دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- ربما تكون قد صادفت صورًا مذهلة يصعب تصديقها لدوائر الجن، وكأنها صفوف من "نقاط البولكا".. ولكن ما قصتها وسرّ ظهورها؟
وهذه الظاهرة حيّرت العلماء لسنوات طويلة. وقد تكون أكثر انتشارًا مما كان يُعتقد سابقًا.
ولم يتم رصد دوائر الجن في السابق سوى بالأراضي القاحلة في صحراء ناميب بجنوب إفريقيا والمناطق النائية في أستراليا الغربية.
لكن دراسة جديدة استخدمت الذكاء الاصطناعي لتحديد أنماط النباتات التي تشبه دوائر الجن في مئات المواقع الجديدة عبر 15 دولة في ثلاث قارات.
وهذا يمكن أن يساعد العلماء على فهم دوائر الجن وتكوينها على نطاق عالمي.
وبالنسبة للمسح الجديد، الذي نُشر يوم الاثنين في مجلة "Proceedings of the National Academy of Sciences"، قام الباحثون بتحليل مجموعة البيانات التي تحتوي على صور أقمار صناعية عالية الدقة للأراضي الجافة، أو النظم البيئية القاحلة ذات الأمطار الشحيحة، من جميع أنحاء العالم.
واستخدم البحث الشبكة العصبية، وهي طريقة في الذكاء الاصطناعي، حيث تُعالج البيانات بطريقة مستوحاة من الدماغ البشري.
المئات من مواقع دوائر الجن المحتملة
أولاً، قام مؤلفو الدراسة بتدريب الشبكة العصبية على التعرف إلى دوائر الجن عن طريق إدخال أكثر من 15 ألف صورة، تم التقاطها فوق ناميبيا وأستراليا، عبر الأقمار الصناعية.
وبعد ذلك، قام العلماء بتغذية الذكاء الاصطناعي الخاص بهم بمجموعة بيانات مع مشاهدات عبر الأقمار الصناعية لحوالي 575 ألف قطعة أرض حول العالم، وتبلغ مساحة كل منها حوالي 2.5 فدان، أي هكتار واحد.
وقامت الشبكة العصبية بمسح النباتات في تلك الصور، وحددت أنماطًا دائرية متكررة تشبه أنماط دوائر الجن الغامضة. وقيّمت أحجام الدوائر وأشكالها، إضافة إلى مواقعها وتوزيعها.
وأوضح مؤلف الدراسة الرئيسي، إميليو جيرادو، وهو عالم البيانات في المعهد متعدد التخصصات للدراسات البيئية بجامعة "أليكانتي" بإسبانيا، أن نتائج هذا التحليل تطلبت مراجعة بشرية.
وأظهرت النتائج 263 موقعًا للأراضي الجافة، حيث توجد أنماط دائرية مشابهة لدوائر الجن في ناميبيا وأستراليا.
وتوزعت هذه المناطق القاحلة في جميع أنحاء إفريقيا. وتجّمعت أيضًا في مدغشقر وغرب آسيا الوسطى، وكذلك وسط وجنوب غرب أستراليا.
أصول غامضة لدوائر الجن
قام مؤلفو الدراسة أيضًا بتجميع البيانات البيئية، حيث تم رصد الدوائر، وجمع الأدلة التي قد تُلّمح إلى أسباب تشكّلها.
وقرر الباحثون أن الأنماط الشبيهة بدوائر الجن قد تحدث في التربة الرملية الجافة جدًا، والتي تكون عالية القلوية ومنخفضة النيتروجين.
ووجد العلماء أيضًا أن الأنماط الشبيهة بدوائر الجن قد ساعدت على استقرار النظم البيئية، ما يزيد من مقاومة المنطقة للاضطرابات مثل الفيضانات أو الجفاف الشديد.
ولكن، يبقى السؤال، ما الذي يُشكّل دوائر الجن؟
وأفاد مؤلفو الدراسة أن الأمر معقد.
وقد تختلف العوامل التي تُشكّل هذه الدوائر الغامضة من مكان إلى آخر.
وكتب الدكتور ستيفان جيتزين، وهو باحث في قسم نمذجة النظام البيئي بجامعة "غوتنغن" في ألمانيا، أن بعض الظروف المناخية، إلى جانب التنظيم الذاتي في النباتات، قد شكّلت دوائر الجن في ناميبيا.
وبينما تستفيد الحشرات مثل النمل الأبيض من البقع الجافة، فإن أنشطتها لا تنتج الأنماط بشكل مباشر، بحسب ما قاله في البريد الإلكتروني.
ومع ذلك، قالت الدكتورة فيونا والش، وهي جزء من فريق دولي، وقامت بالتحقيق في دوائر الجن بالمناطق النائية الأسترالية، إن الدوائر الغامضة في أستراليا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بنشاط النمل الأبيض.
ورغم أن هناك تساؤلات كثيرة حول دوائر الجن، إلّا أن مؤلفي الدراسة لديهم شعور بالتفاؤل.
وقال جيرادو: "نأمل أن توفر المعلومات التي ننشرها في الورقة مجالات جديدة للدراسة من شأنها حل الألغاز الجديدة في تشكيل أنماط الدوائر الغامضة".