تحليل من إعداد إيفانا كوتاسوفا بشبكة CNN
(CNN)-- كان العديد من أقرب حلفاء أمريكا يخشون احتمال عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والآن بعد أن اختار جيمس فانس نائبا له، فمن المحتمل أن يكون لديهم الكثير مما يدعو للقلق.
ومن خلال اختيار فانس، أرسل ترامب إشارة واضحة مفادها أنه إذا تم انتخابه، فإن سياسته الخارجية القائمة على مبدأ أمريكا أولا سوف تعود إلى حيز التنفيذ.
ويعد فانس، وهو عضو صغير في مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، من أشد المنتقدين لإرسال الدعم إلى أوكرانيا في الوقت الذي تحاول فيه الدفاع عن نفسها ضد روسيا.
ومثله كمثل ترامب، الذي انتقد مرارا وتكرارا حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأعضائه الأوروبيين لعدم إنفاقهم ما يكفي على الدفاع.
وأدلى فانس بعدد من التصريحات التي أثارت الدهشة في جميع أنحاء العالم مثل تصريح أن المملكة المتحدة ستصبح "أول دولة إسلامية تحصل على سلاح نووي" في ظل حكومة حزب العمال الجديدة.
ويضع ترشيحه نهاية لآمال بعض حلفاء أمريكا في أن يخفف ترامب من موقفه في السياسة الخارجية إذا أعيد انتخابه.
وقد غذى ترامب نفسه هذا الأمل، فبينما كرر في كثير من الأحيان ادعائه بأنه "سينهي الحرب" في أوكرانيا في يوم واحد إذا أعيد انتخابه، وقال إنه لن يرسل المزيد من الأموال إلى كييف، إلا أنه لم يصل إلى حد إقناع حلفائه في الكونغرس بعرقلة حزمة المساعدات البالغة 61 مليار دولار، وتمت الموافقة عليها في وقت سابق من هذا العام.
وقالت كريستين بيرزينا، الخبيرة في المركز البحثي صندوق المارشال الألماني، لشبكة CNN: "كان بإمكانه أن يطلب من أعضاء (الكونغرس) عدم التصويت، وبدلاً من ذلك سمح ضمنيا بتمريره لذلك كان هناك شعور في واشنطن بأن ترامب كان في لحظة مؤيد لأوكرانيا إلى حد ما، وربما تكون وجهات نظره بشأن أوروبا وأوكرانيا قد تطورت، خاصة في ضوء الإنفاق الدفاعي الأعلى بكثير في أوروبا الآن".
ولكن مع اختيار فانس لمنصب نائب الرئيس، بدد ترامب هذه الآمال، وقالت بيرزينا: "لا يبدو أن فانس مهتم بأن يكون حليفاً جيداً لأوروبا".
وفي مؤتمر ميونيخ الأمني الذي عقد في فبراير/شباط، اقترح فانس أن تتفاوض أوكرانيا مع روسيا لأن الولايات المتحدة وحلفاء آخرين لا يملكون القدرة على دعمها.
ورفضت أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي هذا السيناريو، لأنه سيعني على الأرجح أن كييف سوف تضطر إلى التخلي عن بعض الأراضي التي كانت تسيطر عليها قبل الحرب.
وقال فانس في المؤتمر: "أعتقد أن ما هو معقول لإنجازه هو تحيقيق بعض السلام عن طريق التفاوض، وأعتقد أن روسيا لديها الحافز للجلوس إلى الطاولة الآن".
وأضاف: "أعتقد أن أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة لديها حوافز للجلوس إلى الطاولة"، وتابع: "حقيقة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رجل سيء لا تعني أننا لا نستطيع الانخراط في الدبلوماسية".
وغاب فانس عن اجتماع رئيسي بين وفد من الحزبين من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قائلاً إنه "لا يعتقد أنه سيتعلم أي شيء جديد"، وكان قد حضر اجتماعا مع زيلينسكي في واشنطن في ديسمبر/ كانون الأول لكنه غادر مبكرا.
وقال زيلينسكي ردا على سؤال من مراسلة CNNكايتلين كولينز حول تصريح فانس بأن نتيجة الحرب لن تتغير حتى لو تلقت أوكرانيا تمويلا أمريكيا، إن فانس "لم يفهم ما يحدث هنا".
وأضاف: "لفهم ذلك يعني أن نأتي إلى الخطوط الأمامية لنرى ما يحدث... بدون هذا الدعم"، وتابع: "سيدرك أن ملايين الأشخاص سيقتلون، هو لا يفهم ذلك، ليست هناك حرب على أراضيكم".
