دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تثير فيجي مشاهد محدّدة تخطر في بال المسافرين، وتشمل المساحات الرملية البيضاء الفاتنة، والبحر الأزرق، والمنازل المبنية فوق الماء، التي تُعتَبَر مثالية للأزواج في شهر العسل.
وبالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في فيجي، فإنّ الأمر أكثر تعقيدًا.
واعتاد تي جيه باتيل، وهو صاحب مطعم "Vasaqa"، من مواليد مدينة نادي، الحاضنة لمطار فيجي الدولي على مقابلة أشخاص من جميع أنحاء العالم في مطعمه.
ويعلم باتيل أنّه لن يتمكن سوى قِلة من الأشخاص من تحديد موقع بلاده على خريطة العالم.
وفيجي عبارة هي أرخبيل جنوب المحيط الهادئ يبلغ عدد سكانه 900 ألف نسمة، ويعيش نصف عددهم تقريبًا في العاصمة، سوفا.
وكانت فيجي مستعمرة بريطانية سابقًا، ويُحكي فيها ثلاث لغات رسمية: الإنجليزية، والفيجية، والهندية الفيجية.
وقالت إيفلين ماني، وهي خبيرة علاقات عامة محلية وصاحبة مدونة متخصصة في أسلوب الحياة: "أعتقد أنّ التصوُّر السائد هو أنّ الأشخاص (الفيجيين) يذهبون إلى الشاطئ باستمرار".
وأضافت أنّهم "لا يفهمون حقًا أنّ فيجي لا تقتصر على تلك الشواطئ الرملية ومشروبات الكوكتيل المزينة بالمظلات الصغيرة".
مجتمع متماسك
أكثر كلمة تُقال عندما يصف الفيجيون أنفسهم تتمثل بـ"المجتمع"، إذ وصف باتيل شعبه كأمّة متماسكة حيث "يعرف الجميع بعضهم البعض".
وتم جلب العديد من الهنود إلى فيجي خلال أيام الاستعمار البريطاني كعمّال، وهم لا يزالون يشكلون مجتمعًا كبيرًا في البلاد.
ويتمتع كلا من ماني وباتيل بأصول هندية.
ووصف بِن حسين، وهو خبير في مزج المشروبات، فيجي بأنها "بوتقة انصهار عملاقة"، وقال إنّه لا يزال من الشائع عرض أفلام بوليوود على التلفزيون، وإقامة اجتماعات كبيرة خلال الأعياد الهندوسية، مثل "ديوالي".
أسلوب الحياة في فيجي
وفقًا لبيانات وزارة الخارجية الأمريكية، يشكل السكان حوالي 57% من سكان فيجي، ويعتنق غالبيتهم الديانة المسيحية.
وأشار تاغي راتودامو، الذي يعمل في فندق فاخر يُدعى "Nanuku Resort"، إلى أنّ الفيجيين يتمتعون بطريقتهم الخاصة في مزج المعتقدات المسيحية بالتقاليد المحلية. وتُعتبر الأعياد مثل الميلاد والفصح من الأعياد المهمة، و تتجمع خلالها عائلات وقرى بأكملها.
ويقع الفندق الذي يعمل فيه راتودامو بالقرب من بلدة "باسيفيك هاربور" على الطرف الجنوبي من جزيرة "فيتي ليفو".
ولكن يعمل غالبية الأشخاص في قريته بزراعة الخضار.
وأفاد راتودامو أنّ غالبية السياح الذين يلتقي بهم لديهم حرص للتعرّف على فيجي ويطلبون زيارة قريته.
ولكن لا تزال المفاهيم الخاطئة منتشرة. ويعتبر راتودامو أنّ أسوأها يتمثل باعتقاد البعض أن سكان فيجي يأكلون لحوم البشر.
ونشأت ماني في بلدة سيجاتوكا الواقعة على الجانب الجنوبي الغربي من "ساحل المرجان" بجزيرة "فيتي ليفو".
وانتقلت إلى سوفا للالتحاق بالجامعة، واستقرت هناك منذ ذلك الحين.
بفضل الطقس المعتدل، ليس من المستغرب أن تشمل العديد من الهوايات الفيجية اللياقة البدنية.
وتستمتع ماني بالجري ورياضة "Boxfit"، التي تجمع بين عناصر التمارين الهوائية والملاكمة.
لكن ماذا عن الأشخاص الذين يفضلون هواية لا تتطلب الكثير من الحركة الجسدية؟
أكّدت ماني: "هناك شيء يحدث في سوفا دائمًا. هناك معرض فني.. وهناك موسيقى حية. ويتواجد فنانون وفرق موسيقية محلية رائعة".
الأرخبيل والعالم
ورأى حسين أنّ فيجي تمثل "مركز المحيط الهادئ" نظرًا لما تتمتع به من عدد كبير من المتحدثين الأصليين باللغة الإنجليزية، وخدمة "واي فاي" سريعة، إلى جانب مستوى اتصالها ببقية العالم عبر خطوط فيجي للطيران، التي تتمتع برحلات مباشرة إلى الولايات المتحدة، وكندا، واليابان، وسنغافورة، وأستراليا، وغيرها من البلدان.
كما تعمل منصات مثل "نتفليكس"، و"يوتيوب"، و"تيك توك"، وغيرها من المنصات الإلكترونية على جلب التأثير الياباني، والأمريكي، والأسترالي إلى الجزر.
ويغادر العديد من الفيجيين إلى أستراليا ونيوزيلندا، حيث يمكنهم كسب المزيد من المال وتجربة أسلوب حياة مختلف.
وأوضح حسين: "كانت هناك هجرة كبيرة للعقول في جميع القطاعات. وبصراحة، لا يقتصر الأمر على الجيل الأصغر سنًا. نحن نخسر الكثير من الأشخاص المؤهلين".
أما السياسات المحلية التي تعطي الأولوية لتوظيف الفيجيين فقد تعني أنّه من الصعب جلب العمال الأجانب، حتى أولئك الذين يتمتعون بمهارات متخصصة.
ويُصنِّف البنك الدولي فيجي كدولة "ضعيفة".
ويعاني غالبية الفيجيين من الفقر، حيث يعيش أكثر من نصف عدد سكان البلاد على أقل من 6.85 دولار في اليوم.
ويعيش أغنى الأشخاص في سوفا ونادي، ما يخلق انقسامًا بين المناطق الحضرية والريفية.
ورغم ذلك، أكّد حسين أنّه يحب بلاده، وهو متفائل بشأن مستقبلها.