دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يعتبر غالبية زوار هولندا أن أحد الاكتشافات الرائعة عند التجول في شوارع أمستردام أو المدن الأخرى هو أنه بإمكانك إلقاء نظرة داخل منازل الناس، عندما يحل الظلام.
والسبب أن العديد من الهولنديين لا يغلقون ستائرهم أبداً.
ولا يعتقد الهولنديون أن هذا أمر غير طبيعي، حيث تتداخل ثقافاتهم مع بعضها البعض إلى درجة أن الباحثين شعروا بالمعاناة لمعرفة سبب عدم اهتمامهم بخصوصياتهم.
هل هي عقلية "لدي ما أخفيه" أم هي عقلية "انظر إلى ما لدي"؟ أو كلاهما؟
يأتي التفسير الأكثر شيوعاً من التقاليد الدينية البروتستانتية للمذهب الكالفيني، التي تؤكد أنه لا يوجد ما يخفيه الناس.
ويمكن أن يشير إغلاق الستائر إلى خلاف ذلك، وعند السماح للأشخاص بالنظر إلى الداخل، أنت تخبرهم: "انظر، أنا شخص محترم".
وربما أيضاً أن تكون هذه رغبة الهولنديين في إبراز ممتلكاتهم.
ومع مرور الوقت، ارتفعت مستويات المعيشة، وأصبحت المواد والتصميمات الداخلية أكثر فخامة. وحتى الآن، يميل بعض الأشخاص إلى التباهي بمطابخهم أو بأرائكهم المصممة خصيصاً.
ويشرح بعض مرشدي المدينة أن الأشخاص كانوا يتركون جميع الستائر مفتوحة، للتفاخر بغرفة مليئة بأفضل الأثاث والقطع الفنية. ولكن، يقول آخرون إنه تقليد يعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي، وقد بدأ يتغيّر.
وبعدما قام عالما أنثروبولوجيا، هيلجي فان دير هورست وجانتين ميسينغ، بالبحث عن هذه الظاهرة في عام 2006، لاحظ الثنائي أن الأشخاص، الذين يعيشون في الأحياء الضيقة، هم أكثر عرضة لترك الستائر مفتوحة وتزيين نوافذهم بالتماثيل والزهور.
وتشمل الأسباب الأخرى رغبة السكان في مشاهدة العالم، حيث يميل الهولنديون إلى النظر للخارج، ورؤية الأضواء، والاستمتاع بصخب الشوارع.
ويساعد التفاعل بين الداخل والخارج على تعزيز الثقافة المفتوحة التي يُعرف بها الهولنديون جيداً.
وتقول أستريد بروكو، التي تبلغ من العمر 68 عاماً وتعيش في الطابق الأول، إن الستائر تجعلها تشعر بالاختناق.
ويطل منزل بروكو على مرآب مبنى منخفض، حيث لم تجد الحاجة لوضع الستائر. ولكن، مع بناء شقق مواجهة لمنزل بروكو وزيادة وجود عدد الغرباء، أوضحت: "أُغلقت المزيد والمزيد من الستائر، كما يميل الشباب أيضاً للحصول على مزيد من الخصوصية".
وبالنسبة لجان ويليم فان هوففيجن، الذي يبلغ من العمر 41 عاماً ويعيش في الطابق الثالث، فهو لا يستخدم الستائر لأسباب جمالية في المقام الأول.
وقال: "أحب أن أرى الأضواء الخارجية عندما يحل الظلام. لا أمانع أن ينظر الجيران إلى غرفة المعيشة. إنها مسافة بعيدة تماماً، ولم أر أبداً أي شخص لديه منظار خارج منزلي، لذلك لا أهتم".
وتعيش ناتاسيا ويلاندت، وهي تبلغ من العمر 34 عاماً، في الطابق الثاني. وبدورها، تعتبر أن موقع منزلها يتميز بمنظر بانورامي مطل على شاطئ المدينة، ولا تريد حجبه بأي ستارة.
وتستمع ويلاندت بمنظر غروب الشمس، كما تشعر بالسعادة عند السير في غرفة المعيشة مع قهوتها، والنظر للخارج. وأوضحت أن الأمر "يخلق شعوراً بالهدوء والحرية".
وأضافت: "أنظر إلى منازل الناس فقط عند رؤية شيء يعجبني أو يلهمني، مثل حديقة أو غرفة جميلة، لست بحاجة لمشاهدة الناس وهم يأكلون أو يجلسون على الأريكة لمتابعة التلفاز".