دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- اختير كأفضل مطعم في إيطاليا. لكن إذا اعتقد زبائنه أن ذلك يعني أنه سيقدم نسخًا راقية من أطباق اللحوم والأسماك الكلاسيكية، فإن المفاجأة بانتظارهم.
في انتقال مفاجئ يُعيد مطعم رياليه (Reale) الذي يحتضنه دير سابق في بلدة كاستل دي سانغرو (Castel di Sangro)، المحاطة بجبال أبينيني في منطقة أبروتسو الشرقية بإيطاليا تعريف ماهية الطعام الإيطالي، من خلال تقديم قائمة طعام نباتية.
لكن هذا الأمر لم يعرقل شهرته. فقد استلم الشيف نيكو روميتو، الحائز على ثلاث نجوم من ميشلان، جائزة رياليه أخيرًا بعدم اختير أفضل مطعم في إيطاليا من قبل Gambero Rosso ، الدليل التاريخي لأماكن تناول الطعام في البلاد.
إنه تكريم مفرح ذلك أنه جاء في وقت بات فيه المطعم الفاخر يقدم قائمة طعام خالية من اللحوم.
وقال لـCNN: "لقد اتخذنا خيارًا جذريًا بوضع قائمة طعام نباتية". وأردف: "الحصول على هذه الجائزة فيما نقدم قائمة نباتية يعني أن الناقد فهم عملنا ومدى تعمقنا في البحث."
وتابع: "يبدو الأمر كما لو أننا نكتب صفحة جديدة الآن، أطباقنا وأعمالنا غير موجودة في أدب تذوق الطعام. إنه أدرينالين جديد، وطاقة جديدة."
ويشي موقع مطعم رياليه بين البحر والجبال أنّه كان في مقدوره الإفادة من تقاليد الطهي الرائعة في المنطقة المعزولة، التي تشمل البحث عن الفطر في الخريف، وزراعة الزعفران في نافيلّي.
بسيط وصحي ومحلي
يعيد مطبخ رياليه أيضًا تفسير الطعام الإيطالي الفاخر. يقوم الطهاة بتنظيف البروكلي، وتجريده من الأوراق الخارجية، وبدلاً من التخلص منها، يستخدمونها كنجمة لأحد الأطباق الرئيسية في قائمة التذوق النباتي الجديدة.
الطموح لا يتوقف عند هذا الحد. فبالإضافة إلى فندق بوتيكي ومدرسة للطهي، تضم أراضي المطعم مزرعة كروم بيكورينو التجريبية.
ورأى روميتو إنه المكان المثالي.
وقال: "نحن في كاستل دي سانغرو، أبروتسو، المنطقة الأكثر خضرة في أوروبا، ومحاطون بالطبيعة. تمثل الخضار كل ذلك". وتابع "فكرت بأنني إن لم أقدم على ذلك، فمن سيفعل ذلك؟ من الطبيعي أن أفعل هذا وسط بيئة مثل هذه. إنه يعكس كل ما لدينا من حولنا."
ورياليه، ليس المطعم الأول الذي حاز على نجمة ميشلان بقائمة نباتية. في عام 2020، أعلن مطعم Eleven Madison Park في مدينة نيويورك أنه يقدم طعامًا نباتيًا، مخلفّا وراءه لائحة طعام فخمة تضم خنزيرًا رضيعًا وبطة مشوية كاملة مع دايكون، والبرقوق.
كثف الجائحة التدقيق في النظم الغذائية القائمة على الحيوانات لأسباب اجتماعية وبيئية.
ورغم ذلك، يبقى رياليه الأول في إيطاليا، حيث تذوق الطعام من مشارب مختلف يحدد الطعام والأكل الفاخر على وجه الخصوص، مع التركيز الشديد على اللحوم والأسماك والصلصات الغنية.
ولفت روميتو إلى أنّ تحوله النباتي هو بمثابة وسيلة للتأثير على المطاعم من جميع الأنواع، وتشجيعها في إيطاليا على استخدام مكونات بسيطة وصحية تنمو محليًا.
وقال "إذا فكرت في البقوليات في أبروتسو، والحمص، والعدس، والفول، فإنها لا تستخدم غالبًا في الأكل الفاخر. لذلك إذا بدأ تناول الطعام الفاخر باستخدام هذه المكونات، فإنه يؤثر على المطاعم اليومية".
