حرب أوكرانيا تكبد السياحة العالمية خسارة بقيمة 7 مليارات دولار..كيف تقاوم دول متوسطية هذا الواقع؟

سياحة
نشر
6 دقائق قراءة
حرب أوكرانيا تكبد السياحة العالمية خسارة بقيمة 7 مليارات دولار..كيف تقاوم دول متوسطية هذا الواقع؟
Credit: SAFIN HAMED/AFP/GETTY IMAGES

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- مع احتدام الحرب الروسية في أوكرانيا، بدأ تأثيرها يتجاوز النقص في المواد الغذائية في الشرق الأوسط الذي سبق وأثار قلق بعض صانعي السياسة.

تعد منطقة الشرق الأوسط موطنًا لبعض أقدم حضارات العالم وأروع مدنها، وتعتبر إحدى أفضل الوجهات السياحية لكل من روسيا وأوكرانيا.

وتُدرج مدن مثل دبي، والقاهرة، وإسطنبول بانتظام ضمن أفضل عشر مناطق جذب سياحي عالميًا.

لكن، مع تسبّب الحرب بالفوضى في أسواق الطاقة، والمواد الغذائية، بالإضافة إلى التضخم المستفحل في دول العالم، فإنها تلحق الضرر أيضًا بصناعات السياحة في بعض البلدان أكثر من غيرها.

وفقًا لشركة يورومونيتور إنترناشيونال، ستتأثر السياحة الداخلية العالمية بخسارة قدرها 6.9 مليار دولار عام 2022، بسبب انهيار السياحة الروسية والأوكرانية، وقد تشعر بعض دول الشرق الأوسط بوطأة ذلك.

تعد مصر، والإمارات العربية المتحدة، وتركيا أخيرًا، إحدى أكثر الدولة شعبية بالنسبة للسياح الأوكرانيين والروس. ولمس قطاعا السياحة بمصر وتركيا أثر الحرب فعليًا على هذا القطاع، حيث يتوقع المحللون المزيد من الخسائر المؤلمة مستقبلًا.

قبل الجائحة، شهدت الرحلات الأوكرانية إلى مصر ازديادًا بنسبة 49% عام 2019، مقارنة مع العام السابق، وفق تقرير شركة كوليرز إنترناشيونال لعام 2020، ما يجعل الأوكرانيين ثاني أكبر سوق للدولة الواقعة شمال إفريقيا، بعد ألمانيا.

وأشارت نائب وزير السياحة المصرية، غادة شلبي، إلى أنه بعد استئناف القاهرة الرحلات الجوية في يوليو/ تموز 2021 عقب تخفيف القيود المتعلقة بـ"كوفيد-19"، كان الأوكرانيون أول السيّاح الوافدين إلى مصر.

وفي عام 2021، رفعت موسكو الحظر على الرحلات الجوية المستأجرة بين مصر وروسيا الذي دام 6 أعوام، كان فُرض بعد حادث تحطم طائرة مميت عام 2015.

وذكرت وكالة الأنباء الروسية الرسمية سبوتنيك أن أعداد السياح الروس ارتفعت كثيرة نتيجة لذلك، حيث وصلت عددهم إلى نحو 700 ألف زائر، عام 2021 وحده.

وتسعى وزارة السياحة المصرية الآن إلى جذب الزوار من دول أخرى.

وقالت شلبي لـCNN: "إنها ضربة كبيرة.. لكنّنا نحاول البقاء صامدين"، مضيفًة أن مصر تبحث عن طرق للحفاظ على الزوار الروس، أثناء إطلاق حملات تستهدف أوروبا الغربية والدول العربية للموسم المقبل.

لكن المحللين يشككون في قدرة مصر على سدّ هذه الفجوة بشكل كافٍ.

من جانبه، قال تيموثي كالداس، الباحث السياسي في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، إن "الاستبدال الدراماتيكي للسياح من هذين البلدين صعب على الأرجح"، مضيفًا أن عددًا من المشاكل التي واجهتها مصر قبل الحرب الأوكرانية تسبّبت بضرر كبير على ميزانية مصر.

