إرشادات جديدة: السمنة المفرطة لدى الأطفال لا تُعالج بالجراحة أو الأدوية

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة
gettyimages-71413844.jpg
Credit: China Photos/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يعاني قرابة 20% من مجمل الأطفال في الولايات المتحدة من مؤشر كتلة الجسم المرتفع، وهو المقياس الذي يعتمده الأطباء لتحديد ما إذا كان الشخص يعاني من السمنة المفرطة. وتنص مسودة المبادئ التوجيهية الجديدة التي أصدرتها فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية الأمريكية الثلاثاء، على أنه يتوجّب على الأطباء التدخل لمساعدة هؤلاء الأطفال على إدارة وزنهم بشكل أفضل حتى يتمتعوا بصحة جيدة.

وأوصت فرقة العمل التي تتألف من مجموعة من الخبراء المستقلين الذين توجّه توصياتهم قرارات الأطباء وتؤثر على التغطية التأمينية، في مسودة المبادئ التوجيهية، بأن يعمد الأطباء إلى توجيه الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 6 سنوات وما فوق ويعانون من السمنة المفرطة إلى تدخلات سلوكية شاملة ومكثفة بناءً على ما يصفونه بـ "اليقين المعتدل"، لأنّ مثل هذه التدخلات قد توفر "فائدة صافية معتدلة". والتدخلات لا تشكّل أي ضرر.

لكنّ مسودة توصيات فرقة العمل لا تتضمن أدوية إنقاص الوزن أو الجراحة، رغم أنها نظرت في بعض الأبحاث المتمحورة حول تلك التدخلات. وأوصت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، التي قامت بتحديث إرشاداتها الخاصة لإدارة المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة في وقت سابق من هذا العام، بهذين الخيارين لبعض المرضى.

وقال بعض الأطباء الذين يعالجون مرضى السمنة المفرطة من الأطفال إنّ استخدام التدخلات السلوكية فقط قد يصعب على الأطباء توفيرها، ويصعب على العائلات الوصول إليها، نظرا لما تتطلبه من التزام بالوقت.

ما هي المبادئ التوجيهية المقترحة؟

يختلف تعريف مؤشر كتلة الجسم المرتفع لدى الأطفال قليلاً عن البالغين. بالنسبة للبالغين، مؤشر كتلة الجسم الذي يزيد عن 30، يقع ضمن نطاق السمنة المفرطة. لكن يُحدّد الطفل المصاب بالسمنة المفرطة على أنه الشخص الذي يزيد عن 95 مئين (Percentile) من الأطفال في عمره وجنسه، استنادًا إلى مخططات النمو الخاصة بالمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC).

واستنادًا إلى أدلة من 50 تجربة عشوائية أظهرت فقدان الوزن لدى الأطفال، وجد فريق العمل أنّ التدخلات السلوكيّة المكثّفة تتطلّب إشراك الطفل ووالديه في 26 ساعة من المتابعة مع أخصائي صحي بالحد الأدنى، سنويًا.

وقد تشمل التدخلات جلسات نشاط بدني خاضعة للإشراف، وجلسات جماعية، واستشارة فردية لتعليم الأطفال وأولياء أمورهم على عادات الأكل الصحي، بالإضافة إلى خيارات آمنة لممارسة الرياضة، ودروس حول كيفية قراءة الملصقات الغذائية، وتقنيات تغيير السلوك، وصولًا إلى تحديد الأهداف، وطرق مراقبة النظام الغذائي، والنشاط البدني.

وأظهر البحث أنّه كلّما زاد الوقت الذي يقضيه الأطفال في جلسات النشاط البدني ويتواصلون مع الخبراء، كلّما فقدوا المزيد من الوزن.

وسيشكل التركيز على التدخل، عوض الاكتفاء بفحص السمنة، تحولًا في تفكير بعض مقدمي الخدمة.

