دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يجري علماء من جميع أنحاء العالم تجارب معملية سريعة لمحاولة فهم متغير "BA.2.86" شديد التحور للفيروس المسبب لمرض "كوفيد-19". وقال الخبراء إنّ النتائج التي بدأت تظهر، توفّر بعض الطمأنينة.
وقامت مجموعتان من العلماء، واحدة في الصين، وأخرى في السويد، بالإبلاغ عن النتائج علنًا، ومن المتوقع الإعلان عن المزيد من النتائج من الولايات المتحدة، الإثنين.
وحتّى الآن، تُظهر النتائج المبكرة أنّ متحور "BA.2.86" ليس عبارة عن وحش مخيف يلوح في الأفق كما بدا للوهلة الأولى، ولكن قد يتغير هذا الانطباع مع ظهور المزيد من النتائج.
وقد استحوذ "BA.2.86"، المعروف أيضًا باسم "بيرولا"، على اهتمام العالم كونه يبدو مختلفًا بشكلٍ جذري عن أي متغيرات أخرى لفيروس كورونا التي رأيناها حتّى الآن.
وتحتوي هذه السلالة الجديدة على أكثر من 30 تغيّرًا طرأ في بروتينها الشوكي مقارنةً بمتحور "BA.2"، وسلالة "XBB.1.5" المنتشرة مؤخرًا.
ويُشكّل ذلك قفزة تطوريّة تعادل تلك التي حققها متغير "أوميكرون" الأصلي (BA.1)، عندما ظهر لأول مرة منذ عامين تقريبًا.
وخلال موجة "أوميكرون"، وصلت حالات العدوى والاستشفاء إلى أعلى مستوياتها للجائحة في الولايات المتحدة.
وسرعان ما تفوّق متغير "أوميكرون" على متغيرات "كوفيد-19" الأخرى، وتفرّع منتجًا الفيروسات التي لا نزال نتعامل معها حاليًا.
هذه ليست "الموجة الثانية" لمتحور "أوميكرون"
عندما ظهر متحور "BA.2.86" في أواخر يوليو/تموز، شعر صائدو المتحورات بالفزع، وسارع الباحثون للعمل لمعرفة المزيد عن السلالة الجديدة.
وانتشر المتحور إلى 11 دولة على الأقل حتّى الآن، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وحتّى مع انخفاض مستوى المراقبة الجينية مقارنة بما كان عليه سابقًا، يعتقد الخبراء أنّه إذا كان متحور "BA.2.86" شديدًا، لكان الأمر واضحًا.
وفي منشورٍ عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، قال عالم الأوبئة، والمدير المشارك لمركز ديناميكيّات الأمراض المعدية بجامعة "هارفارد"، الدكتور بيل هاناج: "يا أصدقائي، هذه ليست الموجة الثانية لأوميكرون. لو كان الأمر كذلك، فمن الآمن أنّ نقول إنّنا كنا سنعرف بحلول هذا الوقت".
الدّراسات المبكرة مطمئنة
وفي السلسلة الأولى من التجارب التي استخدمت عينات الدم من الفئران المحصّنة، والبشر المحصّنين، والأشخاص المصابين حديثًا، استنتج الباحثون في الصين أنّ متحور "BA.2.86" يبدو مختلفًا حقًا بالنسبة لأجهزتنا المناعيّة مقارنةً بالنُّسَخ السابقة من الفيروس المُسبِّب لـ"كوفيد-19"، وهو يستطيع التهرّب من أجزاء من مناعتنا.
وقال الباحث يون لونغ كاو من مركز الابتكار الطبي الحيوي بجامعة "بكين" إنّه لاحظ انخفاضًا بمقدار الضعف في قدرة مناعتنا المُكتَسَبة على تحييد فيروس "BA.2.86" مقارنةً بالفيروسات من عائلة "XBB.1.5".
وفي الوقت ذاته، يُعد فيروس "BA.2.86" أقل عدوى بنحو 60% من فيروسات "XBB.1.5".
وفي مجموعة ثانية من التجارب، قام باحثون في معهد "كارولينسكا" بالسويد بوضع متحور "BA.2.86" ضد الأجسام المضادة المأخوذة من دم المتبرعين من البشر، والتي جُمِعَت خلال فترتين زمنيتين، أي من أواخر عام 2022، قبل ظهور متغير "XBB"، وأواخر أغسطس/آب.
ولم تتمكن الأجسام المضادة الموجودة في العينات القديمة من إيقاف "BA.2.86" بشكلٍ فعال، ولكن عينات الدم، المأخوذة من المتبرعين قبل أسبوع فقط، قامت بعمل أفضل.
وكتب الباحث الرئيسي، بنجامين موريل، في منشور عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي: "بشكلٍ عام، لا يبدو الوضع خطرًا كما كان الأمر عند ظهور (متحور) أوميكرون الأصلي".
هناك المزيد لنتعلمه
وتتمتع الدّراستان بقيود، فكان الباحثون يختبرون فيروسات زائفة (pseudoviruses)، وهي في الأساس نماذج لما يبدو عليه فيروس "BA.2.86"، وليس الفيروس ذاته.
كما استخدمت الدراسة السويديّة عددًا صغيرًا فقط من العينات من المتبرعين بالدم. وبما أنّ هذه الدراسات استخدمت عينات من دم متبرعين في الصين والسويد، فهي قد لا تعكس مناعة الأشخاص في الولايات المتحدة، والذين ربما تعرضوا لمزيجٍ مختلف من المتغيرات، وحُصِّنوا بلقاحات مختلفة.
ومع ذلك، أكّد الخبراء أنّهم شعروا بالتشجيع من النتائج المبكرة، ويتطلعون لرؤية المزيد في الأيام المقبلة.