وأضاف: "أمامهم بالفعل مجموعة من التحديات التي تُفاقمها هذه الحرب".

وكانت تركيا تأمل النهوض باقتصادها مرة أخرى هذا العام، مع تعافي صناعة السياحة، لكن الأزمة الأوكرانية والعقوبات المتزايدة على روسيا تهددان بخسارة 34.5 مليار دولار المتوقّعة هذا العام من عائدات السياحة.

وفي المنتجعات الساحلية في أنطاليا على الريفييرا التركية، يشعر العاملون في قطاع السياحة بالقلق من تراجع الأرقام.

وقال رئيس جمعية مديري الفنادق المحترفين في تركيا، أولكاي أتماكا: "روسيا تعد أهم سوق بالنسبة لنا، وتحل أوكرانيا في المركز الثالث أو الرابع أيضًا".

ويأمل البعض بالتوصل إلى حل للصراع بحلول موسم الصيف، في الوقت المناسب تمامًا لإنقاذ الصناعة، لكن البعض الآخر أقل تفاؤلاً بكثير.

وقالت نهال دوروك، مديرة المبيعات والتسويق في فندق بريمير بالاس في أنطاليا لـCNN: "نتوقع خسارة تراوح حجمها بين 60 و65%".

وأضافت: "حتى لو يتم العثور على حل اعتبارًا من اليوم، فقد فقدنا 50% من توقعاتنا للموسم 2022 المقبل".

وصل أكثر من مليوني سائح أوكراني إلى تركيا عام 2021، بحسب بيانات وزارة السياحة التركية، بينما جاء 4.7 مليون آخر من روسيا.

ويرى باهاتين يوسيل، وزير الاقتصاد التركي الأسبق، أنّ الخسائر المقبلة تتفاقم، حيث من المتوقّع أن تؤثر الأزمة الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الغربية على روسيا على المواطن التركي.

قال يوسيل: "ستؤثر علينا الحرب والأزمة الاقتصادية في روسيا".

وفي الطرف الشرقي من شبه الجزيرة العربية، أصبحت روسيا ثاني أكبر سوق مصدر للسياح في دبي عام 2021، وفقًا لبيانات مصدرها معرض سوق السفر العربي.

بعد أن بدأت الإمارات في منح المسافرين الروس تأشيرة دخول مجانية لمدة 30 يومًا عند الوصول عام 2018، ارتفعت أعداد السائحين.

أفادت صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية المملوكة للدولة أنّ عدد الروس المسافرين إلى دبي، وأبوظبي، شهد نموًا فاق 60%، خلال الأشهر الثمانية الأولى، منذ ذلك العام.

قبل حرب أوكرانيا، توقّع معرض سوق السفر العربي أن يتجاوز نمو السوق الروسية في دولة الإمارات العربية المتحدة المليار دولار في السنوات الأربع المقبلة، ورفض التعليق على ما إذا كانت هذه التوقعات ستتأثر بالصراع.

لكن الحرب التي يمكن أن تنذر بالهلاك لبعض قطاعات الشرق الأوسط قد تكون بمثابة نعمة بالنسبة للآخرين.

وأفادت رويترز أن الأثرياء الروس الباحثين عن ملاذ مالي يضخون الأموال من خلال الاستثمار في العقارات بتركيا والإمارات العربية المتحدة. وتقدم كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة حوافز إقامة لمشتري العقارات.

رغم ذلك، لا تشهد القطاعات الفندقية انتعاشًا سريعًا.

وقال دوروك، صاحب فندق في أنطاليا بتركيا، "بصرف النظر عن مدى سرعة حل هذه المشكلة، فسنضطر إلى تحمل عواقب هذه الأزمة زهاء ثلاث أو أربع سنوات في الحد الأدنى".