دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كشف تقرير علمي جديد نشرته جمعية القلب الأمريكية الخميس، أن الحفاظ على حدة عقلك مع تقدمك في السن متّصل بصحة قلبك.
وأفاد الدكتور فرناندو تيستاي، أستاذ علم الأعصاب وإعادة التأهيل بكلية الطب في جامعة إلينوي بمدينة شيكاغو الأمريكية في بيان: "يُنظر إلى الخرف بشكل عام على أنه مرض غير قابل للشفاء، ولا هوادة فيه، ولا يمكن الوقاية منه".
وأضاف تيستاي، الذي ترأس مجموعة كتابة التقرير: "تُظهر الأدلة، أنّ تبنّي نمط حياة صحّي وتحديد عوامل الخطر الوعائية، وعلاجها في وقت مبكر، قد يساعد في الحفاظ على وظائف الدماغ الطبيعية، وتقليل عبء مرض الزهايمر وغيره من أنواع الخرف المرتبطة به".
وأفادت جمعية القلب الأمريكية أنّ نحو 130 مليون بالغ في الولايات المتحدة يعانون من أحد أشكال أمراض القلب.
وقال الدكتور أندرو فريمان، مدير الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية والعافية في مؤسسة الصحة اليهودية الوطنية في مدينة دنفر الأمريكية، إنّ تبني نمط حياة صحي للقلب يجب أن يبدأ في وقت مبكر من الحياة، حتى قبل ولادة الطفل.
وأوضح فريمان، غير المشارك في كتابة بيان جمعية القلب الأمريكية، أنّ "اللعنة النموذجية تتمثّل بأننا نعمل بجد طوال حياتنا. نوفر أموالنا، ونستعد للتقاعد، ثم نصاب بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية والخرف، وهي الأمراض التي يمكن تجنبها إذا تمكنا من التصرّف في وقت مبكر بما فيه الكفاية، وتغيير أنماط حياتنا".
الخرف واللويحات في الشرايين
ذكرت منظمة الصحة العالمية، أنّ مرض القلب التاجي، عبارة عن تراكم اللويحات في شرايين الجسم، ويُعتبر القاتل الرئيسي في العالم. وقالت منظمة الصحة العالمية إنّ الوفيات الناجمة عن مرض الشريان التاجي ارتفعت من 6.4 مليون في عام 2000 إلى 9.1 مليون في عام 2021..
وأفادت جمعية القلب الأمريكية أنّ تضييق الشرايين الذي يحدث مع مرض القلب التاجي، وارتفاع ضغط الدم يمكن أن يقلّل من تدفّق الدم، ويسبّب تلف الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ، ما يؤدي إلى ضعف الإدراك.
وتابعت الجمعية أنه يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري من النوع 2 أيضًا إلى تقليل تدفق الدم للدماغ، وزيادة الالتهاب، ما يتسبب بالتدهور المعرفي والخرف.
وأظهر تقرير جمعية القلب الأمريكية أنّ الإصابة بمرض القلب التاجي تزيد من خطر الإصابة بالخرف في المستقبل بنسبة 27٪ مقارنة بالأشخاص غير المصابين بأمراض القلب. يمكن أن يبدأ المرض في الأربعينيات والخمسينيات من عمر الشخص، وغالبًا لا تظهر عليه أعراض مرئية تنبه الشخص إلى الخطر.
النوبات القلبية وقصور القلب
وفقًا لتقديرات جمعية القلب الأمريكية في تقريرها العلمي، يُصاب كل 40 ثانية تقريبًا، شخص ما في الولايات المتحدة بنوبة قلبية. وبعد حدوث ذلك، يعاني نحو 50% من الناجين من فقدان وظائف الدماغ، ويتعرّض البعض لتدهور حاد في الإدراك.
ويُعتبر قصور القلب أكثر شدة من أمراض القلب، حيث يكون القلب ضعيفًا جدًا فلا يتمكن من ضخ ما يكفي من الدم والأكسجين إلى أعضاء الجسم.
وبحسب التقرير العلمي الجديد، يمكن أن يعاني قرابة 81٪ من الأشخاص المصابين بقصور القلب من أحد أشكال التدهور المعرفي الذي يؤثر على ذاكرتهم، أو لغتهم، أو قدرتهم على التفكير والتخطيط.
