لماذا تشكلّ السحب البركانية خطرًا على الطائرات؟

سياحة
نشر
6 دقائق قراءة
السحابة الرمادية المنبعثة من بركان ناونا لوا في ولاية هاواي الأمريكية
سحابة رمادية منبعثة من بركان ماونا لوا في ولاية هاواي الأمريكية.Credit: RONIT FAHL/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات المتحدة العربية (CNN) -- نصحت وزارة النقل في ولاية هاواي بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني مسافري الرحلات التالية إلى مطاري هيلو وإيليسون أونيزوكا كونا الدوليين بالولاية، بالتحقق من شركات الطيران الخاصة بهم قبل السفر، بسبب الانفجار البركاني المستمر لماونا لوا.

ويُعد ماونا لوا أكبر بركان نشط في العالم، وهذه المرة الأولى التي ينفجر فيها منذ قرابة أربعة عقود.

وقالت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية في بيان إنها "تراقب عن كثب الانفجار البركاني، وستصدر تحذيرات بشأن الحركة الجوية، ما أن تحدّد حجم سحابة الرماد".

وتشكلّ سحب الرماد البركاني خطرًا جديًا على الملاحة الجوية، إذ تقلّل الرؤية، وتضرّ بضوابط الطيران، وتتسبب أخيرًا بتعطيل المحركات النفاثة.

ويمكن أن تصطدم الطائرات بالرماد البركاني لصعوبة تمييزه عن السحب العادية، سواء بصريًا أو على الرادار، وفقًا لما ذكرته هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.

كما يمكن أن تتحرك سحب الرماد لمسافات كبيرة بعيدًا عن مصدرها. وفي عام 2010، تسبب ثوران بركاني في أيسلندا بتدفق عمود ضخم من الرماد عبر المحيط الأطلسي، ما تسبب باضطراب كبير في الحركة الجوية عبر أوروبا الغربية. وعقب الأزمة، قدّم المنظمون الدوليون للطيران إرشادات جديدة لإدارة المخاطر بشأن سلامة الطيران والرماد البركاني.

ماذا يحدث عندما تواجه الطائرات سحب الرماد؟

ورداً على أزمة أيسلندا، قالت شركة تصنيع الطائرات الأوروبية "إيرباص" في توجيهاتها التشغيلية، إنه يجب تجنّب الطيران عبر سحابة الرماد بالمطلق. وأفادت شركة "إيرباص" أن التجربة أظهرت إمكانية إلحاق أضرار مكلفة بأسطح الطائرات، والزجاج الأمامي، ومحطات الطاقة. كما يمكن أن تتلوث أنظمة التهوئة، والأنظمة الهيدروليكية، والإلكترونية، والهوائية.

وورد في التقرير أن ابتلاع المحركات للرماد البركاني قد يتسبب بتراجع خطير بأداء المحرك بسبب تآكل الأجزاء المتحركة والانسداد الجزئي أو الكامل لفوهات الوقود.

ويحتوي الرماد البركاني على جزيئات تقل درجة انصهارها عن درجة الحرارة الداخلية للمحرك. أثناء الطيران، إذ تذوب هذه الجسيمات على الفور إذا مرت عبر محرك. من خلال التوربين، لكن المواد المنصهرة تبرد بسرعة، وتلتصق بدورات التوربينات، وتؤثر على تدفق غازات الاحتراق عالية الضغط.

وقالت الشركة المصنعة إنه، بأسوأ الحالات قد يؤدي اضطراب التدفق هذا إلى توقف المحرك.

هل يمكن الكشف عن غيوم الرماد هذه؟

ويمرّ ملايين الركاب سنويًا، فوق مناطق نشطة بركانيًا مثل أيسلندا، وشمال المحيط الهادئ.

وتقدّر هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية وجود حوالي 1350 بركانًا نشطًا في أنحاء العالم، منها 161 بركانًا في الولايات المتحدة وأراضيها.

وبما أنّ رادار الطقس غير فعّال باكتشاف سحب الرماد البركاني، يعتمد الطيارون على تنبؤات دقيقة للانفجارات البركانية على طول مساراتهم الجوية.

وتتواجد تسعة مراكز استشارية للرماد البركاني (VAAC) حول العالم تم تعيينها من قبل المنظمات الدولية لتقديم مشورة الخبراء لوكالات الأرصاد الجوية الوطنية حول الموقع والحركة المتوقعة لسحب الرماد البركاني.

هل سبق وسُجّلت حوادث مميتة؟

لا، لكن حلّقت العديد من الطائرات داخل سحب الرماد على مرّ السنين، ما نجم عنه عدد قليل من الحوادث شبه المميتة.

وفي أبريل/ نيسان 1982، حلّقت رحلة الخطوط الجوية البريطانية 009 في طريقها إلى أوكلاند من لندن، داخل سحابة من الغبار والرماد المتطاير بفعل ثوران بركان جبل غالونغونغ في جزيرة جاوة الإندونيسية، ما أدى إلى تعطّل جميع محركاتها الأربعة.

وتمكّن الطيارون من الانزلاق بطائرة بوينغ 747-200 بعيدًا بما يكفي للخروج من سحابة الرماد، قبل إعادة تشغيل ثلاثة من المحركات، ما سمح للطائرة المعطلة بالتحول إلى جاكرتا والقيام بهبوط آمن.

وفي ذلك الحين، كان هذا أطول انزلاق لطائرة غير مخصصة لهذا الغرض.

وتم تذكر الحدث أيضًا بسبب الإعلان الذي أدلى به قائد الطائرة، إريك مودي، الذي كان هادئًا بشكل ملحوظ، إذ قال حينها للركّاب: "سيداتي وسادتي، قبطانكم يتحدث. لدينا مشكلة صغيرة. جميع المحركات الأربعة توقفت. نحن نبذل قصارى جهدنا للسيطرة على الأمر. أؤكد لكم أنكم لا تواجهون خطرًا كبيرًا؟"

وفي ديسمبر/ كانون الأول 1989، حلقت رحلة KLM رقم 867 متوجهة إلى أنكوريج في ألاسكا، من أمستردام، داخل سحابة طبيعية بالظاهر، تحولت إلى سحابة رماد بركاني نتيجة ثوران بركان جبل ريدوبت، في سلسلة ألوشيان.

وزاد الطيارون من طاقتهم في محاولة منهم للخروج من السحابة، لكن جميع المحركات الأربعة التابعة لبوينغ 747-400 توقفت بعد فترة وجيزة، كما تعطّل النظام الكهربائي الاحتياطي.

وتمكنّ الطاقم في النهاية من إعادة تشغيل محركين في وقت واحد، الأمر الذي مكّن الطائرة من الهبوط بأمان في أنكوريج، رغم الأضرار الجسيمة التي لحقت بالزجاج الأمامي وأنظمة الطائرة الداخلية، وإلكترونيات الطيران والإلكترونيات.