دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يسلّط اكتشاف سفينة صيد حيتان تعود لـ207 سنوات في خليج المكسيك الضوء على تاريخ أفراد طاقمها المؤلف من الأشخاص السود البشرة والأمريكيين الأصليين، في مطلع القرن التاسع عشر.
واكتشفت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) وشركاؤها سفينة "إنداستري" الخشبية التي تتمتّع بصاريتين يبلغ طول كل منهما 19،5 مترًا تقريبًا في 25 فبراير/شباط قبالة ساحل مدينة باسكاغولا، في ولاية ميسيسيبي الأمريكية.
وبُنيت عام 1815، في مدينة ويستبورت بولاية ماساتشوستس الأمريكية، واصطادت هذه السفينة الشراعية حيتان العنبر بشكل رئيسي في المحيط الأطلسي، ومنطقة البحر الكاريبي، وخليج المكسيك لمدة 20 عامًا تقريبًا.
وفُقدت سفينة "إنداستري" في 26 مايو/ أيار 1836، خلال عاصفة كسرت الصاريتين وفتحت هيكلها في البحر.
وبحسب الوكالة، اختفت قائمة أسماء الطاقم لدى غرق السفينة. لكن قوائم أطقم الرحلات السابقة تورد أنّ أعضاء طاقم "إنداستري" وضباطها يتألفون من أمريكيين أصليين وسود وبيض البشرة، ومتعددي الأعراق.
وأفاد نائب وزير التجارة الأمريكي دون غرايفز في بيان صادر عن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي "إن تاريخ الأمريكيين السود البشرة والأمريكيين الأصليين هو تاريخ أمريكي، وهذا الاكتشاف المهم يشكّل تذكيرًا دامغًا للمساهمات الهائلة التي قدّمها الأمريكيون السود والأصليون لبلدنا".
وتابع أنّ "سفينة صيد الحيتان هذه التي تعود للقرن التاسع عشر ستساعدنا للتعرف على حياة البحارة الأمريكيين السود والسكان الأصليين ومجتمعاتهم، فضلاً عن التحديات الهائلة التي واجهوها برًّا وبحرًا".
ضالّة كانت ووُجدت
واكتشاف "إنداستري" يأتي نتيجة جهود منسًّقة بين العلماء، وعلماء الآثار في مكتب إدارة طاقة المحيطات، وشركة الآثار الخاصة "SEARCH Inc"، والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
وقام فريق موجود على متن سفينة "Okeanus Explorer" للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بنشر مركبة تعمل عن بعد، بتوجيه من العلماء الشركاء على الشاطئ، بهدف استكشاف موقع حطام سفينة المحتمل في قاع البحر، كانت رصدته شركة طاقة للمرة الأولى عام 2011، وشاهدته لاحقًا سفينة مستقلة عام 2017.
وبعد البحث عن "إنداستري" ومشاهدة فيديو من مركبة تعمل تحت الماء عن بعد، قام فريق من علماء الساحل يضم جيمس ديلغادو نائب الرئيس الأول لشركة "SEARCH Inc"، وسكوت سورسيت، عالم الأحياء البحرية لدى "BOEM"، ومايكل برينان من "SEARCH Inc" أيضًا، بتحديد الحطام الذي قد يعود لسفينة "إنداستري".
وبات معلومًا ماذا حدث لطاقم السفينة خلال غرقها، بفضل البحث الذي أجراه أمين مكتبة يعمل في مكتبة ويستبورت العامة المجانية.
وتتبّع روبن وينترز مقال نُشر بالدورية الأسبوعية "Nantucket Inquirer and Mirror" في 17 يونيو/ حزيران 1836، أفاد بأن طاقم سفينة "إنداستري" اختارته سفينة أخرى لصيد الحيتان "إليزابيث" بمدينة ويستبورت في ولاية ماساتشوستس، ثم عادوا بأمان من رحلتهم إلى المدينة مجددًا.
