دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يكون لقصة انتعاش الطيران التجاري بعد الجائحة بطل غير متوقّع، أي طائرة "إيرباص A380" العملاقة.
ويبدو أن أكبر طائرة ركاب في العالم أوشكت أن تصبح كومة خردة قبل عامين فقط، حين كانت شركات الطيران تصارع تداعيات انتشار فيروس كورونا.
وبعد إيقاف تشغيل أسطول بأكمله، دخلت العديد من الطائرات من طراز "إيرباص A380" في مرحلة الحفظ طويل الأمد، حتى أن بعض شركات الطيران انتهزت الفرصة للتخلص منها تمامًا، مع تقاعد الأسطول الخاص بالخطوط الجوية الفرنسية في مايو/ أيار عام 2020.
ولكن الآن، مع ارتفاع أعداد المسافرين وعودة الحركة الجوية إلى مستويات ما قبل الجائحة، تنفض طائرة "إيرباص A380" الغبار عنها لتحلّق من جديد.
وعاد أكثر من نصف الأسطول العالمي إلى الخدمة فعليًا، وفقًا لبيانات "Flightradar24".
وكانت "لوفتهانزا" الألمانية أحدث شركة طيران، قد أعلنت عن عودة الطائرة إلى أسطولها، وإن كان ليس قبل عام 2023، وهناك أسباب للاعتقاد بأن المزيد من طائرات "إيرباص A380" ستعود لتحلق تدريجياً في الأجواء.
ويقول محلل الطيران والمدير الإداري للاستشارات لدى شركة IBA لبيانات الطيران والاستشارات، جيف فان كلافرين "إنها ستعود بالتأكيد".
ويضيف: "تردّد المشغّلون بإعادتها لأنها طائرة مُكلفة للغاية، لكنني أعتقد أننا شهدنا تعافيًا لجهة الطلب (على السفر) بشكل أسرع مما توقعه الناس".
وأنتجت شركة "إيرباص" الطائرة، وسلّمت 251 طائرة من طراز "A380"، ولا تزال 238 طائرة موضوعة في الخدمة اليوم، مع تقاعد البقية أو تحويلها إلى خردة.
وتحظى الطائرة، التي لم تعد قيد الإنتاج، بشعبية بين المسافرين وأطقم الطيران، لكن ليس بين شركات الطيران، إذ تشغّلها 14 شركة فقط حتى الآن، من بينها: طيران الإمارات، والخطوط الجوية القطرية، والخطوط الجوية البريطانية، وخطوط أول نيبون الجوية اليابانية، والخطوط الجوية الكورية، والخطوط الجوية السنغافورية، وخطوط كانتاس الجوية، وخطوط جنوب الصين الجوية.
وتتمتع بعض هذه الشركات بالفعل بخطط لإعادة تشغيل المزيد من طائرات "A380".
وعلى سبيل المثال، تعمل طيران الإمارات، التي تُعد أكبر مُشغّل لطائرات "A380" مع 123 طائرة، لزيادة عدد الطائرات.
ومن جانبه قال نائب رئيس طيران الإمارات في المملكة المتحدة ريتشارد يهودسبري: "اليوم نشغّل [...] أكثر من نصف طائراتنا من طراز A380".
وتابع: "بحلول نهاية العام، نهدف إلى تشغيل نحو 90 طائرة A380 عبر شبكتنا بالكامل. وهذا يعني أن أكثر من 12 طائرة أخرى من طراز A380 ستنضم إلى الطائرات التي نشغّلها حاليًا".
وكانت آخر طائرة "A380" تم إنتاجها على الإطلاق، أواخر عام 2021، من نصيب طيران الإمارات، وهي واحدة من طائرات "A380" القليلة جدًا التابعة للشركة، التي تحوي مقصورة الدرجة السياحية الممتازة.
وقد أثبتت الطائرة شعبيتها إلى حد أن شركة الطيران تخطّط لإجراء تعديلات على 67 طائرة أخرى من طائرات "A380"، خلال 18 شهرًا، والبدء بتنفيذ ذلك في وقت لاحق من هذا العام.
