دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في أواخر العام الماضي، كانت مساعدة التنسق، عبير العداني تراجع عناصر من المجموعات التي يحتضنها متحف جامعة "أبردين" في اسكتلندا عندما صادفت قطعة لا يبدو أنها تنتمي للمكان.
ولاحظت العداني المصرية الأصل، والتي أمضت عقداً في العمل في المتحف المصري في القاهرة، العلم السابق للبلاد على علبة سيجار متواضعة.
وفتحت العداني العلبة لتجد قطعاً صغيرة من الخشب بداخلها، وبعد التحقق باستخدام سجلات المتحف، أدركت أنها عثرت على قطعة أثرية مفقودة من الهرم الأكبر في الجيزة، والتي كانت محور لغز أثري مستمر.
وأُخذت ثلاثة أشياء فقط من داخل الهرم الأكبر، وهي ثلاثة قطع تعرف باسم "Dixon Relics"، أي "آثار ديكسون"، وفقًا لجامعة "أبردين".
وتتواجد قطعتان من المجموعة، وهما كرة وخطاف، الآن في المتحف البريطاني.
ولكن كان العنصر الثالث، وهو عبارة عن شظايا انتمت إلى قطعة أكبر بكثير من خشب الأرز، مفقودة منذ أكثر من 70 عاماً، وفقاً لما أضافته الجامعة.
وقالت العداني في بيان صحفي صادر عن الجامعة: "بمجرد أن نظرت في الأرقام الموجودة في سجلاتنا الخاصة بمصر، أدركت على الفور ما هي، وأنها كانت فعلياً مخفية على مرأى من الجميع في المجموعة الخاطئة".
وأضافت العداني: "أنا عالمة آثار، وعملت في الحفريات في مصر، ولكنني لم أتخيل أبداً أن شمال شرق اسكتلندا سيكون المكان الذي أجد فيه شيئاً مهماً جداً لتراث بلادي".
ويبلغ ارتفاع الهرم الأكبر 139 مترا، وبني منذ حوالي 4،500 عام، وهو يُعد الأكبر من مجموعة من الأهرامات في الجيزة، وأقدم عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، وموقع جذب سياحي رئيسي.
ويتكون الهرم من أنفاق ضيقة يصعب على الأشخاص تسلقها.
وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، اعتاد علماء الآثار والباحثون على استخدام التفجير لمحاولة شق طريقهم إلى الغرف الداخلية.
ولتجنب إلحاق المزيد من الأضرار بالهياكل القديمة، يستخدم علماء الآثار الحديثون الآن تكنولوجيا مثل الروبوتات والكاميرات المُتحكمة عن بُعد لاستكشاف ما بداخلها.
وإلى الآن، لم يتمكن علماء الآثار من الوصول إلا إلى ثلاث غرف معروفة في الهرم الأكبر.
واكتُشفت الآثار لأول مرة في عام 1872 داخل غرفة الملكة بالهرم بواسطة المهندس وينمان ديكسون، بمساعدة صديقه الذي تخرج من جامعة "أبردين"، جيمس جرانت.
وقالت الجامعة إن ديكسون أخذ الكرة والخطاف، بينما أخذ جرانت قطعة الخشب.
وبعد وفاة جرانت في عام 1895، ورثت الجامعة مجموعاته، وتبرعت ابنته بـ"قطعة من الأرز بطول خمسة بوصات" في عام 1946.
وبسبب عدم تصنيفها بشكل صحيح أبداً، ظلت القطعة مخفية لعقود رغم "البحث المكثف" عنها، وذلك إلى أن اكتشفتها العداني بالصدفة في مجموعة لآسيا.
وأشارت العداني إلى أن البحث عن القطعة أشبه بـ"العثور على إبرة في كومة من القش"، إذ تحتضن الجامعة مجموعات ضخمة تصل إلى مئات الآلاف من العناصر.
وهناك نظريات مختلفة حول الغرض من قطعة الخشب وتاريخ نشأتها، ويعتقد بعض الباحثين أنها جزء من أداة قياس أكبر، وهم يتوقعون أنها قد توفر أدلة حول كيفية بناء الأهرامات الشاهقة.
وكشفت عملية التأريخ بالكربون المشع أن الشظايا تعود إلى حوالي 3341 إلى 3094 قبل الميلاد، أي قبل قرون من بناء الهرم الأكبر.
ويُعتقد أن قطعة الخشب الأكبر التي نشأت منها، والتي لا تزال داخل الهرم الأكبر، شوهدت بواسطة كاميرا روبوتية في عام 1993، ولا يمكن الوصول إليها الآن.
وقال رئيس المتاحف والمجموعات الخاصة في جامعة "أبردين"، نيل كيرتيس، في البيان: "إنها أقدم مما كنا نتخيله. وقد يكون ذلك لأن التاريخ يتعلق بعمر الخشب، وربما من قلب شجرة معمرة".