دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يعرض تقرير جديد تفاصيل الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في حياة الشباب، وكيفية إدارتهم لإيجابياتها وسلبياتها، ويشمل الأشخاص الملونين أو من مجتمع الميم، أو المصابين بالاكتئاب.
تشمل هذه الإيجابيات والسلبيات تقييم المنصّات الإلكترونية للتواصل الاجتماعي، والتعبير عن الذات، والحصول على المعلومات، مع الشعور أيضًا بوطأة تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على مدى انتباههم وثقتهم وقناعتهم، بحسب التقرير الصادر عن Common Sense Media وHopelab، وهو مختبر الابتكار الاجتماعي والمستثمر المؤثر الهادف إلى دعم رفاهية الشباب، الثلاثاء.
وأفادت آيمي غرين، رئيسة الأبحاث لدى هوبلاب، في بيان صحفي، أنّ "معظم المحادثات والعناوين المحيطة بوسائل التواصل الاجتماعي، والصحة العقلية للشباب، تركّز فقط على الأضرار، وتصوّر الشباب كمستهلكين سلبيين. لكن البحث أظهر أن الأمر أكثر تعقيدًا بكثير".
وتابعت: "إذا أردنا حقًا تحسين رفاهية الشباب، فنحن بحاجة للاستماع إلى تجاربهم والتأكد من أننا لا نمنع عن غير قصد الوصول إلى الفوائد الإيجابية الحاسمة".
ولفت المؤلفون إلى أنّ ما يقود البحث هو أزمة الصحة العقلية الوطنية للشباب التي لحظت زيادة في معدلات الاضطرابات العقلية، مثل القلق والاكتئاب، والأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار، والأدوية المضادة للاكتئاب الموصوفة للشباب. في المحادثات حول هذه الظواهر، كانت وسائل التواصل الاجتماعي دومًا محورية، رغم أن قضايا الصحة العقلية يمكن أن يكون لها عوامل مساهمة متعدّدة.
أجرى البحث مركز NORC (كان يعرف سابقًا باسم المركز الوطني لأبحاث الرأي) في جامعة شيكاغو، وشمل البحث 1274 مراهقًا (تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا) وشبابًا (تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عامًا)، شاركوا عبر الإنترنت بين أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
وبحسب البيان، فإنّ الشباب "قدموا التوجيه والمدخلات في ما يتعلق بمحتوى الدراسة الاستقصائية"، وشاركوا في مجموعات التركيز والمقابلات لمساعدة فريق البحث على تحديد الأولويات وتفسير النتائج. ويعتبر التقرير الثالث ضمن سلسلة تتبع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الرفاهية بين الشباب.
ووجد الباحثون أن معدل أعراض الاكتئاب بين الشباب انخفض بنحو 10% عن أعلى مستوياته خلال الجائحة، لكنه لا يزال مرتفعًا وقابلًا للمقارنة بالمستويات المرتفعة لعام 2018. وأفاد قرابة نصف الشباب أنهم يعانون من الاكتئاب بمستويات متعددة، وقرابة الثلث (28%) قالوا إنهم يعانون من أعراض متوسطة إلى شديدة.
بالإضافة إلى ذلك، أبلغ حوالي نصف شباب مجتمع الميم عن أعراض اكتئاب متوسطة إلى حادة، مقارنة بنحو ربع أقرانهم من غير مجتمع الميم.
كان المصابون بالاكتئاب أكثر عرضة للمقارنة الاجتماعية، والضغط، لإظهار أفضل ما لديهم على وسائل التواصل الاجتماعي. لكنهم كانوا أيضًا أكثر عرضة للعثور على موارد لدعم رفاهيتهم وتنظيم ملفهم الإخباري لهذا الغرض، وذلك من خلال اختيار زر "غير مهتم" على المحتوى الذي لا يستسيغونه، أو الإبلاغ عن محتوى غير لائق أو مسيء، أو حظر شخص ما لأن المحتوى الذي يقدمه أزعجهم.
يقوم هؤلاء الشباب أيضًا بتنظيم الملف الإخباري لديهم على نحو إيجابي من خلال الإعراب عن "إعجابهم" وقضاء المزيد من الوقت في المحتوى الذي استمتعوا به، نظرًا لأن العديد من خوارزميات الوسائط الاجتماعية تعمل من خلال منحك المزيد من المحتوى بناءً على مستوى تفاعلك مع موضوعات معينة.
كان هذا مهمًا بشكل خاص لشباب مجتمع الميم الذين واجهوا، بالتوازي مع الشباب السود واللاتينيين، المزيد من التعرض للمضايقات والتوتر عبر الإنترنت.
