دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في الأعوام التي أعقبت اغتيال يوليوس قيصر في روما القديمة، رسمت السجلات التاريخية صورة تتسم بالبرودة الشديدة، ونقص الغذاء، والمرض، والمجاعة والتي صاحبت لحظة محورية في التاريخ الغربي.
ولفترة طويلة، اشتبه مؤرخون أن هذا الطقس المتطرف وغير المُبرر قد يرتبط بثوران بركاني، ولكنهم لم يتمكنوا من تحديد وقت حدوث الثوران، أو شدته.
وبعد تحليل الرماد المُحاصر في الجليد، وسجلات أخرى، تعتقد مجموعة دولية من العلماء أن ثوران بركان "أوكموك" في آلاسكا قبل ألفين عام كان مسؤولاً عن ذلك.
ونجم عن ثورانه فوهة عرضها 10 كيلومترات لا يزال يمكن رؤيتها اليوم.
وقال أستاذ هيدرولوجيا المائيات في معهد "Desert Research Institute" في نيفادا، ومؤلف الدراسة في بيان، جو ماكونيل: "العثور على دليل أن بركان في الجانب الآخر من العالم ثار وساهم بشكل فعال في نهاية الرومان، والمصريين (القدماء)، وتصاعد الإمبراطورية الرومانية هو أمر مدهش".
وأدى طعن قيصر في روما إلى صراع على السلطة أنهى الجمهورية الرومانية، وأدى إلى الانتقال من حكم أكثر ديمقراطية إلى حكم ديكتاتوري للإمبراطورية الرومانية.
ونتج عن ذلك أيضاً انتقال مصر لتكون تحت الحكم الروماني.
وأشارت الدراسة إلى أنه من المحتمل أن عوامل مثل فشل المحاصيل، والمجاعة، والأمراض الناتجة عن ثوران البركان أدت إلى تفاقم الاضطرابات الاجتماعية، وساهمت في إعادة الترتيب في المشهد السياسي.
عينات من الجليد في القطب الشمالي
وحلل الفريق الرماد البركاني، ويُشار إليه بمُصطلح "تفرا"، الذي عُثر عليه في عينات جليدية لُبيّة في القطب الشمالي.
وكانت العينات مأخوذة من غرينلاند وروسيا لربط فترة المناخ غير المُبرر في البحر الأبيض المتوسط مع ثوران بركان "أوكموك" الهائل.
وقارن الفريق بين البصمة الكيميائية للـ"تفرا" الموجودة في الجليد مع العينة الموجودة من البراكين التي يُعتقد أنها انفجرت في الوقت ذاته، و"كان من الواضح جداً أن مصدر المواد المتساقطة من عام 43 قبل الميلاد في الجليد كانت من الثوران الثاني لأوكموك"، وفقاً لما ذكرته المؤلفة المشاركة في كلية البيئة الطبيعية والمبنية في جامعة "بيلفاست" في كوينز، جيل بلانكيت.
ونُشرت الدراسة الإثنين في مجلة "Proceedings of the National Academy of Sciences".
وذكرت الدراسة أن ثوران البركان أدى إلى تداعيات بركانية استمرت لعامين، وانخفاض درجة الحرارة في نصف الكرة الشمالي إلى 7 درجات مئوية.
وأشارت نماذج الباحثين إلى أن كون الطقس أكثر رطوبة من المعتاد خلال فترة الصيف والخريف التي تبعت الثوران أمر مُحتمل.
ومن الجدير بالذكر أن بركان "أوكموك" لا يزال نشطاً، إذ أنه ثار آخر مرة في عام 2008.
وفي منطقة البحر الأبيض المتوسط، ربما أدت هذه الظروف الرطبة والباردة للغاية من الربيع إلى الخريف، والتي تُعد فترة مهمة زراعياً، إلى تقليل المحاصيل، وزيادة مشكلة الإمدادات خلال الاضطرابات السياسية المستمرة في تلك الفترة، بحسب ما قاله المؤلف المشارك وعالم الآثار الكلاسيكية في جامعة أكسفورد، أندرو ويلسون، في بيان.
وأضاف ويلسون: "تُضيف هذه النتائج مصداقية على تقارير البرودة، والمجاعة، ونقص الغذاء، والمرض التي وصفتها المصادر القديمة".
وحدد الباحثون أيضاً انفجار بركاني أصغر ومحدود بشكل أكبر في عام 44 قبل الميلاد في جبل "إتنا" في إيطاليا.
وذكر الباحثون أن ثوران ذلك البركان قد يساهم في تفسير ظواهر غير عادية وُصفت في الوقت الذي سبق وفاة قيصر مباشرة من قبل باحثين مثل فيرجيل.
وتضمنت تلك الظواهر هالات شمسية، وظلمة الشمس، أو ظهور ثلاث شموس في السماء، وفُسرت الظواهر على أنها نذير شؤم آنذاك.