وعلّقت الدكتورة إيلين فينوي، الأستاذة بطب الأطفال في المركز الطبي لحامعة كولومبيا حيث تعمل مع الأطفال وأولياء أمورهم لمساعدتهم على الوصول إلى وزن صحي، وغير المشاركة في وضع المبادئ التوجيهية: "شعرنا بداية أنّ الأطفال سيتخلصون من هذه المشكلة، لكن التجربة أثبت أن هذا الأمر غير صحيح".

وقالت إن الوزن يمكن أن يتقلب مع نمو الأطفال، خصوصًا قبل مرحلة طفرة النمو، لكن كلّما زاد مستوى السمنة، قلّ احتمال التخلص منها.

وأضافت: "هذا الأمر يُسبب البلوغ المبكر، ومع البلوغ المبكر، تنضج عظامهم باكرًا، وبالتالي لن يكون لديهم القدرة على النمو بعد ذلك لأنهم تجاوزوا المرحلة". 

اعتماد أساليب مختلفة

بخلاف المبادئ التوجيهية الصادرة عن الجمعية الأمريكية لطب الأطفال في وقت سابق من هذا العام، تركز مسودة المبادئ التوجيهية الجديدة هذه فقط على الأطفال الذين يعانون من السمنة المفرطة، ولا تشجع التدخلات للأطفال المصنفين ضمن فئة الوزن الزائد.

وقال الدكتور جون رويز، عضو فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية الأمريكية وأستاذ علم النفس السريري في جامعة أريزونا: "بالطبع، علينا جميعًا بذل قصارى جهدنا لتحقيق وزن صحي طبيعي والحفاظ عليه، لكن في هذه الحالة، كانت الأدلة قوية تحديدًا في مجال فئات مؤشر كتلة الجسم المرتفعة". وتابع أن "المبادئ التوجيهية لفرقة العمل مبنية على الأدلة، وعلينا أن نحترم ذلك ونحافظ عليها في إرشاداتنا".

تختلف المبادئ التوجيهية أيضًا عن الجمعية الأمريكية لطب الأطفال من حيث أنها تركز على التدخلات في نمط الحياة فقط. واعتبرت فرقة العمل أن الجراحة "خارج نطاق إطار الرعاية الأولية" لا يوصى بها في هذه الإرشادات.

قام فريق العمل أيضًا بمراجعة الدراسات التي تناولت ضمنًا أدوية إنقاص الوزن مثل "ليراغلوتيد"، و"سيما غلوتيد"، و"أورليستات"، و"فينترمين" و"توبيراميت". في معظم التجارب، ارتبطت الأدوية بتخفيض أكبر بمؤشر كتلة الجسم مقارنةً بالعلاج الوهمي. لكن، أوضح رويز أنه لا توجد أدلة كافية على تحديد التأثيرات التي يمكن أن تحدثها على المدى الطويل.

ولفت إلى أن "هناك بالفعل ندرة بالأدلة في الوقت الحالي. لهذا السبب، يدعو فريق العمل لمزيد من البيانات". 

ماذا حدث بعد ذلك؟

المبادئ التوجيهية ليست نهائية وهي مجرد مسودة. وستكون متاحة على الإنترنت للتعليق العام لمدة أربعة أسابيع. وبعد مراجعة التعليقات والتنقيحات المحتملة، ستقوم فرقة العمل بالتصويت على ما إذا كان سيتم اعتمادها أم لا.

ومن شأن المبادئ التوجيهية الجديدة أن تحل محل التوصيات الصادرة في عام 2017، التي تتجه أكثر نحو فحص مؤشر كتلة الجسم المرتفع، عوض التأكيد على مدى أهمية تدخل الأطباء.

ونظرًا لأن إرشادات فريق العمل تؤثر عادةً على الأساليب أو التأمين على الأدوية، فإن عدم التوصية بأدوية إنقاص الوزن يعني أنه قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يتمكن جميع الأطفال من الوصول إليها.