دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في جميع أنحاء آسيا، تُفتح الحدود وتُرفع إجراءات الحجر الصحي، حتى أنّ الدول القليلة المتبقية التي تشبثت بـ"قيود كوفيد-19" تتبنى العودة إلى السفر، باستثناء واحدة، أي الصين.
وبعد أن تضرّر اقتصادها بسبب توقف السفر لنحو 3 أشهر، أعادت العديد من البلدان في المنطقة فتح أبوابها خلال الأشهر القليلة الماضية - مما جلب الراحة ليس فقط لقطاعات السياحة، ولكن لملايين السكان الذين عانوا من انعدام الأمن الوظيفي والانفصال الأسري أثناء الجائحة.
ولكن في الصين، التي شهدت معاناة اقتصادها من سياسة صارمة فيما يخص انتشار فيروس "كوفيد-19"، فإنها تتضمن ضوابط صارمة على الحدود، وعمليات الإغلاق المفاجئ والحجر الصحي الإلزامي. ولا يبدو أن هناك نهاية لتلك القيود في الأفق، رغم الإحباط العام المتزايد.
وتراجعت الآمال بأن تخفف بكين سياساتها بعد مؤتمر الحزب الشيوعي الذي طال انتظاره، والذي سيُقام في وقت لاحق من هذا الشهر، بعد أنّ وصفت صحيفة الشعب اليومية الحكومية، الثلاثاء، هذا النهج بأنه "الخيار الأفضل".
وقالت الصحيفة في تعليق، عن تفشي المرض في البلاد: "في أوقات مثل هذه، علينا أن ندرك أن برنامج صفر كوفيد الديناميكي مستدام ويجب اتباعه".
وأضافت أنّ سياسة صفر إصابات "كوفيد-19" قلّلت من التأثير الاقتصادي للفيروس، وساعدت في إبقاء معدل الوفيات منخفضًا.
أجزاء من شرق آسيا تفتح حدودها
ويعني موقف الصين أنّها مختلفة حتى في شرق آسيا، حيث كانت الحكومات أبطأ في إنهاء قيود "كوفيد-19".
وكان صفر "كوفيد-19" يُعد النهج الرئيسي خلال الجائحة في غالبية أنحاء المنطقة، مع استمرار العديد من البلدان والأقاليم في القيود حتى عندما أصبحت اللقاحات متاحة على نطاق واسع في عام 2021.
وفي هونغ كونغ، وهي مدينة صينية تتمتع بحكم شبه ذاتي ولديها سياسات حدودية منفصلة عن تلك الموجودة في البر الرئيسي، انتهى ما كان ذات يوم أحد أكثر ترتيبات الحجر الصحي صرامة في العالم، في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وقد احتفل بالقرار السكان الذين يتعطشون لقضاء العطلات، وكذلك أصحاب الأعمال والدوائر الحكومية المعتمدة على السياحة.
وفي سبتمبر/ أيلول أيضًا، انفتحت جزيرة تايوان والتي تتمتع بالحكم الذاتي، من خلال استئناف الدخول بدون تأشيرة للزوار من وجهات مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وجاء ذلك بعد أنّ خفضت الحكومة الحجر الصحي الإلزامي من سبعة أيام إلى ثلاثة أيام للقادمين الدوليين اعتبارًا من يونيو/ حزيران الماضي.
جنوب شرق آسيا في الصدارة
وسبقت بعض البلدان في جنوب شرق آسيا، التي تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على السياحة، نظيراتها في شرق آسيا من خلال البدء بفتح حدوها العام الماضي، وهي تجني بالفعل ثمار ذلك.
وبدأت فيتنام في السماح للمسافرين الأجانب بزيارة الأماكن المخصصة بموجب برنامج جواز سفر اللقاح في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأُعيد فتحها بالكامل في مارس/ آذار، أي قبل ثلاثة أشهر من الموعد المقرر.
وقال نجوين ترونج خانه، المدير العام للإدارة الوطنية الفيتنامية للسياحة، إن "جميع مؤشرات صناعة السياحة تعافت بأعجوبة"، وفقًا لموقع الأخبار المملوك للحكومة "VietnamNet".