الصين
زعم فانس أن الولايات المتحدة ينبغي لها أن تحول تركيزها بعيدا عن روسيا ونحو شرق آسيا، لأن "هذا سيكون مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية على مدى السنوات الأربعين المقبلة".
وتعد فكرة أن شرق آسيا، والصين على وجه التحديد، تشكل تهديدا كبيرا للولايات المتحدة، إن لم يكن أكبر، من روسيا، ليست فكرة فريدة بالنسبة لفانس.
وقال تريفور ماكريسكن، خبير السياسة الخارجية الأمريكية والأستاذ المشارك في جامعة وارويك، إن هناك اتفاقًا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري على أن الصين هي أكبر تهديد دولي لمصالح الولايات المتحدة.
وأضاف ماكريسكن، لـ CNN: "يقول كلا الطرفين إن عليك أن تكون قويا، وعليك أن تمنع الصين من تحقيق أي طموحات قد تكون لديها، اقتصاديا وعسكريا، وما إلى ذلك.
وتابع: "الأمر يتعلق فقط بأن معظم الديمقراطيين والجمهوريين الأكثر اعتدالا يعتقدون أن روسيا تشكل تهديدا أيضا".
وفي نظر معظم القادة الغربيين، فإن التهديدات القادمة من الصين وروسيا تسير جنبا إلى جنب.
ففي الأسبوع الماضي فقط، وصف قادة "الناتو" الصين بأنها "العامل الحاسم" في حرب روسيا على أوكرانيا، فيما كان أقوى بيان للحلف بشأن تورط بكين في الصراع.
وذكر ماكريسكن: "أن يكون لديك وجهة نظر بسيطة إلى حد ما مفادها أنه إذا تراجعت عن أوكرانيا فإن ذلك سيساعدك في التعامل مع الصين، وقد لا يكون الأمر كذلك"، مضيفا أن "فانس من المحتمل أن يحاول استخدام موقفه الأكثر مناهضة لأوروبا لأسباب سياسية أيضا".
وقال: "إنها طريقة لتصوير أوروبا على أنها لا تدافع عن نفسها عندما ينبغي لها ذلك، وتاريخيا، كان على الولايات المتحدة أن تتدخل وتنقذ أوروبا مرات عديدة".
وقال سام غرين، من مركز تحليل السياسات الأوروبية والأستاذ المتخصص في الشؤون الروسية في جامعة كينغز كوليدج في لندن، إن "اختيار فانس يجب أن يوضح لحلفاء أمريكا أن التحول نحو الترامبية من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم المشكلة، ومن المرجح أن تكون السياسة الخارجية للجمهوريين طويلة المدى".
وأضاف: "في المرة الأخيرة التي حظينا فيها برئاسة ترامب، أعتقد أن الأوروبيين نظروا إلى هذا الأمر باعتباره فترة مؤقتة محتملة مدتها 4 سنوات، ثم تنفسوا الصعداء عندما تم انتخاب بايدن واعتقدوا أننا سنعود إلى طبيعتنا، وأعتقد أن هناك لقد كانت بعض التمنيات في ذلك، وبدأ الناس الآن يدركون ذلك".
وتابع أن "تأثير هذا التحول واضح حتى الآن على الرغم من أن البيت الأبيض أصبح في أيدي الديمقراطيين، فقد واجه الرئيس الأمريكي جو بايدن صعوبة بالغة في تمرير حزمة المساعدات الأخيرة لأوكرانيا من خلال الكونغرس، مما أجبر حلفاء أوكرانيا الأوروبيين على البدء في التفكير في الخطة البديلة، وأدى التأخير الأولي في موافقة الكونجرس على الحزمة إلى مبادرة بقيادة التشيك لإيجاد مصادر ذخيرة لكييف".
وقال غرين إن "عدم الوثوق في القيادة الأمريكية في أوروبا حقيقة لدى الأوروبيين الآن بعض الوقت للتعود عليها، فحتى لو أعيد انتخاب بايدن، سيكون من الصعب الاعتماد على أمريكا".
وقال: "إذا اختار ترامب شخصا له موقف أكثر تقليدية في السياسة الخارجية ليكون نائبا له على سبيل المثال السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، كان من الممكن أن يأمل حلفاء أمريكا أن يعود الحزب الجمهوري بعد ترامب إلى ما يمكن تسميته بالتضامن عبر الأطلسي".
وأضاف: "لكن إذا كنا في الواقع لا ننظر فقط إلى إدارة أخرى لترامب، بل ننظر إلى مستقبل الحزب الجمهوري الذي يهيمن عليه أشخاص مثل فانس، فإن هذا احتمال أكثر واقعية بالنسبة لأوروبا".