أنحف ساعة ميكانيكية في العالم روسيّة الصنع.. ما قصّتها؟

ستايل
نشر
7 دقائق قراءة
dsc02780.jpg
صانع الساعات كونستانتين تشايكين أثناء عمله على النموذج الأولي لساعته ThinKing التي تبلغ سماكتها 1.65 ملم.تصوير: Konstantin Сhaykin

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في السنوات الأخيرة، كانت المنافسة على أشدّها بين عمالقة صناعة الساعات الأوروبية لتصميم أنحف ساعة ميكانيكية في العالم.

واحتفظت العلامات التجارية الفاخرة بولغاري وبياجيه وريتشارد ميل، منذ عام 2018، بالرقم القياسي المرغوب حتى حطّمته أخيرًا ساعة أوكتو فينيسيمو ألترا مارك 2 الأنيقة من بولغاري بسماكة 1.7 ملليمتر في أبريل/ نيسان.

لكن يبدو أنّ صانع ساعات ومخترع روسي مستقل تفوّق على الجميع حاليًا.

وقال كونستانتين تشايكين الذي يقيم في موسكو، إنّ النموذج الأوّلي الجديد من ساعة "ThinKing"، الذي عُرِض لأول مرة في معرض "Geneva Watch Days" بسويسرا الأسبوع الماضي، تبلغ سماكته 1.65 ملليمتر فقط (أقل من واحد على خمسة عشر من البوصة). ويُعتقد أن الساعة من بين الأخف في العالم، إذ تزن من دون حزامها 13.3 غرامًا فقط (أقل من 0.47 أونصة).

وأوضح تشايكين لـCNN، أنّه طوّر ابتكارات مختلفة لجعل تصميمه أرق "من دون المساس بوظيفته"، ضمنًا آلية التعبئة المدمجة في برميل الساعة. كما تتميز ساعة "ThinKing" بعجلة "توازن مزدوج" سمحت لتشايكين بتقليل عدد الطبقات في حركة الساعة.

أنحف ساعة
الساعة المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ التي قدمها كونستانتين تشايكين في جنيف الأسبوع الماضي، تعتبر النموذج الأولي الثاني من طراز ThinKing.تصوير: Courtesy Konstantin Сhaykin

بالتوازي، يمكن العثور على آليات لفّ الساعة، وضبط أقراصها، في علبة منفصلة بسماكة 5.4 ملليمتر، ما يوفر مساحة (رغم أنه يمكن أيضًا لف ساعة ThinKing بمفتاح). وأشار تشايكين إلى أنه قدم طلبات عدّة للحصول على براءات اختراع، ولم يحصل على أي منها حتى الآن.

صُنعت الساعة باستخدام الفولاذ المقاوم للصدأ وكربيد التنغستن، وهو مركب خفيف لكنّه صلب جدًا. وقال تشايكين، العضو الروسي الوحيد في أكاديمية الساعات المرموقة للمبدعين المستقلين، إنه يفكر أيضًا باستخدام الياقوت أو الماس في الإصدارات المستقبلية من الساعة، وفق ما نُشر على موقع علامته التجارية الإلكتروني. 

ومع فصله شاشات الساعات والدقائق عن بعضها البعض، بات التصميم أشبه بوجه، وهذه سمة مميزة لمجموعة صناعة الساعات "Wristmons"، إذ أن كل قرص محمي ببلورات ياقوت بسماكة 0.35 ملليمتر (0.014 بوصة).

سماكة أرّق

شكّل إنتاج ساعات فائقة النحافة، وموثوقة، ودقيقة، ومتينة بما يكفي لارتدائها، تحديًا تقنيًا كبيرًا لصانعي الساعات في العالم. لكن يبدو أن السباق لتصميم ساعات أرق من أي وقت مضى قد تسارع في السنوات الأخيرة.

وطرحت العلامة التجارية السويسرية بياجيه في عام 2018، أول ساعة "Altiplano Ultimate Concept" بسماكة 2 ملليمتر، لتصبح حينها أنحف ساعة في العالم، قبل أن تدخل حيز الإنتاج بعد عامين. ثم تصدرت شركة بولغاري العملاقة الفاخرة القائمة مع أول تكرار لساعة "Octo Finissimo Ultra"، والتي بلغت سماكتها 1.8 ملليمتر فقط.

