من مستخلص الشاي الأخضر (يمكن) أن تسبّب مشاكل".
آراء متباينة
البحث الجديد هو بمثابة ملحق لدراسة أكبر بكثير وضعت في مارس/ آذار 2022، وشملت أكثر من 21 ألف بالغ تفوق أعمارهم 60 عامًا وعنونت "مكمل الكاكاو ودراسة نتائج الفيتامينات المتعددة، أو COSMOS. تم تقديم مكملات الكاكاو وأموال المنحة الجزئية من قبل شركة مارس إيدج، وهي جزء من شركة مارس.
في الدراسة الجديدة وزّع 3562 بالغًا على مجموعتين، تناولت المجموعة الأولى دواءً وهميًا يوميًا لمدة ثلاث سنوات. والثانية حبة يومية سعة 500 ملليغرام مليئة بالفلافانول المستخرج من الكاكاو، ضمنًا 80 ملليغرامًا من الإبيكاتشين، وهو مادة فلافونويد تمت دراستها لفترة طويلة لتأثيراتها الإيجابية على قوة العضلات وتدفق الدم في الدماغ.
خضع أكثر من 1300 من المشاركين في الدراسة لاختبارات البول في بداية الدراسة لتحديد مستويات الفلافانول في نظامهم.
خضع جميع المشاركين لتقييم معرفي أساسي، حيث طُلب منهم تعلم 20 كلمة على برنامج كمبيوتر. كان لدى المشاركين في البحث ثلاث ثوانٍ لدراسة كل كلمة قبل ظهور الكلمة التالية. بعد ذلك مباشرة، طُلب من المشاركين كتابة جميع الكلمات التي يمكنهم تذكرها. تم تكرار الاختبار كل عام لمدة ثلاث سنوات من الدراسة.
في نهاية العام الأول، قال المؤلف المشارك في الدراسة الدكتور سكوت سمول، أستاذ علم الأعصاب و مدير مركز أبحاث مرض الزهايمر في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، إن الأشخاص في الدراسة الذين تناولوا الحبوب سعة 500 ملليغرام يوميًا، والذين اختبروا في الطبقة السفلية من مركبات الفلافانول "طبّعوا" مستويات الفلافانول لديهم.
وقال إن الفلافانول لديهم ساعد على ترميم تدهورهم العقلي المرتبط بالعمر إلى مستويات مماثلة للأشخاص الذين "لديهم نسبة عالية من الفلافانول في الأساس".
وفسّر بعض الخبراء نتائج الدراسة بشكل مختلف.
أفاد ديفيد كيرتس، الأستاذ الفخري بمعهد علم الوراثة في جامعة كوليدج لندن، غير المشارك في الدراسة: "فشلت الدراسة بتقديم دليل على أن زيادة تناول الفلافانول مفيد".
وتابع في بيان: "حتى في المجموعة التي كانت في البداية لديها استهلاك منخفض للفلافانول، فإن أولئك الذين تناولوا مكملات الفلافانول لسنوات كان أداء وظيفة الذاكرة لديهم مماثلًا لمن تناولوا الدواء الوهمي، وكانت أي اختلافات تقع في نطاق الصدفة".
وأظهرت بيانات الدراسة أنه بحلول العام الثالث، تذكر الأشخاص الذين سجل لديهم أدنى مستويات من الفلافانول في بداية الدراسة، ثم تناولوا مكمل الكاكاو 7.94 كلمة من أصل 20 كلمة، مقارنة مع 7.63 في مجموعة الدواء الوهمي، وهو فرق بحوالي ربع كلمة.
ورأى الدكتور جيفري ليندر، رئيس قسم الطب الباطني العام بكلية فينبرغ للطب في جامعة نورث وسترن بشيكاغو، إن هذا الاختلاف الصغير لم يكن مهمًا.
وقالت تارا سبيرز جونز، أستاذة التنكس العصبي ونائبة مدير مركز اكتشاف علوم الدماغ بجامعة إدنبرة في اسكتلندا، غير المشاركة في البحث، إنه في الواقع، لم يُظهر غالبية المشاركين في الدراسة أي فوائد ذات دلالة إحصائية على الذاكرة من تناول مكملات الكاكاو، ما يعني أن التجربة "فشلت" في تحقيق النتيجة المرجوة.