دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يُعد السفر حول العالم بمثابة حلم يتمناه العديد من الأزواج، ولكن يجرؤ القليل منهم فقط على تحقيقه.
وقرّر مات وليا برايور ترك وظائفهما وبيع كل ما يملكانه في سبيل تحقيق حلمها.
وفي 15 يوليو/ تموز، بدأ الثنائي رحلة حول العالم برًّا بصحبة طفليهما، جاك البالغ من العمر 3 سنوات، وشارلوت البالغة من العمر عاما.
ولطالما كان السفر جزءًا من نسيج عائلة برايور.
التقى الثنائي في لاوس عام 2011، وحينها كان مات يجمع التبرعات لصالح الصليب الأحمر البريطاني أثناء قيادة سيارة تاكسي لندن السوداء في جميع أنحاء العالم، بينما كانت ليا في رحلة حول العالم استمرت لمدة عام بعد عملها كمعلمة في كوريا الجنوبية لبضع سنوات.
وسرعان ما نشأت بينهما شرارة الحب، وبقيا في علاقة عاطفية عن بُعد لمدة عام بعد انتهاء رحلة مات البرية، قبل أن ينتقلا إلى هونغ كونغ لبدء حياتهما معًا.
وخلال الرحلة ذاتها، التقى مات بعائلة زاب المشهورة، التي تتكون من 6 أشخاص (الأب والأم و4 أطفال). وكانت العائلة قد سافرت حول العالم لمدة 22 عامًا في سيارة كلاسيكية.
ويقول مات لـCNN: "تحدثنا أنا وليا عن مغامرة عائلة زاب بعدما التقينا، ومنذ ذلك الحين طُبعت الفكرة في ذهنينا، بأنه ربما يومًا ما نتمكن من فعل شيئًا مماثلًا".
والآن، أصبح هذا الحلم حقيقة.
وانطلاقا من العاصمة البريطانية لندن، تسافر العائلة في سيارة مخصصة للطرق وعرة تجرّ مقطورة. ومن المقرر أن تسافر العائلة عبر أكثر من 100 دولة على مدار السنوات الخمس المقبلة، مع التوقف في المتنزهات الوطنية والمناطق المحمية لدعم المبادرات الاجتماعية والبيئية.
وبعد المملكة المتحدة، ستعبر العائلة أوروبا والشرق الأوسط، قبل الانتقال إلى آسيا الوسطى، والصين، وجبال الهيمالايا، وجنوب شرق آسيا، وآسيا، والمحيط الهادئ، وأفريقيا، والأمريكتين.
وخلال المشروع، الذي أُطلق عليه اسم "Project Wild Earth" (مشروع الأرض البرية)، ستُشارك العائلة أيضًا قصصًا عبر الموقع الإلكتروني الخاص بها وحساباتها على منصات التواصل الاجتماعي حول حماة البيئة الملهمين والمنظمات الداعمة، والمسؤولين الحكوميين، ورواد الأعمال الذين يتعاملون أو يتواصلون معهم.
ويقول مات: "لدينا فرصة فريدة من نوعها قبل أن يبلغ أطفالنا عمر دخول المدرسة، لذلك إذا كنا سنقوم بشيء مجنون بعض الشيء كعائلة، فقد حان الوقت الآن للقيام بذلك".
وتابع: "نأمل بالمساهمة في حماية التنوع البيولوجي لكوكبنا والحفاظ عليه - وإذا تمكنا من تحقيق ذلك، سأشعر أننا قد لعبنا دورنا الصغير في مغادرة العالم بطريقة أفضل مما كان عليه عندما دخلناه أول مرة، والمساعدة في تعديل المسار بعيدًا عن المسار الحالي"
الطريق إلى مشروع "Project Wild Earth"
بعد لم شملهما في هونغ كونغ، عاش الزوجان برايور في المدينة المزدحمة لنحو عقد من الزمان.
وعملت ليا، وهي أمريكية، كمعلمة في مدرسة ابتدائية، وساعدت في إنشاء مدرسة "Sudbury" في هونغ كونغ التي تمكن الأطفال من توجيه تعليمهم بأنفسهم.
بينما شغل مات، وهو بريطاني، العديد من المناصب، منها طيار تجاري، ومؤسس مشارك لشركة "AdventureX" المتخصصة في رحلات المغامرات، ومدير نادي "The Explorers" في هونغ كونغ.
وعندما هزت الاضطرابات السياسية المدينة في عام 2019، بدأ الزوجان في إعادة تقييم خططهما.