سرعان ما أصبحت شركة صناعة الساعات ريتشارد ميل تصنع ساعات أرق بمقدار 0.05 ملليمتر، وهو فرق يعادل سماكة ورقة الطابعة، في عام 2022، مع ساعة "RM UP-01 Ferrari". ومن ثم استعادت بولغاري اللقب هذا العام بساعتها "Octo Finissimo Ultra Mark II" المذكورة أعلاه، وهي طراز محدود الإصدار  فاقت كلفته 500 ألف دولار.

ومع ذلك، قد يكون من الممكن اعتبار أن ساعة "ThinKing" التي صمّمها تشايكين تحمل الرقم القياسي، لكنها تثير نقاشًا في دوائر صناعة الساعات. (لا تحوي موسوعة غينيس للأرقام القياسية حاليًا على رقمٍ قياسي مستقل لأرقّ ساعة).

أولاً، تُعد ساعة "ThinKing" حاليًا مجرد نموذج أوّلي، ولم يتم تقييم وظائفها ودقتها بشكل مستقل بعد. ووصف جيمس ستاسي، رئيس تحرير مجلة الساعات الإلكترونية "Hodinkee"، هذه الساعة بأنها "قيد دراسة تصميم وهندسة في هذه المرحلة". وكتب الأسبوع الماضي، أنه "متأكد من أن أي نوع من تسجيل الأرقام القياسية سيكون من خلال ساعة مخصصة للإنتاج وليس من خلال ساعة غير مخصصة للإنتاج".

كما أن التصميم رقيق للغاية لدرجة أنه يتطلب حزامًا خاصًا يتميز بدعامات من التيتانيوم وحشوات مرنة لحمايته من الصدمات والضغوط الناتجة عن الارتداء اليومي.

أنحف ساعة
تقدم كونستانتين تشايكين بطلب للحصول على براءة اختراع لبرميل الساعة الرقيق جدًا، وعجلة التوازن المزدوجة، وتصميم الحزام. تصوير: Courtesy Konstantin Сhaykin

ومع ذلك، يعتقد تشايكين أن دقة قياس الوقت واحتياطي الطاقة لمدة 32 ساعة في النموذج الأولي تؤهله كي يكون حامل الرقم القياسي الجديد. ورحب بالتقييم الخارجي، قائلًا إنه خلال معرض "Geneva Watch Days" الذي استمر لخمسة أيام، تمكن مئات الأشخاص من فحص إبداعه.

وتابع: "تمكن الزوار من حمل الساعة بأيديهم، والتحقق من الوقت واختبار وظائفها. إنها خطوة جريئة من جانبنا أن نعرض النموذج الأوّلي على هذا النحو. لكنّ الساعة، لسعادتنا، تعمل بشكل مثالي، ولسعادة الزوار، كان يمكنهم لمس الساعة.. ومع ذلك، نحن مستعدون لإجراء جميع الاختبارات المستقلة اللازمة".

ولفت صانع الساعات إلى أنّه سيقدّم نسخة "نهائية" من تصميمه في معرض "Watches & Wonders" التجاري الذي يُقام أيضًا في جنيف، في أبريل/ نيسان المقبل. وبحلول ذلك الوقت، يجب أن يتميز التصميم المحدّث بدقة محسّنة، واحتياطي طاقة، و"إحكام"،  بالإضافة إلى عناصر أخرى.

وأوضح تشايكين أنّ سعر الساعة "غير معروف بعد".

وفي بيان منفصل، أفاد تشايكين، الذي أسس علامته التجارية لصناعة الساعات التي تحمل اسمه في عام 2003، أنه أصبح مهتمًا بالساعات ذات السماكة الرقيقة، بعدما صادف ساعة جيب رفيعة للغاية تعود للقرن التاسع عشر، من إنتاج شركة "Bagnolet"، قبل حوالي 20 عامًا.

واستوحى فكرة صنع ساعة بعدما تحداه أحد العملاء بتصميم ساعة رفيعة للغاية خاصة به. ونُقل عنه قوله: "لقد فكرت بداية باحتمالات عديدة، وخصّصت دفتر ملاحظات لإيجاد حلول تقنية".

كما قارن بيان تشايكين عملية تكوين الأجزاء الداخلية للساعة بالألغاز. وأضاف: "كما هي الحال مع أي لغز جيد، كان عليّ العبث والبحث عن حلول غير بسيطة، واختيار أفضل الخيارات، وحساب تدفقات الطاقة".