دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في يومٍ صيفي حار في قرية "موسهل" (Mousehole) الساحليّة بمقاطعة كورنوال الإنجليزية، وداخل مطبخ فندق "The Old Coastguard"، يُحضّر الشّيف جايمي بورتر طبقًا تملؤه رؤوس الأسماك.
وقال بورتر: "لم تكن هناك الكثير من الأشياء التي كان علي الموافقة على القيام بها عندما انضممت إلى هذه الوظيفة، وأضاف: "لكن صنع فطيرة ستارغيزي كانت إحدى هذه الأشياء".
وينحدر بورتر من بادستو، وهي بلدة تقع على السّاحل الشّمالي لكورنوال في الطّرف الجنوبي الغربي من المملكة المتحدة.
وتقع قرية "موسهل"، وهي عبارة عن ميناء صيد صغير، على السّاحل الجنوبي لكورنوال.
وسبق أن تدرّب بورتر مع الشّيف البريطاني ريك شتاين في مطعم "Seafood Restaurant" الشّهير في بادستو، وفي "Waterside Inn" غرب لندن مع الشّيف المعروف عالميًا، آلان رو.
ولذلك، قد يكون بورتر معتادًا على المأكولات الراقية والتي تتطلب الكثير من التحضير.
ولكن مشاهدة بورتر وهو يعمل على فطيرة "ستارغيزي" (Stargazy) توحي بالرّهبة، وخصوصًا عند إقناعه بصنع هذا الطّبق قبل أشهر من اليوم الوحيد في العام الذي يُفترض أن يتم تناول الطبق فيه، أي في 23 ديسمبر/كانون الأول وخلال مهرجان "Tom Bawcock's Eve".
ووضع بورتر تحت العجين خليطًا غنيًا من الزّبدة، والأسماك، ومنها الحدوق المدخّن، والقد، والماكريل، إضافةً للأعشاب.
ومن حينٍ لآخر، يُحسّن بورتر الوصفة بإضافة الكركند، والمحار، وحتّى الفطر.
نكهات جديدة
وتخرج الفطيرة من الفرن بعد 20 دقيقة برؤوس الأسماك البارزة من العجين، وهي تحدّق نحو السّقف.
وتتميز الفطيرة بطعمها المقرمش، وتتمتّع بنكهة غنيّة بالزّبدة، ومذاق المأكولات البحريّة.
واقترح بورتر قائلاً: "يمكنك التخلّص من الحليب والقشدة"، مضيفًا: "سيكون من الرّائع تناولها بالليمون، والفلفل الحار".
أما توم بوكوك فهو صيّاد من القرن الـ16، قيل إنّه بدأ أسطورة "ستارغيزي" عبر التوجّه إلى البحر بمفرده بعد أن أبقت العاصفة أسطول الصّيد في الميناء لعدّة أسابيع.
وكان صيده وفيرًا لدرجة أنّه أنقذ القرية من الجوع.
وتقول القصّة إن بوكوك أنقذ "موسهل"، وتمتّعت الفطيرة النّاتجة عن صيده الوفير في العاصفة، بسبعة أنواع من الأسماك برؤوسها البارزة عبر العجين لإثبات أنّها موجودة.
وهذه واحدة من بين العديد من القصص البطوليّة في البلدة الصّغيرة التي وصفها الشّاعر ديلان توماس ذات مرّة بأنّها "ألطف قرية في بريطانيا".
أمواج هائجة
وفوق قمّة صخريّة في منتصف الطريق بين "نيولين" و"موسهل" تقريبًا، يتواجد معلم آخر يُجسّد الشّجاعة في كورنوال، وهو نصب تذكاري لقارب نجاة يحكي عن مأساة بحريّة يتذكّرها الأشخاص اليوم كما لو أنّها حصلت الأمس.
ولا يعلم أحد بالضبط ما حدث لقارب نجاة سولومون براون بعد تلقي نداء استغاثة من سفينة تضرّرت في رحلتها الأولى بين هولندا وأيرلندا في 19 ديسمبر/كانون الأول من عام 1981.
وخرجت فرقة قوارب النجاة بـ"موسهل" تلك الليلة لمواجهة أمواج بلغ ارتفاعها 50 قدمًا، ورياح بقوّة الأعاصير، لإنقاذ سفينة "Union Star" بينما كانت عالقة بين الأمواج الهائجة.
ولم تستطع الطّائرة المروحيّة التّابعة للبحريّة الملكيّة أو القاطرة من الاقتراب بما يكفي للمساعدة، ولكن حاول المتطوّعون من فرقة قوارب النجاة الوصول إليها بشكلٍ متكرّر.
وفقد 16 شخصًا حياتهم في البحر تلك الليلة، ومن ضمنهم 8 قرويين.
ولا يزال السّكان المحليّون يتحدّثون عن هؤلاء الرجال، ويتم إحياء ذكرى الكارثة كل عام عبر إطفاء الأضواء الاحتفاليّة حول ميناء "موسهل" لمدة ساعة واحدة.