دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- اقترحت شركة الهندسة المعمارية التجريبيّة "ZNera Space" في دبي تصميمًا مفاهيميًا يتميّز بهيكلٍ دائري ضخم يتكوّن من 5 طوابق يلتف حول أطول ناطحة سحاب في العالم، أي برج خليفة، والذي يبلغ ارتفاعه 829.8 مترًا. ويُعادل ذلك نحو ضعف ارتفاع مبنى "إمباير ستيت" في أمريكا.
ويمزج المفهوم، المعروف باسم "Downtown Circle"، بين المجتمع، والرفاهية، والتخطيط الحضري المستقبلي في تصميمٍ طموح للغاية تم إحيائه عبر سلسلة من الرسوم التوضيحية المميزة التي أُنشِئت بالتعاون مع "Pictown"، وهي شركة متخصصة في الصور التوضيحية للتصاميم المعمارية.
ويرى المهندسان المعماريان الرئيسيان في "ZNera Space"، وهما نجموس شودري، ونيلز ريميس، مفهوم "Downtown Circle" بمثابة لمسة أفقيّة أمام خط أفق دبي المستقبلي، والذي يبدو وكأنه يتكوّن من عددٍ لا نهائي من ناطحات السحاب.
خط أفق دائم التغيّر
ورُغم كون تصميمه مثيرًا، وثوريًا، إلا أن مشروع "Downtown Circle" قد يكون غير قابل للتنفيذ من الناحية العمليّة، والماليّة في الوقت الحالي، كما يعترف شودري وريميس.
وقال شودري: "كان من المفترض أن يكون بداية محادثة"، لافتًا إلى أنه أمر "يمكن أن يدفع الأشخاص إلى إعادة التفكير بشأن التنمية الحضرية، وازدحام المدن".
وأوضح ريميس: "كنّا نعمل على جوانب مهمة للغاية تُثير النقاش حول كيفية تخطيطنا للمدن"، مضيفًا: "السبب في اختيارنا لبرج خليفة يكمن بأنه يقع في منطقة حضرية كثيفة السكان للغاية، ونرغب بمعالجة المشاكل التي تصاحب الكثافة السكانية للمدن".
ويصل محيط الهيكل، الذي صُمم ليكون على ارتفاع 550 مترًا فوق مستوى الشارع، لأكثر من 3 كيلومتر، وستكون الحلقة مدعومة بـ5 أعمدة ضخمة.
وذكر شودري: "أردنا خلق مناخ محلّي وسط المدينة، وإنشاء ما يُشبه الغلاف حول المنطقة للتّحكم في درجة الحرارة، وجعلها أكثر ملاءمة للعيش أثناء الطقس الحار"، مضيفًا أنه "يمكن استخدام هذه (الركائز) الرأسية كأجهزة لتنقية الهواء في المناطق الحضرية".
ويمكن أن يضم هيكل الأعمدة تصميمًا مبتكرًا لتصفية الضباب الدخاني صُمم من قِبَل "ZNera Space"، ورُشّح لجائزة مهرجان العمارة العالمي لعام 2018 في فئة "المشاريع المستقبلية التجريبية".
تصميم مستدام للمستقبل
وفي دبي، غالبًا ما تتجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية، ويرغب المهندسون المعماريون أن يضع تصميمهم معيارًا جديدًا للاستدامة في المنطقة.
وقال شودري: "سيكون السقف بأكمله عبارة عن امتداد من الألواح الشمسية"، مشيرًا إلى رغبته أيضًا في "تطبيق تقنية قمنا باستخدامها بالفعل في مشروع سابق، أي خلايا الهيدروجين الشمسية".
وتستخدم هذه التقنية الطاقة الشمسية لتحويل الماء إلى هيدروجين، ويمكنها بعد ذلك تشغيل مكيّفات الهواء، وتزويد المبنى بالطاقة.
وتم إعداد التصميم ليتماشى مع خطة دبي لتوفير بيئة حضرية مستدامة بحلول عام 2040.
ويقترح المفهوم أيضًا خيارات عديدة للتنقل، بما في ذلك نظام "ترام" كهربائي يمكن أن يصل سرعته إلى 100 كيلومتر في الساعة، بالإضافة إلى بُنى تحتيّة لاستيعاب سيارات الأجرة الطائرة.
مدينة "مكتفية ذاتيًا"
ولا يأتي هذا القدر من الطموح المعماري من دون تحديات هندسية، مثل إنشاء هيكل قوي بما يكفي لاستيعاب التفاصيل الداخلية، وخفيف بما يكفي لتدعمه الأعمدة.
وأوضح شودري: "الهيكل نفسه خفيف الوزن إلى حدٍ ما. وأنا أتخيله كطائرة (كبيرة)، ويكون الغطاء الذي يُشكّل الهيكل، وأضلاعه، ومساحاته الداخلية جميعها مجوّفة".
وتابع شودري: "ولكنه مدعوم عبر هذه الأعمدة، والحلقة الدائرية"، مضيفًا: "اخترنا جعله دائريًا لأن هذا الشكل الهيكلي يُعتبر الأكثر استقرارًا".
وسيجمع الهيكل المُقترح المساحات السكنية مع المناطق التجارية، والثقافية، وأخرى خاصة بالشركات لتشكيل "مدينة مكتفية ذاتيًا داخل مدينة"، بحسب ما ذكره ريميس.
وشرح ريميس: "إذا كنت تعيش هناك، يمكنك الوصول إلى مكتبك، أو حديقتك، أو منزلك في غضون 15 إلى 20 دقيقة سيرًا على الأقدام. وفي دبي، من الصعب القيام بذلك".
أما أهم ما يميّز التصميم الداخلي فيتمثل بالحزام الأخضر غير المنقطع، الذي يُدعى "سكاي بارك"، والذي يربط الطوابق الخمسة للهيكل.
وأكّد شودري أن "سكاي بارك هو العمود الفقري المركزي للتصميم بأكمله"، وسيكون عبارة عن "مساحة خضراء متعددة الاستخدامات، وسيعمل أيضًا كمساحة لإعادة التفكير في كيفيّة الزراعة في المستقبل، وخاصة في المدن".
وشرح ريميس: "إذا نظرنا من الناحية التاريخية، فقد ظهرت الزراعة أولاً، ثم بنينا المدن"، ولكننا "فقدنا هذا المفهوم نوعًا ما الآن".
ومن خلال هذا الحزام الأخضر داخل الهيكل، قال ريميس: "نريد إنتاج الغذاء وإعادة الزراعة إلى وسط المدينة".
ويجذب هذا المفهوم الانتباه بالتأكيد، ولكن لم تكن جميع ردود الفعل عليه إيجابية، إذ منذ نشر الصور التخيليّة للمشروع عبر صفحة "إنستغرام" الخاصة بالشركة، أشار بعضهم إلى أن التصميم قد يدمّر نسيج منطقة وسط المدينة.
وقال تشودري: "كانت بعض التعليقات عبر الإنترنت سلبيّة، ولكن كما قال لنا أحد الأشخاص مؤخرًا، أيهما يبدو أفضل: إصبع فارغ، أم إصبع به خاتم؟"، ثم أكّد: "أعتقد أنه يضيف شيئًا للطابع العمودي لبرج خليفة".