وتابع: "أنا مهتم بتغيير نموذج الطهاة، ولكن أيضًا الزبون الذي يأتي لتناول الطعام ويدرك أن الخضار قد تكون أكثر إثارة من اللحوم أو الأسماك."
قصة جديدة
عندما حصل روميتو على جائزة غامبيرو روسو لأفضل مطعم في إيطاليا في 24 أكتوبر/ تشرين الأول خلال حفل أقيم في روما، أحضر معه بائع الخضار من الجيل الرابع، أليساندرو لا فالّيه، على خشبة المسرح.
وقال روميتو: "من دونه، لما كانت بعض الأطباق ممكنة". وأضاف: أن معرفة لا فالّيه الموسوعية بالمنتجات ومن أين يمكن الحصول عليها على مدار العام ساعدته بوضع قائمته.
وأوضح روميتو أن فلسفته في الطعام كانت دومًا راسخة بعمق في أبرتسو ومنتجيها المحليين.
وأردف الطاهي أنهّ "يتعين اليوم، على الزبون أن يأكل في مكان يفكر فيه بتناول الطعام بشكل جيد واستخدام المكونات التي تلحق أضرارًا أقل بالبيئة، والطهي من خلال استخدام مكونات كانت تعتبر حتى وقت قريب مملة ومبتذلة".
"لكن الاختلاف الحقيقي هو عندما يستطيع طاهٍ أن يصنع من مكون نعرفه جيدًا طبقًا جديدًا".
وأضاف: "يكمن إبداع الطاهي بتقييم هذه المكونات والبحث، هذا هو الفرق".
ولفت روميتو، الذي أطلق اسمه على سلسلة من المطاعم الراقية مثل Il Ristorante Niko Romito في فنادق بولغري بميلانو، وشنغهاي، وبكين، ودبي، وباريس، إلى أنّه أراد أيضًا جعل المطعم أكثر سهولة وإضفاء الطابع الديمقراطي على تناول الطعام الفاخر من طريق خفض الكلفة من قائمة التذوق الخاصة به لجذب الزبائن الذين لا يزورون عادةً مطعمًا من فئة ثلاث نجوم ميشلان.
وأشار إلى "أنه جمهور أصغر سنًا وأكثر ثقافة في مجال تذوق الطعام، إنهم يرغبون بالحصول على الخبرة الكاملة وفهم الفلسفة الكامنة وراء القائمة".
وتابع أن "السعر يساعد كثيرًا. اليوم كان لديّ 26 عامًا إلى طاولة المطبخ، لم أستقبل قبلا شابًا بهذا العمر، إنه لأمر مدهش!"
وقام كل من روميتو وشقيقته كريستيانا روميتو، التي تدير الجزء الأمامي من المنزل، بمغامرة للعودة إلى ريفيسوندولي، مسقط رأسهما في أبروتسو، لتولي مخبز العائلة وتراتوريا بعد وفاة والدهما.
التجربة والخطأ
كان نيكو روميتو يتابع دراسته لنيل شهادته في الاقتصاد في ذلك الوقت. وقالت والدته، جيوفانا، لـCNN: "لم أكن متأكدة في البداية من مغادرة روما حيث كنا نعيش، حيث توجد المزيد من الاحتمالات، لكنه قال لي ، ’أمي، عليك أن تؤمني‘".
"لقد كان محقا."
خلال سبع سنوات، حصلوا على أول نجم لميشلان، تبعها نجم ثان. ثم قرروا نقل مطعمهم إلى الدير السابق في Castel di Sangro، على بعد حوالي 9 أميال من موقعهم الأصلي.
وقدّر عمل كريستيانا روميتو في إدارة المطعم وغرفة الطعام على لقب أفضل مدير غرفة طعام في العالم، من قبل Les Grandes Tables du Monde ، عام 2019.
إسوة بشقيقها، لم تكن لديها خبرة سابقة في صناعة المطاعم وشاركت فلسفة إضفاء الطابع الديمقراطي على تجربة تناول الطعام الفاخر، ضمنًا الجهود المبذولة لتلبية احتياجات الضيوف ذوي القدرات المختلفة.