هل تيارات المحيط الأطلسي على وشك الانهيار؟ وما انعكاس ذلك على حياتنا؟

علوم وصحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يكون النظام الرئيسي لتيارات المحيطات على وشك الانهيار بالفعل، وذلك بحسب تقرير جديد نُشر في مجلة Science Advances الحمعة. ويترتب عن ذلك آثار مثيرة للقلق لجهة ارتفاع مستوى سطح البحر والطقس العالمي، ما قد يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير في بعض المناطق، وارتفاعها في مناطق أخرى.

وباستخدام أنظمة حاسوبية معقّدة جدًا، وجد العلماء طريقة جديدة للكشف عن إشارة إنذار مبكرة لانهيار هذه التيارات.

ويتّسم تيار المحيط المعروف باسم دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي بتدفق المياه الدافئة والمالحة شمالًا في الطبقات العليا من المحيط الأطلسي، وتدفق المياه العميقة الأكثر برودة باتجاه الجنوب.

وتحمل التيارات الحرارة والأملاح إلى مناطق مختلفة من الكرة الأرضية وتلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على مناخ أجزاء كبيرة من نصف الكرة الشمالي معتدلًا نسبيًا.

وعلى مدار عقود، ظل العلماء يدقون ناقوس الخطر بشأن استقرار  دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي، حيث يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجة حرارة المحيطات وإذابة الجليد، ما سيخلّ بتوازن الحرارة والمياه المالحة التي تحدد قوة التيارات.

وفي حين يعتقد العديد من العلماء أن دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي سوف يتباطأ في ظل تغير المناخ، بل ويمكن أن يتوقف تمامًا، إلا أنه لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن متى ومدى سرعة حدوث ذلك. 

وقال رينيه فان ويستن، الباحث بالشؤون البحرية والجوية في جامعة أوتريخت بهولندا، والمؤلف المشارك في الدراسة، إن هذا البحث الجديد حقّق "إنجازًا مهمًا".

استخدم العلماء حاسوبًا فائقًا لتشغيل نماذج مناخية معقدة على مدى ثلاثة أشهر، ومحاكاة زيادة تدريجية في المياه العذبة، إلى دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي، وهو ما يمثل ذوبان الجليد وهطول الأمطار وجريان الأنهار، ما قد يخفف من ملوحة المحيط ويضعف التيارات.

وبينما قاموا بزيادة المياه العذبة ببطء في النموذج، رأوا أن الدوران يضعف تدريجيًا حتى ينهار فجأة. ويقول التقرير إن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف الانهيار باستخدام هذه النماذج المعقدة، التي تمثل "أخبارًا سيئة للنظام المناخي والإنسانية".

وقد تكون التأثيرات المترتبة على انهيار دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي كارثية. ووجدت الدراسة أن بعض أجزاء أوروبا قد تشهد انخفاضًا في درجات الحرارة حد  30 درجة مئوية على مدار قرن، ما سيؤدي إلى مناخ مختلف تمامًا على مدار عقد أو عقدين فقط.

وكتب مؤلفو الدراسة: "لا توجد تدابير واقعية يمكنها التعامل مع مثل هذه التغيرات السريعة في درجات الحرارة".

ومن ناحية أخرى، يمكن أن تشهد البلدان في نصف الكرة الجنوبي ارتفاعًا بدرجات الحرارة، في حين يمكن أن تنقلب المواسم الرطبة والجافة في الأمازون، ما سيؤدي إلى اضطراب خطير في النظام البيئي.

وأشار فان ويستن إلى أن انهيار دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي قد يتسبب أيضًا بارتفاع مستويات سطح البحر بنحو متر واحد.

من جانبه، قال جويل هيرشي، الرئيس المساعد لنمذجة الأنظمة البحرية بالمركز الوطني لعلوم المحيطات في المملكة المتحدة، إنه رغم أن الدراسة استخدمت نموذجا معقدا، إلا أن دقتها ما زالت منخفضة، ما يعني أنه قد يكون هناك قيود في تمثيل بعض أجزاء التيارات.

تضيف هذه الدراسة إلى مجموعة الأدلة المتزايدة التي تشير إلى أننا نقترب من نقطة التحول، بل ربما تكون قريبة.

ووجدت دراسة أجريت عام 2021، أن دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي كان أضعف من أي وقت آخر خلال الألف عام الماضية. وخلص تقرير مثير للقلق بشكل خاص، نُشر في يوليو/ تموز من العام الماضي، إلى أن دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي قد يكون على وشك للانهيار المحتمل في وقت مبكر من عام 2025.

ومع ذلك، يشكك جيفري كارغيل، كبير العلماء بمعهد علوم الكواكب في أريزونا، في أن نظرية الإغلاق الوشيك المحتمل لدوران انقلاب خط الزوال الأطلسي وأن ذلك "سيظل مثيرا للجدل إلى حد ما حتى نعلم يوما ما أن ذلك يحدث بالفعل".

لقد شبه انهياره المحتمل بـ"التقلبات الجامحة لسوق الأوراق المالية التي تسبق الانهيار الكبير"، يكاد يكون مستحيلَا تحديد التغييرات التي يمكن عكسها، والتي تعد مقدمة لكارثة. 

وقال هيرشي إنّ البيانات الحديثة تظهر أن قوة دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي تتغيّر، لكن ما من دليل ملحوظ حتى الآن على حدوث انخفاض. وأوضح: "سواء شهدنا على تغييرات مفاجئة في دورة دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي المشابهة لتلك التي شوهدت في الماضي، ستحدث مع استمرار ارتفاع درجة حرارة مناخنا  سيبقى سؤالًا مفتوحًا مهمًا". 

وقال رامستورف إن هذه الدراسة تشكل جزءًا من هذا اللغز. وأضاف "(هذا) يزيد بشكل كبير من المخاوف المتزايدة بشأن انهيار دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي في المستقبل غير البعيد. وسوف نتجاهل هذا الخطر الكبير المتربص بنا".