واستعدادًا للتغيير، كانا يأملان في الانتقال إلى إندونيسيا للعيش في مزرعة عضوية وتكوين أسرة.
وبسبب جائحة فيروس كورونا، اضطر الزوجان لإيقاف خططهما مؤقتاً، ووجدا أنفسهما عالقين في هونغ كونغ، التي كانت لديها بعض القيود الوبائية الأكثر صرامة في العالم.
وبعد إنجاب ابنهما الأول، جاك، انتقلت العائلة إلى ساي كونغ، التي تقع في الجزء الشرقي من الأراضي الجديدة في هونغ كونغ، ليكونوا بالقرب من الطبيعة، بعيداً عن الضجيج الحضري.
وعندما حملت ليا بابنتهما في عام 2022، لم تكن المدينة قد خففت قيودها الوبائية بعد، لذلك انتقلت العائلة إلى الولايات المتحدة مؤقتاً، بينما بقي مات يعمل في هونغ كونغ.
ويُوضح مات: "كان علينا إعادة النظر في كل شيء. كنا ننظر في الأساس إلى بداية جديدة، موقع جديد وربما وظائف جديدة. كان هذا قرارا عائلي، وليس فقط ما قد نرغب في القيام به فردياً".
وأثناء تقييم خياراتهما، تذكر الزوجان مغامرة عائلة زاب الملهمة، واستوحيا مشروع "Project Wild Earth".
ويتذكر مات قائلًا: "عادت فكرة القيام برحلة برية كعائلة مرة أخرى. وهذه المرة كان الخيار المفضل لدينا، مع مراعاة جميع الظروف"، مضيفًا: "ربما لم يكن القرار الأكثر منطقية، لكنه كان الخيار الصائب".
أما فيما يرتبط بالتخطيط لكيفية تخصيص وقتهما على الطريق، يشير مات إلى أنه "أصبح من الواضح أن حماية الطبيعة سيكون نهجنا، ما أدى بنا بطبيعة الحال إلى الحفاظ على البيئة"،
وبدأ الزوجان في البحث عن مشاريع بيئية عالمية والتحدث إلى العديد من الأشخاص في القطاع حول ما يمكن لعائلتهما فعله لإحداث فرق.
ومع تشكيل مشروعهما، شرع الزوجان في بناء شبكة عالمية من الشركاء وجمع قاعدة بيانات تضم أكثر من 250 مشروعًا في جميع أنحاء العالم.
وتغطي هذه المبادرات مجموعة واسعة من الجهود، بدءًا من مشروع منظمة "تومبكينز" لحماية البيئة وجمعية الحفاظ على الحياة البرية وصولاً إلى مشروع “آلين كورال أطلس" الذي يرسم خرائط للشعاب المرجانية لرصدها والحفاظ عليها.
وهناك مشاريع تعيد الأراضي إلى القبائل الأصلية، وتبتكر السياحة القائمة على الطبيعة، وتقلل بشكل كبير من إلقاء شباك الصيد العرضي، وتستعيد الغابات المطيرة عن طريق الزراعة، وتستخدم التكنولوجيا لتحسين رصد الحياة البرية والحفاظ عليها.
وخلال رحلتهما، يخطط الزوجان للتطوع بوقتهما ومهاراتهما والمساعدة في نشر أهداف للمشروع.
واستلهام الزوجان من نصائح معهد جين غودال، إذ يخطط مات وليا لنشر الوعي حول جهود الحفاظ على البيئة من خلال رواية القصص.
وتأسست المنظمة على يد عالمة الرئيسيات الشهيرة والمحافظة على البيئة، الدكتورة جين غودال.
ويقول مات: "إنها مصدر إلهام كبير لنا والسبب الرئيسي وراء اختيارنا رواية القصص، استنادًا إلى اعتقادها أن هذا هو ما يحرك الناس حقًا للتغيير من الداخل".
ويتطلع الزوجان لمشاركة طفليهما في العديد من المشاريع والتعرف إلى النظم البيئية المختلفة والحياة البرية والترميم وممارسات الزراعة المتجددة والحفظ بشكل عام.
ويضيف مات أن التمكن من قضاء هذا الوقت الثمين مع أطفالنا أمر مميز للغاية.
ويؤكد: "نأمل أن تصبح الطبيعة ودعم الآخرين جزءًا من نسيج طفلينا للمضي قدمًا. ولكن إلى أين ستأخذهما هذه الرحلة في النهاية سيكون الأمر متروكًا لهما".