دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد الاكتشافات الأثرية الأخيرة التي شهدتها منطقة آثار سقارة، هل تعزز جهود مصر في مواجهة ركود السياحة بسبب فيروس كورونا؟
وشهد الموقع المسجل ضمن قائمة موقع التراث العالمي لليونسكو عاماً حافلاً بالاكتشافات الأثرية، حيث عثر خلال الاكتشافات المنفصلة على عشرات التوابيت ومجموعة من القطع الأثرية، بما في ذلك المسلة وتمثال فريد مرصع بالجواهر للإله نفرتوم.
وتأتي هذه الاكتشافات بعد إعادة افتتاح هرم زوسر المدرج الذي يبلغ من العمر 4700 عام في مارس/ آذار الماضي بعد ترميم دام لمدة 14 عاماً بقيمة 6.6 مليون دولار.
وفي أوائل أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تم الكشف عن 59 تابوتاً آدمياً، عمرها حوالي 2500 عام في حالة حفظ رائعة، بألوانها الأصلية والكتابة الهيروغليفية، وقد شكل الكشف عنها فرصة ثمينة لدعوة السياح.
وإلى جانب وسائل الإعلام، دعت وزارة السياحة والآثار المصرية العشرات من السفراء الأجانب، الذين تبادلوا الصور والتفاصيل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال وزير الآثار المصري السابق، زاهي حواس، لـ CNN: "لقد دخل هذا الاكتشاف مباشرة إلى قلوب الجميع في كافة أنحاء العالم".
وأضاف حواس :"أعتقد أن السفراء أرسلوا بالفعل رسالة إلى بلدانهم حول كنوز مصر، لأننا بحاجة إلى عودة السياح".
وشهدت السياحة في مصر نمواً خلال السنوات الأخيرة، بحسب ما ذكره كيفين غراهام، مدير في شركة الأبحاث والاستشارات، مجموعة أكسفورد بيزنس.
وقال غراهام لـCNN: "في بداية عام 2020، كان هناك توقع بأن يستمر هذا الاتجاه في النمو".
ثم ظهرت الجائحة، وتم تعليق الرحلات الجوية الدولية في مارس/ آذار الماضي إلى جانب إغلاق المواقع الأثرية والمتاحف، ولم تستأنف الرحلات التجارية حتى يوليو/ تموز الماضي.
وبحسب مجموعة أكسفورد بيزنس، ساهمت السياحة بنسبة أكثر من 9% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر في عام 2019، وبينما استمرت السياحة المحلية إلى حد ما، تراجعت السياحة الدولية.
وسجلت مصر إجمالي 107,925 حالة عدد إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، بينما بلغ إجمالي عدد الوفيات بفيروس كورونا 6,291 حالة وفاة، وفقاً لبيانات جامعة جون هوبكنز.
وبلغت الوفيات والحالات الجديدة ذروتها في يونيو/ حزيران الماضي.
وفي يوليو/ تموز الماضي، أعيد افتتاح عدد قليل من مناطق الجذب السياحي بما في ذلك أهرامات الجيزة، إلى جانب الفنادق التي أصدرت شهادات سلامة حكومية تشير إلى أنها تفي بإرشادات منظمة الصحة العالمية.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أعيد فتح المزيد من المواقع الأثرية، وأعلنت الحكومة المصرية عن مزيد من الإجراءات لدعم قطاع السياحة، بما في ذلك تمديد إعفاءات رسوم التأشيرة للمناطق السياحية في الأقصر، وأسوان، والبحر الأحمر، وجنوب سيناء حتى أبريل/نيسان 2021، وتأخير سداد فواتير الخدمات العامة والديون للشركات المرتبطة بالسياحة.
ويقول عمرو كريم، مدير إحدى أكبر شركات السفر في مصر، إنه بعد "انخفاض حاد"، شهدت الأشهر الثلاثة الماضية "زيادة تدريجية في عطلات الشاطئ"، مع الحجوزات القادمة من جميع أنحاء أوروبا.
وفي الوقت الحالي، يُطلب من الزوار إلى مصر تقديم شهادة فحص "PCR"، ذات نتيجة سلبية عند الوصول، قبل 72 ساعة على الأكثر من موعد مغادرة رحلتهم، على الرغم من أنه يُسمح للقادمين في بعض المطارات على الساحل بإجراء فحص "PCR" بقيمة 30 دولاراً، ثم الالتزام بالحجر الصحي، حتى يحصلوا على نتائج الفحص.
ولاحظ كريم أن نسبة المسافرين المسنين انخفضت، بينما كان هناك ارتفاع في عدد المسافرين الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً، وأن السياح، بشكل عام، التزموا بفنادقهم.
ويتوقع كريم "طفرة" في السياحة إلى المواقع الأثرية بحلول الربع الثالث من عام 2021.
ويقول كريم إن "وزارة السياحة والآثار تبذل جهوداً هائلة خلال السنوات القليلة الماضية لتعزيز وإلقاء الضوء على الكنوز الأثرية في مصر"، مستشهداً بالمواقع الأثرية الجديدة، بما في ذلك عرض 22 مومياء ملكية من المتحف المصري إلى منزلها الجديد بالمتحف القومي للحضارة المصرية، بالإضافة إلى بناء المتحف المصري الكبير.
وبعد سنوات من العمل الأساسي، ستبلغ هذه الجهود ذروتها بافتتاح المتحف المصري الكبير في عام 2021.
وبحسب ما قاله حواس، فإن المتحف المصري الكبير يعد "أهم مشروع ثقافي في العالم".
وسيتم نقل 59 تابوتاً المكتشفة حديثاً في سقارة إلى المتحف المصري الكبير، حيث سيتم عرضها مقابل مجموعة كبيرة أخرى من التوابيت الخشبية التي عُثر عليها في الأقصر عام 2019.
ولكن إذا استمرت الجائحة، فليس هناك ما يضمن تواجد السياح لرؤية المتحف مفتوحاً بالأعداد التي يعتمد عليها الكثير في قطاع السياحة وخارجه.
ويرى كريم أنه من "من الصعب إجراء أي تنبؤات في الوضع الراهن، إذ يتوقف ذلك على أحدث الاكتشافات الطبية واللقاحات الجارية لمكافحة جائحة "كوفيد-19".
ومع ذلك، لا يزال حواس متفائلًا بأن عام 2021 سيكون أفضل من عام 2020 بالنسبة إلى قطاع السياحة في مصر.