وبالمثل، بدأت تايلاند السماح بالسفر للأشخاص الذين تلقوا التطعيم بالكامل في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في إطار برنامج تم تعليقه لفترة وجيزة أثناء انتشار متحور "أوميكرون" لفيروس كورونا.
وأعادت إطلاق البرنامج في وقت مبكر من هذا العام، واستمرت في تخفيف القيود خلال الأشهر الأخيرة.
وبحلول الخريف، كان المسؤولون التايلانديون يحتفلون، إذ أشار المتحدث باسم الحكومة، أنوتشا بوراباتشيسري، إلى وصول أكثر من مليون سائح في سبتمبر/ أيلول الماضي، وتأمل الحكومة في الوصول إلى 10 ملايين زائر خلال العام بأكمله.
ماذا عن الصين؟
وتتناقض عمليات إعادة الافتتاح هذه بشكل صارخ مع الوضع في الصين القارية، حيث اعتاد الناس على احتمال الوقوع في فخ عمليات الإغلاق المفاجئ.
وخلال الأسبوع الماضي، منعت الصين جميع سكان شينجيانغ، البالغ عددهم 22 مليونًا، من مغادرة المنطقة أثناء تفشي "كوفيد-19"، بعد أسابيع فقط من بدء تخفيف القيود نتيجة إغلاق سابق.
وتضررت الأماكن السياحية الأشهر، إذ فرضت مدينة بينغياو القديمة، والمدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، إغلاقًا مفاجئًا بعد اكتشاف إصاباتين فقط بـ"كوفيد-19".
أما مدينة زانغجياجي، وهي موطن للحديقة الوطنية ذات المناظر الخلابة، فأُغلقت بسبب إصابة واحدة فقط بـ"كوفيد-19".
وفي الأسبوع الماضي، تقطعت السبل بمئات السياح في مطار بمحافظة شيشوانغباننا، في مقاطعة يونان، بسبب إغلاق مفاجئ.
ويبقى المسؤولون في حالة تأهب قصوى مع بقاء أقل من أسبوع قبل أن يعقد الحزب الشيوعي الحاكم في الصين مؤتمره الوطني الذي يحدث مرتين كل عقد، حيث من المتوقع أن يضمن الزعيم شي جين بينغ فترة ولاية ثالثة مخالفة للمعايير.
وعملت السلطات في جميع أنحاء البلاد على تمهيد الطريق خلال الفترة التي تسبق المؤتمر، والتي تُعد حساسه بشكل خاص، من خلال تشديد قواعد "كوفيد-19" الصارمة وإعلان المزيد من الإغلاق.
وهناك علامات أخرى تدل على بقاء نهج صفر إصابات "كوفيد-19".
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت السلطات بحي بودونغ في مدينة شنغهاي على الإنترنت، أنّها تتطلع إلى توظيف أكثر من 500 عامل لمكافحة "كوفيد-19" بعقد لمدة عامين، من أجل تنفيذ "أعمال الوقاية والسيطرة المجتمعية".
وقد حذف هذا المنشور من الحساب الرسمي لمكتب الحي على منصة "وي تشات" منذ ذلك الحين.
وصعدّت وسائل الإعلام الحكومية أيضًا من دفاعها عن نهج صفر "كوفيد -19" خلال الأيام الأخيرة.
وفي تعليق منفصل نُشر الأربعاء، زعمت صحيفة الشعب اليومية أن بعض الدول قد أعادت فتح أبوابها لأنه لم يكن أمامها خيار بعد الفشل في "السيطرة الفعالة على الجائحة في الوقت المناسب".
وجادلت الصحيفة بأن حالات تفشي المرض في الولايات المتحدة واليابان كانت دليلاً على "العواقب الوخيمة" لتخفيف القيود، رغم حقيقة أن البلدين شهدا انخفاضًا في حالات الإصابة بهما منذ ارتفاع عددها في الصيف.