دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- نجح باحثون في إنشاء واحدة من أولى الخرائط الشاملة لكيفية تغير الدماغ أثناء فترة الحمل، وهو ما يمثل تطورًا في فهم مجال لم يُدرس بشكل كافٍ.
وذكرت الدراسة التي نُشرت في الدورة العلمية "Nature Neuroscience" أن حجم مناطق معينة في الدماغ قد يتقلص أثناء الحمل، ولكن هذه المناطق تتحسنّ في الاتصال بما بينها مع بقاء عدد قليل فقط من مناطق الدماغ من دون مساس بالانتقال إلى مرحلة الأمومة.
وتستند النتائج إلى امرأة تتمتع بصحة جيدة تبلغ من العمر 38 عامًا، قام مؤلفو البحث بدراسة وضعها الصحي خلال فترة تتراوح ما بين ثلاثة أسابيع قبل الحمل إلى عامين بعد ولادة طفلها.
وخضعت الدكتورة إليزابيث كراستيل، وهي أستاذة في جامعة كاليفورنيا، للتخصيب في المختبر. وأرادت استخدام نفسها كمشاركة في الدراسة.
وفي إفادة صحفية عن الدراسة، قالت المؤلفة الرئيسية للدراسة الدكتورة إميلي جاكوبس، وهي الأستاذة المساعدة في قسم العلوم النفسية والدماغية بجامعة كاليفورنيا في مدينة سانتا باربرا: "هناك الكثير من الأمور المتعلقة بعلم الأعصاب أثناء الحمل التي لا نفهمها بعد".
وأضافت أن ذلك يُعد "نتيجة لحقيقة أن العلوم الطبية الحيوية تجاهلت تاريخيًا صحة المرأة"، موضحة: "نحن الآن في عام 2024، وهذه أول لمحة لدينا عن هذا التحول العصبي الحيوي الرائع".
ويمكن لحوالي 85% من النساء النشطات جنسياً اللاتي لا يستخدمن أي وسيلة لمنع الحمل أن يتوقعن الحمل في غضون عام، بينما هناك 208 مليون امرأة تحملن كل عام.
وتميل الدراسات البشرية إلى الاعتماد على التصوير الدماغي وتقييمات الغدد الصماء التي جُمعت من الأفراد خلال نقطة زمنية واحدة.
وأشارت جاكوبس إلى أن "هذا النوع من نهج المتوسط الجماعي لا يمكن أن يخبرنا بأي شيء عن كيفية تغير الدماغ يومًا بعد يوم أو أسبوعًا بعد أسبوع مع تدفق الهرمونات".
ويستخدم مختبر جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا طرق تصوير دقيقة لفهم كيفية استجابة الدماغ للتحولات الرئيسية التي تحدث في الغدد الصماء العصبية مثل الدورة اليومية، والدورة الشهرية، وانقطاع الطمث وأحد أكبر التحولات الغدد الصماء العصبية التي يمكن للإنسان أن يمر بها، أي الحمل.
كيف يؤثر الحمل على دماغ الأم؟
أجرت جاكوبس وزملاؤها 26 فحصًا بالرنين المغناطيسي واختبارات دم على الأم لأول مرة، ثم قارنوا هذه النتائج بالتغيرات الدماغية التي لوحظت لدى ثماني مشاركات بمجموعة التحكم من غير الحوامل.
وبحلول الأسبوع التاسع من الحمل، وجد المؤلفون انخفاضًا واسع النطاق في حجم المادة الرمادية وسمك القشرة المخية، وخاصة في مناطق مثل شبكة الوضع الافتراضي، التي ترتبط بالوظائف المعرفية الاجتماعية.
وتُعتبر المادة الرمادية بمثابة نسيج دماغي أساسي يتحكم في الأحاسيس والوظائف مثل الكلام، والتفكير، والذاكرة.
وبعد بلوغ الذروة أثناء الطفولة، ينخفض سمك القشرة المخية طوال عمر الفرد.
وأظهرت الفحوصات أيضًا زيادة في السائل النخاعي وبنية المادة البيضاء في الثلثين الثاني والثالث من الحمل، وكلها مرتبطة بارتفاع مستويات هرموني الإستراديول والبروجسترون.
ويساعد السائل النخاعي في توفير التغذية والحماية وإزالة النفايات للدماغ. وتحفز المادة البيضاء مناطق الدماغ على التواصل ومعالجة المعلومات.
وظلت بعض التغييرات، بما في ذلك حجم القشرة المخية وسمكها، لمدة عامين بعد الولادة، في حين عادت أخرى إلى مستويات مماثلة لتلك التي كانت عليها فترة ما قبل الحمل بعد حوالي شهرين من الولادة. وبالمقارنة مع المجموعة المرجعية، كان التغير في حجم المادة الرمادية لدى المرأة أعلى بثلاث مرات تقريبًا.
من جانبها، قالت الدكتورة جودي باولوسكي، وهي عالمة أعصاب، لم تشارك في البحث: "هذه الدراسة أساسية في وضع الأساس للبحوث المستقبلية من خلال توفير البيانات التي تسمح باستكشاف مزيد من التفاصيل والنظر فيما يتعلق بكيفية دعم التغيرات الصحية في الدماغ أثناء الحمل (لدى الأم التي من المرجح أن تؤثر على الجنين النامي)".
وأوضحت الدكتورة ماجدالينا مارتينيز جارسيا، وهي باحثة ما بعد الدكتوراه في علم الأعصاب البشري لدى مختبر جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، التي لم تشارك في البحث، أن دراسة الحالة "تعمل أيضًا كدليل على أن دراسات التصوير الدقيق مجهزة جيدًا للكشف عن النطاق الديناميكي الكامل للتغيرات الدماغية التي تتكشّف أثناء فترة الحمل".