وقالت الباحثة الرئيسية أماندا لينهارت ورئيسة قسم الأبحاث لدى Common Sense Media لـCNN: "في مجموعات التركيز، أخبرنا الشباب ذوي البشرة الداكنة أنّ تجاربهم مع التحرش الشخصي قللت من تسامحهم مع السلوك المماثل على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أنهم كانوا أكثر استعدادًا للتخلي عن الفوائد لحماية أنفسهم من التعليقات البغيضة".
وقال الدكتور ميتش برينشتاين، كبير مسؤولي العلوم في جمعية علم النفس الأمريكية، غير المشارك في الدراسة، لـCNN، إن النتائج تؤكد ما رآه العديد من الباحثين علميا وكمَرْويات.
وسائل التواصل الاجتماعي والصحة العقلية
كما كشف العديد من المشاركين عن الإيجابيات التي اكتسبوها من وسائل التواصل الاجتماعي، مستشهدين بالمنصات الإلكترونية كمكان لطلب الدعم والمشورة، وتخفيف الضغط، والتواصل مع أحبائهم والآخرين الذين يشاركونهم تجاربهم أو اهتماماتهم أو هوياتهم، والبقاء على دراية بالمستجدات، ومواكبة المؤثرين المفضلين لديهم، أو منشئي المحتوى.
وقال لينهارت: "النتيجة المهمة الأخرى هي أهمية وسائل التواصل الاجتماعي كمساحة للتواصل، والإبداع، والفرص المهنية للشباب ذوي البشرة الداكنة".
من جهته، شجّع الدكتور دوغلاس جينتيلي، أستاذ علم النفس المتميز في جامعة ولاية أيوا، على توخي "الحذر في تفسير هذه البيانات (المبلغ عنها ذاتيا)".
وأضاف جنتيلي، غير المشارك في البحث: "الناس سيئون بشكل مدهش في معرفة تأثيرات استخدام وسائل الإعلام على أنفسهم".
وتابع: "لا أقصد القول إن أحداً يكذب. غير أننا نرى فقط أجزاء صغيرة من كيفية تأثير وسائل الإعلام علينا".
ووجد الباحثون أن نحو ربع المشاركين أفادوا باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مستمر تقريبًا طوال اليوم، بزيادة 7٪ عن المعدل الذي وجده المؤلفون في تقريرهم لعام 2018. وأبلغ العديد من الشباب عن عدم قدرتهم على التحكم في استخدامها، وتشتيت وسائل التواصل الاجتماعي عن القيام بأنشطة أخرى، واللجوء بلا وعي إلى وسائل التواصل الاجتماعي عند شعورهم بالملل. ولمواجهة هذه السلوكيات، علاوة على تخصيص ملف الأخبار، أخذ الكثيرون أيضًا فترات راحة من وسائل التواصل الاجتماعي لتجنب الإغراء، أو حذفوا حساباتهم بشكل دائم.
وقال برينشتاين: "يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تقدم (المزيد) من الفوائد للشباب إذا تم تصميمها للتركيز بشكل أساسي على رفاهية الشباب عوض التركيز على إبقاء الأطفال منخرطين لأطول فترة ممكنة بهدف تحقيق ربح مادي من بياناتهم".
ونصحت لينهارت بمحاولة إجراء فحص عاطفي أثناء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو بعدها. "اسأل نفسك: كيف أشعر الآن؟ هل رأيت أي شيء جعلني أشعر بالحزن؟".
وأضافت لينهارت أن أخذ استراحة مؤقتة أو دائمة من المحتوى الذي يسبب أكبر قدر من الضيق قد يكون مفيدًا، خصوصًا إذا كنت تعاني بالفعل من الاكتئاب.
وتوجهت لينهارت إلى الأهل بضرورة الحفاظ على قنوات التواصل مفتوحة"، لأنها أفضل طريقة لإدارة استخدام ابنك المراهق لوسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار برينشتاين إلى أن مشاركة الوالدين مهمة، حيث أعرب الشباب عن أسفهم لأن أهلهم سمحوا لهم باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في سن مبكرة، متمنين أن يتمكنوا من العودة بالزمن وإخبارهم بعدم الاستسلام لمطالبهم.
وأشارت لينهارت إلى ضرورة سؤال المراهقين في حياتك عما يحبونه على هذه المنصات، وما هي أنواع الاتصالات أو الأنشطة التي تدعم صحتهم العقلية. دعهم يعرفون أنك موجود للمساعدة في إيجاد حل إذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي تزعجهم أو تتداخل مع مسؤولياتهم الأخرى.
وخلصت لينهارت إلى ضرورة"احترام أن كل شاب هو خبير في تجربته الحياتية الخاصة. الشباب هم أساتذة قيّمون بصفتهم الشخصية".