دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في هذه الأيام، يعيش سالاماك كلاثالاي، مثل معظمنا، أي في منزل على اليابسة. ولكن، تُعد هذه تجربة جديدة نسبياً لهذا الرجل البالغ من العمر 78 عاماً.
وقال كلاثالاي من منزله في كو سورين جنوب تايلاند: "كطفل، كنت أعيش على قارب لجزء من العام، وعلى اليابسة لجزء من العام"، وأضاف: "كنا نذهب إلى اليابسة خلال موسم الرياح الموسمية للبحث عن الدرنات. وبعد ذلك، كنا نعود إلى قواربنا".
ويُعد كلاثالاي عضواً في مجموعة "موكين" (Moken) العرقية في تايلاند، وهم يُعرفون أيضاً باسم "غجر البحر"، أو "تشاو لاي"، ويعني ذلك "شعب البحر" باللغة التايلندية.
ويُعتبر الـ"موكين" من المجموعات الوحيدة من البشر الذين عاشوا تقليدياً في البحر غالباً، وفي مراكب تسمى "كابانغ".
وتدعي هذه المجموعة بتميزها بقائمة مذهلة من السمات.
ويمكنهم حبس أنفاسهم لفترات طويلة بشكل ملحوظ، ويقال إن قدرتهم على الرؤية تحت الماء أفضل من أي شخص آخر.
وصُقلت هذه المهارات على مدى قرون من نمط الحياة البدوية، والتي اشتملت على الإبحار، والصيد، والجمع بين جزر أرخبيل "ميرغوي" في ميانمار، والساحل العلوي لبحر "أندامان" في تايلاند.
أجبرهم تسونامي على العيش على اليابسة
وانتهى نمط الحياة الفريد للـ"موكين" فجأةً في عام 2005 بسبب تسونامي من العام السابق.
وخرج الـ"موكين" من الكارثة وهم سالمين بالكامل تقريباً، إذ أنهم اعتمدوا على المعرفة التقليدية التي علمتهم البحث عن منطقة أعلى من الأرض لتجنب الموجة.
ولكن، أمرتهم الحكومة التايلاندية بالانتقال إلى اليابسة في قرية مؤقتة داخل حديقة "كو سورين" الوطنية.
وفي الأعوام التي تلت ذلك، تكيف الـ"موكين" في تايلاند مع الحياة الحديثة نسبياً.
ويعيش سكان القرية، الذي يبلغ عددهم 315 شخصاً، في منازل بسيطة من الخشب والخيزران، وهي مجهزة بألواح شمسية، ومياه جارية.
وللمرة الأولى، أصبح بإمكانهم الوصول إلى مصدر دخل منتظم نسبياً بفضل السياحة.
وتكسب القرية الدخل من بيع الأشياء للسياح، أو قيادة رحلات القوارب، بحسب ما ذكره رئيس القرية، نجوي كلاثالاي (يتمتع جميع الموكين بالكنية ذاتها).
وفي يوم عادي، قد يزور ما يصل إلى مئة شخص القرية.
وكان حريق عام 2019 الذي قضى على نصف القرية بمثابة ضربة مدمرة أخرى لهذا المجتمع.
ولكن، قد تشكل جائحة "كوفيد-19"، التي أغلقت أبواب تايلاند أمام السياحة الدولية، تحدياً أكبر، إذ أنها جردت الـ"موكين" مما كان مصدر دخلهم الوحيد فعلياً.
ولكن، إذا كانت هناك مجموعة تتمتع بالمهارات اللازمة للبقاء على قيد الحياة في الأوقات الصعبة، فهي بلا شك الـ"موكين".
وقال شقيق نجوي، هوك كلاثالاي الذي يعتقد أنه الفرد الوحيد من شعب الـ"موكين" الذي يعيش على قارب طوال الوقت: "ليس لدي منزل! لقد عشت على متن هذا القارب لمدة عامين".
ويُعد هوك، البالغ من العمر 35 عاماً، من الجيل الأخير الذي نشأ في البحر.
وعندما كان في الخامسة من عمره، انتقل والديه إلى اليابسة حتى يتمكن من تلقي التعليم.
ولكن كشخص بالغ، شعر هوك بجاذبية العودة إلى حياة الـ"موكين" التقليدية، وهي رحلة معروضة في فيلم وثائقي من عام 2015 بعنوان "No Word for Worry".
"نحن نعيش يوماً بيوم"
وعند قضاء الوقت على متن قارب هوك، سيتضح لك أن حياته تتمحور حول الصيد.
وقال هوك، الذي يُقدر أنه يصطاد غالبية الطعام الذي يأكله مع عائلته: "لطالما توفر لدينا بعض الأرز، يمكننا أن نجد بقية ما نحتاجه للعيش من المحيط".
ويُحظر الصيد تماماً في المتنزهات الوطنية في تايلاند، ولكن، سمح المسؤولون للـ"موكين" بالصيد، وجمع الطعام إذا كانوا يستخدمون الأساليب التقليدية، وبشرط أن يكون الأمر من أجل استهلاكهم الخاص فقط.
وثبت أن هذا كان شريان حياة الـ"موكين" خلال جائحة فيروس كورونا.
والـ"موكين" ليسوا مواطنين تايلانديين، ولذلك، "فهم لا يتلقون أي مساعدة من الحكومة، بحسب ما ذكره هوك.
وقال نجوي: "نحن نعيش يوماً بيوم"، وأضاف: "إذا نفد الطعام، علينا أن نجد المزيد في اليوم التالي، فليس لدينا ثلاجات!".
والبحر ليس المصدر الوحيد لطعام الـ"موكين"، فهم يحفرون الأرض أيضاً بحثاً عن درنات صالحة للأكل.
وفي الأيام التي سبقت انتشار الأرز، كان القلقاس والبطاطا المصدر الرئيسي للكربوهيدرات لدى هذه المجموعة.
وأشار نجوي إلى أنهم لم يعتمدوا على السياحة لفترة طويلة، فهي أصبحت متواجدة عندهم لبضعة أعوام فقط، ولكنه أكد قائلاً: "سيكون لدينا البحر دائماً".