دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يبدو كل شيء أفضل في العاصمة الفرنسية باريس، خلال كل فترات العام. ويمكن القول إنّها المدينة الوحيدة في العالم التي تجذب أكثر من 30 مليون شخص كل عام إلى معالمها لارتباطها بشعور واحد، أي الحب.
ولكن بالنسبة للكاتبة ديمي بيريرا، لم تُثِر ذكرى باريس لديها إلا مشاعر الحزن والإهانة لأنّ "قلبها تحطم" أسفل برج إيفل.
وبعد مرور نحو عِقد من الزمن، قامت بيريرا بشيء لتغيير كل ذلك.
وأخذ الموقف محلّه في أبريل/نيسان من عام 2011 عند وصولها من العاصمة البريطانية لندن إلى باريس لأول مرة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع لثلاثة أيام مع حبيبها الذي كان يعيش في المدينة.
وكانت خطة الثنائي بسيطة، وانطوت على زيارة معالم المدينة، والمشي على طول نهر السين، وتناول الطعام في أكبر عددٍ ممكن من المطاعم.
وكان برج إيفل على رأس قائمتها للمعالم التي يجب رؤيتها.
وعند مغادرتها محطة المترو، داعبت أشعة الشمس الربيعية وجهها، وتسارعت نبضات قلبها من الحماس أثناء السير لمقابلة حبيبها عند البرج.
وقالت الكاتبة لنفسها: "سأستمتع بوجودي هنا".
وكان شريكها يقيم في باريس لجزء من العام للعمل، ومكّنه ذلك من التعرف إلى المدينة بشكلٍ جيد.
ونصت التعليمات التي كتبها حبيبها لها عبر رسالةٍ نصية على التالي: "قابليني عند الطريق المؤدي إلى برج إيفل في الساعة الثالثة. سوف أُبطِّئ السرعة حتّى تتمكني من الدخول إلى السيارة. وسيكون النهر خلفك".
وفي وقتٍ سبق استخدام خرائط "غوغل"، بدت التعليمات واضحة ومباشِرة بالنسبة لها، وبدا الأمر بسيطًا لدرجة أنّها لم تطرح عليه المزيد من الأسئلة.
نفاذ الوقت
وصلت بيريرا قبل الموعد المحدّد بساعة، ومشت قليلاً حول المدينة، حتى رأت برج إيفل في الأفق، وفُتنت به بشدة.
وعندما اقترب موعد لقاء حبيبها، انطلقت الكاتبة للعثور على الطريق "المؤدي إلى برج إيفل"، ولكنها لم تتمكن من رؤية شيء مطابق لوصف حبيبها بعد 20 دقيقة من التجول.
وقررت بيريرا العودة إلى نهر السين لشعورها بالإحباط، وعند تفقد هاتفها، وجدت رسالة نصية غاضبة تقول: "أين أنت؟! لا أستطيع أن أصدق أنّك لستٍ هنا!".
ومن ثم تبادل الثنائي محادثة كشفت عن مشاكل عَلِمت أنّها تواجه علاقتهما، ولكنها تمنت نسيانها في باريس، ولكن لم تستطع "مدينة الحب" مساعدتهما.
واستمر تبادل الرسائل الفوضوية لدقائق أخرى قبل أن ترى الكاتبة حبيبها وهو يمشي نحوها، في الطقس الماطر.
وقال حبيبها بغضب وهو يلوّح في الاتجاه المعاكس: "كل ما عليك فعله هو انتظاري هناك".
وردّت الكاتبة بإحباط: "هل يمكننا أن ننسى ذلك الآن"؟
ومن ثم قال حبيبها: "كلا، لا يمكننا نسيان الأمر فحسب! كنت قد أحضرت باقة من الزهور لك، وألقيتها في سلة المهملات".
البكاء بجانب البرج
انفجرت بيريرا في البكاء بسبب كلماته الغاضبة، ولكنه انصرف من دون أن ينطق بكلمةٍ واحدة لتهدئتها أثناء بكائها وسط باريس.
واعتبر الثنائي أنهما أصدقاء لـ5 أعوام قبل الدخول في علاقة عاطفية.
وباعتبارها شخصًا نشأ ببيئة فيها الكثير من الحماية، وجدت الكاتبة أنّ نظرته الخالية من الهموم تجاه الحياة كانت جذابة للغاية، وسُحِرت بعفويته من دون ملاحظة طبيعته المتهورة.
وبدلاً من اللحاق به إلى السيارة، كما توقع منها، مشت بيريرا تحت المطر لتعود إلى محطة المترو.
وقالت الكاتبة: "أردت مغادرة باريس. لم أكن أكثر ثقة في اتخاذ قرار مقارنة بأي وقتٍ مضى".
وأثناء انتظارها للقطار، وصلتها سلسلة من الرسائل:
"أين أنت؟".
"إذا ضعتِ مرة أخرى، فلن آتي للبحث عنك".
"سأعود إلى المنزل".
وتجاهلت بيريرا كل ذلك، فهي لم ترغب بمعرفة ما جعله غاضبًا كما تفعل دائمًا.
وفي النهاية، أدى موقف كان يُفترض أن يكون لحظة لم شمل جميلة أسفل برج إيفل إلى إنهاء علاقتهما.
وعادت إلى لندن، ولم تتصل به مرة أخرى، ولم تحاول استعادة الممتلكات التي تركتها في منزله، كما أنّها قطعت علاقتها مع الأصدقاء المشتركين.
ولعدة أعوام بعد ذلك، كان مجرّد ذكر باريس بشكلٍ عابر يُشعِرها بالخوف.
عودة سعيدة
استغرقت منها العودة إلى باريس عِقدًا من الزمن، إذ قررت بيريرا أنّ الوقت قد حان لإصلاح علاقتها بباريس.
وعند الوصول إلى شوارع باريس، لمحت الكاتبة برج إيفل أثناء السير على طول نهر السين، ولم تستطع إلا الابتسام، إذ أنّها شعرت بالإثارة ذاتها لدى رؤيته لأول مرة.
وعلى مرّ الأيام الثلاثة التالية، تجولت في كل مكان، وانتهزت أي فرصة للجلوس بالمقاهي، واحتساء النبيذ، ومشاهدة أسلوب الحياة الباريسي وهي تتكشف أمامها.
أكّدت الكاتبة: "تنفست بشكلٍ أعمق مع كل خطوة، وفهمت سبب كون باريس المدينة الأكثر زيارة في العالم".
وفي الليلة الأخيرة من رحلتها، جلست بيريرا على شرفة الفندق الذي أقامت فيه، وكان برج إيفل أمامها.
وأدركت عندئذٍ: "ربما لم يتحطم قلبي هنا. ما منحته لي باريس منذ كل تلك السنوات كان أعظم لحظة وضوح غيرت مسار حياتي".