وقال تيستاي لـCNN: "تشير الأدلة الناشئة إلى أن العلاقة الثنائية بين القلب والدماغ أعمق مما كنا نعتقد. فعوامل الخطر الوعائية المرتبطة بأمراض القلب، مثل مرض السكري، قد تزيد من مستويات بيتا أميلويد في الدماغ. وهو ما يُعرف بأنه علامة رئيسية لمرض الزهايمر".
وتابع: "في المقابل، تم العثور على بيتا أميلويد في القلب ويرتبط بخلل في وظائف القلب. تشير هذه النتائج إلى وجود صلة كيميائية حيوية أساسية بين القلب والدماغ".
الرجفان الأذيني والخرف
يُعرف الرجفان الأذيني بأنه نبض قلب غير منتظم يصفه الكثير من الأشخاص الذين يعانون منه بأنه "ارتعاش" أو "خفقان" أو "انقلاب" للقلب في الصدر.
يُعتبر الرجفان الأذيني السبب الرئيسي للسكتة الدماغية في الولايات المتحدة. وبحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، تميل السكتات الدماغية المرتبطة بالرجفان الأذيني إلى أن تكون "أكثر حدة من السكتات الدماغية ذات الأسباب الكامنة الأخرى".
ووفقًا للتقرير العلمي الجديد، فإنّ النزيف الدماغي الصغير الذي يُسمى النزيف المجهري، يمكن أن يؤدي إلى تدهور معرفي أكثر شيوعًا لدى الأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني. في الواقع، يعاني الأشخاص الذين لدهم إصابة بالرجفان الأذيني من زيادة بنسبة 39٪ في خطر الإصابة بمشاكل الذاكرة أو التفكير.
التركيز على تغييرات نمط الحياة
وأشار فريمان إلى أنّ الطب الحديث يحتوي على أدوية مذهلة، مثل الستاتينات والأدوية الخافضة للكوليسترول، التي يمكنها منع أو إبطاء أمراض القلب، خصوصًا إذا تم اكتشافها باكرًا. وأضاف أن الفحوصات المنتظمة وتناول الأدوية الموصوفة على أساس يومي أمر بالغ الأهمية لتحقيق ذلك.
ولفت فريمان إلى أن "البشر صُمموا ليعيشوا حياة مختلفة تمامًا عمّا نعيشه اليوم، ومن الضروري أن يفهم الناس مدى أهمية نمط الحياة".
ما هي العوامل الرئيسية لنمط الحياة التي تعزز صحة الدماغ؟
- إعطاء الأولوية للنوم
الحصول على قسط كافٍ من الراحة يعزز الحالة المزاجية، ويحسن الطاقة، ويشحذ الدماغ. وجدت دراسة أجريت في يناير/ كانون الثاني أنّ الأشخاص الذين يعانون من انقطاع النوم في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر هم أكثر عرضة بمقدار الضعف للإصابة بمشاكل في الذاكرة والتفكير بعد عقد من الزمان.
- التركيز على العناصر الغذائية
تأكد من تناول نظام غذائي صحي قائم على النباتات، مثل النظام الغذائي المتوسطي الحائز على جوائز.
وجدت دراسة أجريت في أغسطس/ آب أن تناول نظام غذائي مضاد للالتهابات يتكون من الحبوب الكاملة، والفاكهة، والخضار، عوض النظام الغذائي المضاد للالتهابات الذي يركز على اللحوم الحمراء والمعالجة والأطعمة فائقة المعالجة، مثل الحبوب السكرية، والمشروبات الغازية، والبطاطس المقلية، والآيس كريم، يقلل من خطر الإصابة بالخرف بنسبة 31%.
- تقليل التوتر
وجدت دراسة أجريت في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، أنّ ارتفاع مستويات الكورتيزول، وهرمون التوتر، ارتبط بتلف أجزاء الدماغ التي تحرك المعلومات وتديرها.
ووجدت دراسة أخرى نُشرت في مارس/ آذار 2023، أن الأشخاص الذين يعانون من مستويات مرتفعة من التوتر كانوا أكثر عرضة بنسبة 37٪ للإصابة بضعف الإدراك.
- التمرين أمر بالغ الأهمية
ركز فريمان على أنه في حال كان هناك من تغيير واحد في نمط حياتك ترغب بالقيام به، فركز على التمرين. يجب على البالغين ممارسة 150 دقيقة من النشاط متوسط الشدة، أو 75 دقيقة من النشاط القوي أسبوعيا، بالتوازي مع تدريب القوة.