دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— قد تبدو هذه المشاهد كصور عادية من أحياء ومباني العاصمة اللبنانية، بيروت، ولكنها أكثر من ذلك بكثير بالنسبة للفنان اللبناني، ضياء مراد.
وتجتمع هذه الصور لتشكل مشروعًا يُدعى "Utilities" ناجم عن التحول التدريجي والجذري في أفق بيروت مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وعند الحديث عن السلسلة في مقابلة مع موقع CNN بالعربية، قال مراد إنّها "تستكشف التحولات في البنى التحتية في بيروت، مع التركيز على عناصر مثل الألواح الشمسية وخزانات المياه، والتي أصبحت ضرورية للحياة اليومية مع استمرار فشل الخدمات العامة".
البراعة والانهيار في آنٍ واحد
وأصبحت الألواح الشمسية منتشرة في جميع أنحاء المدينة، مع سعي سكانها إلى إيجاد بدائل موثوقة لشبكة الكهرباء العاجزة.
كما أصبحت خزانات المياه الخاصة ضرورية مع عدم انتظام إمدادات المياه العامة في المدينة.
ويرى مراد أنّ هذه العناصر ليست مجرد حلول وظيفية، فهي تعكس إعادة التفكير في كيفية تفاعل الأشخاص مع بيئتهم.
وأكّد الفنان: "تُظهر هذه الصور براعة الإنسان في مواجهة الشدائد، لكنها تحكي أيضًا قصة أعمق عن انهيار العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها".
وليس الفنان، الذي يقضي معظم وقته في بيروت، غريبًا عن هذا الوضع، فقال: "مثل العديد من سكان بيروت، اضطررت إلى إجراء تعديلات كبيرة على منزلي استجابة للانهيار البنيوي. الآن، أصبحت الألواح الشمسية تزوّد منزلي بالطاقة، ونحن نعتمد على خدمات توصيل المياه الخاصة".
تداعيات انفجار مرفأ بيروت وعوامل أخرى
وتشمل السلسلة أيضًا واجهات البنوك المحصّنة بشدّة، والتي يرى الفنان أنّها تجسد ديناميكية مختلفة، وشرح: " لم يتم إنشاء هذه الهياكل من قِبَل السكان، بل من قِبَل المؤسسات التي تحاول حماية نفسها من الغضب العام".
ومع فقدان الأشخاص القدرة على الوصول إلى مدخراتهم، قامت البنوك بتحصين مبانيها، ليس لحماية الجمهور ولكن "لتأمين مصالحها"، على حدّ تعبيره.
وتغير شكل بيروت بشكل كبير بسبب مجموعة من الأحداث، منها انفجار مرفأ بيروت في عام 2020 الذي دمّر أجزاء كبيرة من المدينة.
وفي حين لم يتعافَ لبنان من تداعيات انفجار المرفأ التي تُقدر خسائرها بمليارات الدولارات، فإن البلد يواجه اليوم خسارة اقتصادية أخرى مع استمرار الحرب في جنوبه مع إسرائيل.
ويتردد صدى مشروع مراد مع الأشخاص، سواءً كانوا من بيروت، أو من أماكن أخرى تعاني من انهيارات في البنى التحتية.
وأكّد اللبناني: " يتردد صدى العمل لأن هذه الأشياء، الدنيوية في سياق ما، تصبح رموزًا للتكيف والبقاء في سياق آخر. أجد أنّ هذا الارتباط بين ما هو محلي وعالمي هو الأكثر تأثيرًا، فهو يوضح كيف أنّ هذه الأشياء المادية جزء من تجربة إنسانية أوسع للتغلب على عدم الاستقرار".