ومن المتوقع أن تكون الطائرة مكونة من أربع درجات هي: الدرجة الأولى، ودرجة رجال الأعمال، والدرجة السياحية الممتازة، والدرجة السياحية، وأن تصل قدرتها الاستيعابية إلى 484 راكبًا.
بيع صعب
وهناك أسباب عدة وراء عودة شركات الطيران إلى تشغيل الطائرة العملاقة.
ويوضح فان كلافرين أنه "يتواجد نقص في سعة الهيكل العريض، حيث قام بعض المشغلين مثل الخطوط الجوية البريطانية بإيقاف تشغيل الطائرات القديمة مثل بوينغ 747. وصادفت بعض المشاكل في الإنتاج مع إيرباص A350 الجديدة، وما إلى ذلك. لذا فإن بعض شركات الطيران بحاجة إلى السعة".
وبالنسبة لبعض شركات الطيران، فإن إعادة الطائرة إلى الخدمة أمر منطقي لأن قيمة الطائرة انخفضت لدرجة أنه لم يعد من الممكن بيعها.
ويضيف فان كلافرين: "أدرك بعض المشغلين أنه من الصعب جدًا بيع هذه الطائرة، لأسباب عديدة مختلفة. وإذا لم يكن لديهم أي طائرة من طراز A380، فلن يقوموا بضمها إلى أسطولهم، لأن هذا الأمر محفوف بالمخاطر ومكلف للغاية".
وأشار إلى أن قيمة طائرة "A380"، البالغة من العمر 10 سنوات، قد انخفضت بنسبة 60% مقارنة بما كانت عليه في فترة ما قبل الجائحة، لتصل إلى 30 مليون دولار مقارنة بحوالي 76 مليون دولار، وهو أمر استثنائي للغاية.
وقد عرضت شركتا طيران، الخطوط الجوية الدولية التايلاندية والخطوط الجوية الماليزية، جميع طائرات "A380" للبيع، لكن لم يتقدم أي شارٍ لها حتى الآن.
وعلى صعيد آخر، تملك شركة الاتحاد للطيران، التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، 10 طائرات من طراز "A380" في أسطولها، لكنها لا تشغّل أي منها، وليس لديها أي خطط تخالف ذلك.
حياة أقصر
ومقارنة بالتكهنات القاتمة قبل عامين، ربما حان الوقت لتخيلّ مستقبل أكثر إشراقًا للطائرة العملاقة.
ويقول فان كلافرين: "أعتقد أن غالبية شركات الطيران ستستمر بتشغيل طائرات A380 حتى نهاية صلاحية خدمتها الافتراضية. ويكمن السؤال فيما إذا كان عمرها يصل حد 18 عامًا وليس 25 عامًا، أي عمر غالبية الطائرات".
ويضيف: من خلال مقارنتها مع طائرات الجيل الجديد، فهي في الحقيقة ليست فعالة لجهة استهلاك الوقود بشكل خاص، ما يشير إلى أن متوسط عمرها سينخفض".
ونظرًا لأن طيران الإمارات تمتلك عددًا كبيرًا من طائرات "A380"، فإن مصير الطائرة تحدده الشركة.
ويعتقد فان كلافرين أن طيران الإمارات ستشغل جميع طائرات "A380" في أسطولها، لأنها نموذج مهم لأعمالهم.
وتواصل شركة الطيران التي تتخذ من دبي مقراً لها إظهار دعمها الحماسي لطائرة "A380".
وأوضح تيم كلارك، رئيس طيران الإمارات، لموقع "AirlineRatings" أنه بمجرد اختفاء طائرة "A380"، ستترك فراغًا كبيرًا.
وفي الوقت الحالي، لا تزال طائرة "A380" تلقى استحسان العملاء في العالم، وستظل الطائرة الرئيسية للشركة لسنوات عديدة تالية، وفقًا لما ذكره يهودسبري.
وأضاف يهودسبري: "بالنسبة لنا، يعيد التصميم الأيقوني المؤلف من طبقتين تعريف تجربة السفر وسيظل ركيزة أساسية لخطط شبكتنا".