وقال ديلاغو الذي عمل مع وينترز على نحو وثيق ومع العديد من المؤرخين المحليين الآخرين لتأكيد هوية السفينة التي عُثر عليها: "تمتع هؤلاء الرجال الذين تواجدوا على متنها بالحظ".
وتابع أنّه "في حال حاول أفراد الطاقم السود البشرة النزول إلى الشاطئ، لكانوا سُجنوا بموجب القوانين المحلية. وإذا لم يتمكنوا من دفع تكاليف مقتنياتهم أثناء وجودهم في السجن، لكانوا بيعوا كعبيد".
وكانت سفينة "إنداستري" متّصلة ببول كافّي، الملاح ورجل الأعمال ومُطالب بإلغاء الرق وفاعل خير، وكان والده عبدًا محرّرًا، تزوّج والدته من الأمريكيين الأصليين من قبلية وامبانواغ، وفقًا لمونيكا ألّين، مديرة الشؤون العامة لأبحاث الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
وتظهر السجلات أن ويليام نجل كافّي كان ملاحًا على متن هذه السفينة. وكان باردون كوك صهر كافّي، ضابطًا على "إنداستراي". ويُعتقد أنّ كوك قام بأكثر عدد رحلات صيد الحيتان بين سود البشرة في التاريخ الأمريكي.
وورد على لسان كارل ج. كروز المؤرخ المستقل المقيم في مدينة نيو بيدفورد الأمريكية والمتحدّر من عائلة بول كوفي، في بيان إنّ "أخبار هذا الاكتشاف مثيرة، لأنها تتيح لنا استكشاف العلاقات المبكرة للرجال الذين عملوا على هذه السفن، وهو درس لنا اليوم لأننا نتعامل مع التنوع والمساواة والاندماج في مكان العمل".
التحقق من حطام السفينة
ولم تغرق السفينة على الفور يوم العاصفة. ويعود ذلك في جزء منه إلى زيت الحوت الموجود على متن السفينة، الذي جعلها تعوم قبل الغرق، بحسب تقرير قدمته شركة ديلغادو وبرينان، وسورسيت، و"BOEM" و"SEARCH Inc".
وأفاد سورسيت في بيان صادر عن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) أنّ "وجود عدد قليل جدًا من القطع الأثرية على متن السفينة دليل مهم آخر على أنها سفينة إنداستري". مضيفًا: "كنا نعلم أنه تم إنقاذها قبل الغرق".
ووفقًا لما جاء في التقرير ذاته، زارت سفينة لصيد الحيتان من مجتمع ماساتشوستس المتماسك من صيادي الحيتان، "إنداستري" خلال غرقها، وأزالت 230 برميلًا من زيت الحيتان وأجزاء من الحفارة، وأحد المراسي الأربع قبل غرقها.
وأفاد التقرير أيضًا أن "إنداستري" كانت السفينة الوحيدة لصيد الحيتان المعروفة التي عُرف أنها فقدت في خليج المكسيك من أصل 214 رحلة لسفن صيد الحيتان تمت بين ثمانينيات القرن الثامن عشر وسبعينيات القرن التاسع عشر.
وحدّد كل من ديلغادو، وسورسيت، وبرينان موقع حطام السفينة، على بعد 72 ميلًا بحريًا من آخر موقع مسجل لها قبالة مصب نهر المسيسيبي، الأمر الذي يمكن أن يُعزى إلى السفينة العائمة "Current Loop" في الخليج قبل أن تغرق في وقت ما بعد عاصفة مايو/أيار 1836.
وبينما أن حطام السفينة يبعد أكثر من ميل واحد تحت السطح، فإن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي لا تكشف عن موقعها الدقيق ما يجعل من الصعب على أي شخص العبث في الموقع. ووفقًا لألّين من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فإنه من غير قانوني إزالة القطع الأثرية من السفينة. وتخطط الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي لترك الموقع على حاله.