دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- غمرت الاحتجاجات الشوارع، وأصبحت العبارات التي تطلب من السياح العودة إلى موطنهم تجتاح الجدران، كما تضاءل عدد السكان المحليين مع تزايد معدل الإيجارات قصيرة الأجل.
وأفاد رئيس شركة "Sunvil" للرحلات السياحية الأوروبية، نويل جوزيفيدس، أن الفوضى الحالية كانت أمرًا متوقعًا لسنوات، مشيرًا إلى شعوره "بالخجل" مما فعلته الصناعة بالوجهات السياحية.
وقال جوزيفيدس عند حديثه عن الدمار الذي ألحقته السياحة في أوروبا: "لقد فَقَدْت الثقة في ما تتمحور حوله تجارتنا".
ويتفق العديد من نظرائه معه، ويكمن السؤال في ما إذا كان بإمكاننا الخروج من هذا الموقف، وإعادة ضبط السفر ليعود إلى جماله السابق.
قطاع السياحة أهمل أهم شيء
وقال مؤسس "Responsible Trave" في عام 2000، جاستن فرانسيس، وهي شركة سياحية تعمل مع عقارات صغيرة مملوكة محليًا: "تحركت السياحة في المسار الصحيح في العديد من الأماكن، ولكن فَقَدت (الصناعة) ثقة السكان المحليين على نطاقٍ واسع".
وأهملت صناعة السياحة أثمن أصولها، على حدّ تعبيره، أي النوايا الطيبة للسكان المحليين.
ويعزو فرانسيس الأمر إلى مجموعة من العوامل، مثل نمو شركات الطيران منخفضة التكلفة، وأماكن الإيجار الخاصة بالعطلات، ووسائل التواصل الاجتماعي التي تُعزز تدفق الأشخاص إلى الوجهات الرائجة.
انعدام التوازن
ولكن لا يتمتع جميع من يعمل في قطاع السياحة برأي سلبي.
ورأى رئيس رابطة وكلاء السفر في جزر البليار الإسبانية، بيدرو فيول، والتي كانت في قلب الاحتجاجات هذا الصيف، أنّ "الغالبية العظمى من المجتمع" لا تحتج ضد السياح.
ويشهد المطار في مايوركا، وهي أكبر جزيرة في الأرخبيل، ما يصل إلى ألف رحلة جوية يوميًا (سواءً القادمة منها أو المُغادِرة) خلال موسم الصيف، وفقًا لمتحدث رسمي.
ومع ذلك، يعتقد فيول أنّ الكثير من مشاكل البنى التحتية، والافتقار إلى وسائل النقل العام، والإسكان، ناجمة عن القرارات السياسية السيئة بقدر ما هي ناجمة عن السياحة.
وتُعد مخاوف فيول بشأن مكافحة البنى التحتية للجزيرة للتأقلم مع الطلب المتزايد نقطة أساسية بالنسبة للرئيس التنفيذي لمؤسسة "Travel Foundation"، جيريمي سامبسون، إذ قال: "لا أعتقد أن السياحة المفرطة هي السبب الجذري، بل هي واحدة من الأعراض. نحن تفتقر للتوازن".
"مشهد من الجحيم"
ولكن هل كان الحال هكذا دائمًا؟ رأت الصحفية لوسي ليثبريدج، وهي مؤلفة كتاب "Tourists"، الذي يتتبع تاريخ السياحة من منظور بريطاني، أنّه لطالما كان هناك نوع من التكبر حول من يحق له السفر.
وشرحت أنّه في أوائل القرن التاسع عشر، قامت شركات مثل "Thomas Cook"- وهي شركة رحلات سياحية أفلست في عام 2019 بعد 178 عامًا من العمل، بفتح الأبواب تجاه "فكرة السفر من أجل المتعة، والتي كانت حصرية على الأرستقراطيين، مقابل الطبقة الوسطى".
وقبل ثلاثة أعوام، ذهبت ليثبريدج إلى جزيرة سانتوريني اليونانية، وقالت إنّها كانت مزدحمة للغاية، حيث التقط الجميع الصورة ذاتها لغروب الشمس.
وأكّدت: "كان الأمر بمثابة مشهد من الجحيم".
هل يمكننا إنقاذ السياحة؟
يعتقد جوزيفيدس أنه يجب على أي تغيير أن يكون على المستوى الحكومي، وشرح: "يجب أن يكون هناك تعاون بين البلدان المُرسِلة والمُستقبِلة، ولا ينبغي أن تكون السلطة بين أيدي (الصناعة)".
وأوصى فرانسيس مثلاً بالإقامة في فندق بدلاً من عقار للإيجار لتجنب تجريد السكان المحليين من مساكنهم، والحرص على أن يكون الفندق الذي يختاره السائح مملوكًا محليًا، حتى تبقى عائدات السياحة في المجتمع الذي يزوره.
وأكّد فرانسيس: "السياحة عبارة عن صفقة. ويَسمح لك السكان المحليون بالدخول مقابل أن تقدم بعض الفوائد لهم. لذا، يجب عليك وضع أكبر قدر ممكن من المال في أيدٍ محلية حقًا".