دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- ليس اسم إستير هاولاند مألوفًا لغالبية الأمريكيين، ولكن أولئك الذين درسوا التاريخ وراء البطاقات المزخرفة المصنوعة يدويًا، والتي بدأت في صنعها منذ حوالي 175 عامًا، يرون أنّ اسمها يستحق الشهرة.
وقالت منسقة المعارض بمتحف "ورسستر" التاريخي في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، فانيسا بومبوس: "لقد كانت مارثا ستيوارت الخاصة بعصرها".
وعاشت هاولاند في مدينة ورسستر الأمريكية وأنشأت مشروعًا تجاريًا في ماساتشوستس جَلَب لها الشهرة والثروة أثناء حياتها، وأكسبها لقبًا بقي لفترةٍ طويلة بعد وفاتها في عام 1904، وهو "والدة عيد الحب الأمريكي".
ولم تخترع هاولاند بطاقات عيد الحب أو تجلبها إلى الولايات المتحدة، ولكن يُنسب إليها الفضل في نشر شعبية البطاقات المزخرفة التي أصبحت عنصرًا أساسيًا باحتفالات عيد الحب في البلاد، والتي ازدهرت في النهاية لتتحول إلى صناعة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
وأكّدت رئيسة الرابطة الوطنية لهواة جمع مقتنيات عيد الحب، نانسي روزين: "لقد كانت (هاولاند) صاحبة رؤية. الكثير ممّا نفكّر به كجزء من عيد الحب عبارة عن أشياء صنعتها. لقد قامت بنشر عيد الحب في أمريكا".
وفعلت هاولاند ذلك بأناقة، إذ شرحت روزين: "استخدمت الكثير من طبقات الدانتيل، والكثير من الزخارف المتقنة".
وأُرفِقت العديد من تصاميم هاولاند بعلامة مميزة وهي حرف H أحمر اللون، وأفادت روزين أنّها قادرة على التعرف إلى أعمالها الأخرى التي من المحتمل أن تكون ضمن أعمال هاولاند، رُغم عدم تمتعها بالعلامة.
وقالت روزين: "لا أعتقد أنّها وضعت توقيعها عليها حتّى بدأت تحصل على منافسة".
وكانت الرسالة مخفية في الداخل دائمًا.
ورأت روزين أنّ الطابع الفني الذي تميّزت به بطاقات هاولاند ليس ما يجذب انتباه هواة الجمع فقط، بل القصة وراءها أيضًا.
خط تجميع عيد الحب
وتخرّجت هاولاند من جامعة "ماونت هوليوك" في عام 1847، ووفقًا للقصة، استوحت إلهامها من بطاقة عيد الحب التي تلقتها من إنجلترا في ذلك العام.
وقالت بومبوس: "لقد فكّرَتْ هاولاند أنها تستطيع فعل ذلك".
وهكذا بدأت هاولاند، الذي امتلك والدها متجرًا للقرطاسية، في صنع بطاقات عيد الحب الخاصة بها.
وأقنعت والدها بطلب المواد، وطلبت المساعدة من نساء أخريات في الطابق الثالث من منزل عائلتها.
وشرحت بومبوس قائلة: "لقد جلسن في صفوف على جانبي الطاولات، وقاموا حرفيًا بتمرير بطاقات عيد الحب حتّى يتمكن كل شخص من إضافة ما يريد".
وكانت العملية أكثر كفاءة، ولكن تم القيام بها يدويًا، ما أدى إلى بعض الفروقات.
وأوضحت بومبوس: "لم تكن هناك بطاقة تُشبه الأخرى"، ومن ثم أضافت: "كانت (هاولاند) قد تخرجت حديثًا، وأطلقت مشروعها الخاص".
وعَلِم الأشخاص بشأن مشروعها عبر التحدث عنه شفهيًا.
ولكن بمجرّد أن بدأت هاولاند في الترويج لمشروعها، زادت شعبية بطاقات عيد الحب الخاصة بها، وسرعان ما بيعت في جميع أنحاء البلاد، وفقًا لما ذكرته روزين، والتي شاركت تاريخ هاولاند على موقعها عبر الإنترنت.
ويزداد هذا الإنجاز أهمية عند النظر لوقت حدوثه.
وبحسب ما ذكرته السيرة الذاتية المنشورة على موقع جامعة "ماونت هوليوك" عبر الإنترنت، كانت هاولاند رائدة بالصناعة "في وقتٍ لم تتوفر لغالبية النساء فرصة العمل، ناهيك عن اتخاذ دور قيادي".
وفي النهاية، دخلت هاولاند بشراكة مع إدوارد تافت، الذي كانت عائلته تعمل أيضًا في صنع بطاقات عيد الحب، لتشكيل شركة "New England Valentine".
واشترت شركة "George C. Whitney"، ومقرها في ورسستر أيضًا، تلك الشركة في عام 1880 تقريبًا، وتركت هاولاند صناعة بطاقات عيد الحب لرعاية والدها المريض.
وتُوفيت في عام 1904 عن عمرٍ يناهز 75 عامًا.
وقالت بومبوس إنّها "لم تتزوج قط، وهو أمر نجده دائمًا من المفارقات. ولكن حققت تجارتها نجاحًا كبيرًا".
وكانت المدينة التي بدأت فيها هاولاند شركتها، تُعرف كعاصمة عيد الحب في الولايات المتحدة لأعوام طويلة، إلى أن أدى نقص الأوراق في الحرب العالمية الثانية إلى توقف الأعمال التجارية.
إرث "عيد الحب" لا يزال قائمًا
وبينما لا يعرف العديد من الأمريكيين عن هاولاند اليوم، إلا أن القصة مختلفة في ورسستر.
وأشارت بومبوس إلى أنّ الغرفة التي يجتمع فيها مجلس المدينة تحمل اسم هاولاند.
ويجتمع البالغون في مصنع الجعة المحلي والمتحف لحضور ورش عمل صناعة البطاقات.
ويقوم الأطفال من المدارس المحلية بتصميم بطاقات خاصة بهم عندما يتعرفون على قصة هاولاند، كما شاركوا هذا العام بالمئات من التصاميم في مسابقة تصميم بطاقات عيد الحب السنوية في دورتها الـ45، برعاية المتحف والمكتبة.