دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أصبحت صور حطام طائرة "أنتونوف AN-225" الأكبر في العالم، الآن ذكرى لا تُمحى خلال الغزو الروسي لأوكرانيا، بالنسبة لعشاق الطيران في جميع أنحاء العالم.
وبُنيت الطائرة في الثمانينيات لنقل مكوك الفضاء السوفيتي، وحصلت المركبة على حياة ثانية بعد الحرب الباردة كأكبر ناقلة شحن في العالم، وحققت أرقامًا قياسية من جميع الأنواع قبل تدميرها في نهاية فبراير/شباط في قاعدتها الرئيسية، أي مطار "هوستوميل" بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف.
وكتبت شركة "أنتونوف" على موقع "تويتر": "الحلم لن يموت أبدًا" إشارةً إلى لقب الطائرة "مريا"، والذي يعني الحلم باللغة الأوكرانية.
ولكن هل يمكن لطائرة "AN-225" التحليق مرّة أخرى؟ تتطلب الإجابة عن هذا السؤال أولاً تقييم الضرر الذي لحق بالطائرة.
ورأى فاسكو كوتوفيو من CNN الحطام عن قرب عندما قام بزيارة مطار "هوستوميل" في أوائل أبريل/نيسان مع صحفيين آخرين من CNN، والشرطة الوطنية الأوكرانية.
وقال كوتوفيو: "كان هوستوميل موقعًا لقتال عنيف بين القوات الروسية والأوكرانية منذ بداية الحرب"، ثم أضاف: "تحطّم أنف الطائرة بالكامل، ويبدو أنه كان ضحية لقصف مدفعي مباشر"، لافتًا إلى وجود "أضرار جسيمة في الأجنحة وبعض المحركات".
وأكّد كوتوفيو أنه "لولا الضربة المباشرة على الأنف، لربما كان من الممكن إصلاح AN-225".
فرصة ثانية
وقام المهندس المقيم في كييف، وخبير الطيران الذي عمل في شركة "أنتونوف" منذ عام 1987، وسافر على متن الطائرة كجزء من طاقمها الفني، أندري سوفينكو، بعمل قائمة مفصّلة بالأضرار من خلال النظر إلى عدد كبير من مقاطع الفيديو والصور للحطام، ولم يُسمح لموظفي "أنتونوف" بالعودة إلى "هوستوميل" بعد بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.
وأكّد سوفينكو أنه تم تدمير الجزء الأوسط من جسم الطائرة، وأنف الطائرة، بما في ذلك مقصورة القيادة، ومقصورات راحة الطاقم، ولكن الأنظمة والمعدات الموجودة على متن الطائرة هي التي تلقت الضرر الأكبر.
وستكون استعادتها هي الأصعب بسبب "حقيقة أن الجزء الأكبر من الأنظمة الكهربائية، والمضخات، والمرشحات المختلفة المستخدمة في AN-225 تعود إلى الثمانينيات".
ومع ذلك، يبدو أن الأجنحة، بما في ذلك الأسطح الديناميكية الهوائية، تعرضت لأضرار طفيفة، وقد تكون قابلة للإنقاذ.
ويوافق سوفينكو، الذي ألّف كتابًا عن تاريخ خطوط "أنتونوف" للطيران أوضّح فيه بالتفصيل تجربته في الطيران على متن "مريا"، على أنه لا يمكن إصلاح الطائرة في "هوستوميل".
وشرح قائلاً: "من المستحيل التحدث عن إصلاح أو ترميم هذه الطائرة، ولا يمكننا التحدث إلا عن بناء طائرة مريا أخرى باستخدام مكونات فردية يمكن إنقاذها من الحطام، ودمجها مع تلك التي كانت مقصودة لبناء طائرة ثانية في الثمانينيات".
ويُذكر أن سوفينكو يشير إلى هيكل طائرة "AN-225" الثاني الذي احتفظت به شركة "أنتونوف" حتى يومنا هذا في ورشة عمل كبيرة في كييف.
والهيكل كان جزءًا من خطة أصلية لبناء طائرتين من طراز "AN-225"، ولكنها لم تتحقق أبدًا.
تصميم جديد
ورأى سوفينكو أنه "سيكون من المستحيل صنع الطائرة ذاتها بالضبط، بالتصميم والمعدات ذاتها بالتحديد".
وإذا كان هذا هو الحال، فستواجه شركة "أنتونوف" عقبتين، وهما جعل المكونات الجديدة والقديمة تعملان معًا، وقد يكون هناك ضرورة إلى إعادة اعتماد الطائرة لتأكيد صلاحيتها للطيران، وامتثالها للوائح الحالية.
ولدى الشركة خبرة مع العقبة الأولى، إذ أنها قامت بتحديث العديد من أنظمة "AN-225" على مر الأعوام، واستبدال التكنولوجيا السوفيتية القديمة بأخرى أوكرانية حديثة، ولكن الحصول على الاعتماد الكامل يتطلب وقتًا، ويزيد من التكاليف.
وقال سوفينكو: "لا جدوى من بناء طائرة اليوم بتصميم يبلغ من العمر 40 عامًا".
الملايين أو المليارات؟
ولن يكون بناء طائرة "مريا" مرة ثانية بمبلغ رخيص، ولكن يصعب تحديد الكلفة بالتحديد.
وأثارت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية "Ukrinform" الدهشة عندما أعلنت أن تكلفة العملية ستبلغ 3 مليارات دولار.
وفي عام 2018، قدّرت شركة "أنتونوف" أن إكمال هيكل الطائرة الثاني سيكلف ما يصل إلى 350 مليون دولار، وقد يحتاج هذا الرقم للمراجعة الآن.
وقال سوفينكو: "ستعتمد الكلفة على مدى الضرر الذي لحق بالأجزاء المتبقية من الطائرة، فضلاً عن عدد التعديلات، والمعدّات الجديدة التي ستكون مطلوبة. وسيعتمد جزء كبير من التكاليف على مقدار اختبارات الاعتماد التي تُعتبر ضرورية… ويمكننا تخمين أن المبلغ النهائي سيكون في حدود مئات الملايين من الدولارات، وليس المليارات".
ويوافق محلل الطيران في "Aerodynamic Advisory"، ريتشارد أبو العافية، على ذلك، ولكنه ذكر أن السؤال الحقيقي يكمن بمن سيدفع ثمنها، وشرح قائلاً: "ليست هناك الكثير من التطبيقات التجارية لهذه الطائرة، وبدون ذلك، من أين ستأتي الأموال"؟