دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يتم إحياء آلاف الصور التاريخية من جميع أنحاء أيرلندا باستخدام الألوان لأول مرة، وذلك بفضل مشروع جديد للصور يقوده الذكاء الاصطناعي.
وخلال الجمع بين التكنولوجيا الرقمية، والبحث التاريخي المضني، تمكن جون بريسلين، وسارة آن باكلي، وهما أستاذان من جامعة أيرلندا الوطنية، من تحويل الصور التي التُقطت في الأصل باللونين الأبيض والأسود إلى مشاهد غنية بالألوان.
وتمتد المجموعة على مدى قرون، ومختلف مناطق أيرلندا، وهي تتضمن صوراً لشخصيات مهمة، بالإضافة إلى لحظات حاسمة في التاريخ، مثل إبحار سفينة "تيتانيك" من حوض بناء السفن في بلفاست، حيث تم تشييدها.
ورغم ذلك، إلا أن الصور الأكثر جاذبية تُظهر مشاهد من الحياة اليومية.
وبينما يتجلى الفقر في صور القرويين الحفاة الذين يتزاحمون لالتقاط صورة، أو المباني السكنية للطبقة العاملة في دبلن، تتضمن المجموعة أيضاً صوراً لعائلات ميسورة، وأخرى لأنشطة التسلية الخاصة بالطبقة العليا، مثل صيد الثعالب.
وفي مقابلة هاتفية، قال بريسلين: "كانت هناك طبقات اجتماعية مختلفة في أيرلندا، كما هو الحال في العديد من البلدان، ولذلك، أعتقد أنه من المهم إظهار النطاق الكامل".
ولدى مشروع "Old Ireland in Color" الآن حسابات مخصصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتمتع بعشرات الآلاف من المتابعين.
ويحتضن كتاب جديد يحمل العنوان ذاته أكثر من 170 صورة تُظهر الحياة من أربعينيات القرن التاسع عشر، وحتى الستينيات.
التعلم العميق
وانطلق المشروع عندما بدأ بريسلين بعمل التجارب باستخدام الصور القديمة لأجداده في مشروع شخصي بمجال علم الأنساب.
وبعد اكتشافه لأداة تلوين تعمل بالذكاء الاصطناعي تُدعى "DeOldify"، بدأ بريسلين بتطبيق هذه التقنية على صور من الأرشيفات، والمكتبات في جميع أنحاء أيرلندا.
وباستخدام عملية تُعرف باسم التعلم العميق، يمكن تعليم برامج الذكاء الاصطناعي كيفية التلوين.
وتتضمن عملية "التدريب" تحليل آلاف الصور الملونة العادية، بالإضافة إلى النسخ البيضاء والسوداء من الصور ذاتها، وذلك لمساعدة البرنامج بفهم الألوان التي ترتبط بأشكال محددة في الصور، بحسب ما ذكره بريسلين، المتخصص في الهندسة وعلوم الكمبيوتر.
ولكن، للذكاء الاصطناعي حدوده.
وكانت هناك سمات معينة للحياة في أيرلندا، لم يتم تدريب البرامج المُطورَة في الولايات المتحدة على التعرف إليها.
وقد يكون اللون الاعتيادي للأسقف حول العالم برتقالياً، أو بنياً على سبيل المثال.
ولكن في أيرلندا، كانت الأسقف رمادية، أو سوداء، بحسب ما قاله بريسلين.
وهنا، برز دور باكلي، وهي متخصصة في التاريخ الاجتماعي الأيرلندي، في المشروع.
وأجرى الثنائي بحثاً حول الملابس والأصباغ المتوفرة في أيرلندا في ذلك الوقت، إضافةً للأزياء الرسمية لمختلف الوحدات العسكرية، وذلك قبل تغيير الألوان يدوياً بناءً على ما وجداه.
الجدل حول التلوين
ورغم الجهد الذي بذله الباحثان، إلا أنه لا يزال تلوين الصور عملية مثيرة للجدل بين الأكاديميين.
ويعتقد بعض المؤرخين أن نتائج برامج مثل "DeOldify" يمكن أن تكون مضللة، ومشوشة لمحتوى الصور القديمة، بدلاً من كونها مُحسنَة لها.
ولكن قال بريسلين إن هذه الممارسة "ليست جديدة"، مضيفاً أن الأشخاص قاموا بتلوين الصور "منذ ظهور التصوير الفوتوغرافي"، وإن كان ذلك بدون مساعدة الذكاء الاصطناعي، أو برامج أخرى مثل "فوتوشوب".
وأكد بريسلين أن صوره لا تستبدل الصور الأصلية.
وقال بريسلين: "من المهم أن تكون لدينا القدرة على الارتباط بتاريخنا بشكل أكبر"، ويساهم التلوين في ذلك بشكل مؤكد.