دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رغم مرور عقود من الزمن، لا يزال يقف هذا القصر المهجور صامدًا بشموخ، ويستقطب الباحثين عن أجواء الإثارة والغموض، فما قصته، ومن صاحبه؟
ولطالما سمع مدون الرحلات والمصور المصري عمرو صلاح عن قصر سعيد حليم باشا، قصصًا تمزج بين الواقع والخيال، لتختفي بين فواصلها الأحداث الحقيقية.
وفي مقابلة مع موقع CNN بالعربية، يوضح صلاح أنه يخوض رحلة بحث مستمرة عن الجواهر التاريخية والفنية الدفينة في مصر، مشيرًا إلى أنه لا يُوجد أكثر منها في كل ربوع المحروسة، على حد تعبيره.
وسمع صلاح عن قصص الأشباح التي تسكن القصر وتلعن كل من يدخله، وعما يحويه من تحف فنية.
وذات يوم، عرف أنه بإمكانه دخول القصر، وبعد إستئذان حارسه، قرر أن يخوض هذه المغامرة.
ويتذكر صلاح قائلًا: "ما أن دخلت من باب القصر حتى كاد صوت نبضات قلبي يدوي في أرجاء القصر، إذ انتابتني مشاعر من الإثارة والفرح مع شئٍ من الخوف والرهبة".
وبالنسبة إلى صلاح، فقد كان توثيقه للقصر أشبه بالسفر عبر الزمن لتسجيل قطعة فنية تاريخية سيشهد عليها أبناء جيله والأجيال القادمة.
ويصف صلاح ما شاهده داخل القصر قائلًا: "ما شاهدته ليس قصراً، إنه حقاً تحفة فنية معمارية لا مثيل لها".
ويشير صلاح إلى أن القصر شُيد على الطراز الايطالي، والذي يبرز من خلال الأعمدة والزخارف خارج القصر، مضيفًا أن مصممه، الإيطالي أنطونيو لاشياك، لم يفته أن يكون القصر محاطاً بالنباتات والأشجار ليضفي عليه طابعًا جماليًا.
أما من الداخل، فيرى صلاح أن لاشياك أبدع في تصميم هذا الصرح من الأخشاب، مشيرًا إلى أن جدران القصر لا تزال شاهدة على كل مناسبة وكل زائر خطى خطوًة داخله وتكاد سلالم الردهة الداخلية لمن صعد إليها.
وخلال عملية التوثيق، حرص المصور المصري على أن تكون عدسته شاهدًة بكل حيادية على جمال وروعة القصر من الداخل والخارج.
ويوضح: "حرصت أن تكشف عدستي أن كل ما ينسب عن أشباح تسكن القصر ما هي إلا محض قصص وهمية من نسج الخيال".
ويضيف: "حرصت أن يرى الناس في مصر وحول العالم أن البلاد فيها الكثير من الدرر التاريخية والفنية و التي تنتظر بفارغ الصبر أن يراها العالم، ويكون شاهداً كيف كانت مصر بوتقة للفنانين والمعماريين من أرجاء العالم أتوا إليها ليتركوا مثل هذا القصر شاهداً على حقبة في تاريخ البشرية".
ولم يتوقع صلاح كم التفاعل على توثيق القصر من قبل رواد التواصل الاجتماعي، الذين سألوه بتشوق لمعرفة المزيد عن تاريخه وتفاصيل ما شاهده خلال زيارته، قائلًا: "رغم كل ذلك، لا أعتقد أني إستطعت أن أوفي القصر حقه!"
تاريخ القصر
وبحسب ما ذكره المرشد السياحي المصري روماني رفق لموقع CNN بالعربية، يُعرف القصر خطًأ باسم قصر شمبليون لوقوعه بشارع شمبليون، نسبًة لاسم العالم الفرنسي جان فرانسوا شمبليون، الذي فك رموز اللغة المصرية القديمة على حجر رشيد أيام الحملة الفرنسية على مصر.
ويعود تاريخ قصر الأمير سعيد باشا حليم إلى عام 1896، حينما راودت الأمير فكرة تقديم هدية إلى زوجته، وبعد تفكير توصل إلى بناء قصر يليق أن يكون هدية لها، فعهد بتصميمه إلى المعماري الإيطالي الشهير آنذاك أنطونيو لاشياك، الذي صمم عدداً كبيراً من القصور الملكية في مصر.
والأمير سعيد حليم، هو حفيد محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية بمصر، وتولى منصب رئاسة الوزراء في إسطنبول بين عامي 1913 و1916، ثم اغتيل في روما عام 1921.
ويتميز القصر الذي رفضته زوجته أمينة طوسون، التي فضلت أن تبقى بقصرها في تركيا، بتصميمه على نمط الطراز "الباروكي" الذي انتشر خلال عصر النهضة.
ويتكون القصر، الذي يقع بشارع شمبليون بمنطقة وسط البلد في القاهرة، من مبنى رئيسي وجناحين يضمان عدداً كبيراً من الغرف، ويربط بينهما سلم ضخم على كلا الجانبين.