مستشار أردوغان يجدد مهاجمة السعودية وصلاحية أبناء خاشقجي بالعفو بأحكام الشريعة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—جدد ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، مهاجمة المملكة العربية السعودية، بعد يوم على بدء القضاء التركي بمحاكمة 20 متهما (غيابيا) بقضية مقتل الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
وكتب أقطاي بمقال مطول بصحيفة "يني شفق" التركية، قائلا: "عندما أعلنوا أن بعض المشتبه بهم العاديين لا تربطهم أي علاقة بهذه الواقعة عن طريق تخفيض مستوى الادعاء قدر المستطاع في مرحلة إعداد مذكرة الادعاء التي تعتبر إحدى مراحل القضية التي أقاموها ليوهموا العالم أنهم مهتمون يقيمون هذه الدعوى، فإنهم قد أشاروا – في الواقع – لمرتكبي الجريمة الحقيقيين. وفي النهاية حمل القضاء السعودي مسؤولية الجريمة لخمسة متهمين فقط من أصل 20 متهما توصلت إليهم النيابة العامة في إسطنبول وأصدرت بحقهم أمرا توقيف، كان منهم 18 فاعلا ومحرضان اثنان. وبعد أن أصدرت المحكمة حكما بإعدام هؤلاء الخمسة وتبرئة الآخرين، ألغت حتى حكم الإعدام بحق هؤلاء الخمسة بعدما صرح نجل خاشقجي أن أسرته عفت عنهم.."
وتابع قائلا: "فهل يمكن أن يكون لأبناء جمال خاشقجي صلاحية العفو عن مرتكبي جريمة تعتبر أم الجرائم ولها بعد متعلق بكونها وكأنها ارتكبت بحق البشرية كلها؟ هل يمكن لأحكام الشريعة التي تحججوا بها أن تسمح لأمر كهذا؟ وهل يكن من يزعمون أنهم يستندون للشريعة في هذه القضية أي احترام للشريعة ذاتها؟ فهذه أسئلة مستقلة لا شك أنها تنير دربنا في هذا المقام. لكن هذا يكشف عن حقيقة بكل وضوح، ألا وهي أنه ليس للسعودية لا القدرة ولا الصلاحية على محاكمة هؤلاء القتلة. ذلك أن المتهمين في الوقت الراهن ما يزالون يتمتعون بتأثير كبير وصلاحية قوية على القضاء في السعودية، كما ما يزالون قادرين على التأثير في أحكام هذا القضاء.."
وأضاف: "لا يحمل أحد أدنى أمل في أن تخرج علينا المحاكم السعودية بأي حكم عادل في قضية خاشقجي. ولعل القضاء التركي هو الجهة القادرة بالفعل على فعل شيء حيال هذا الأمر، ذلك أن أحدا لا يمكن أن يدعي سببا يلقي بظلاله على حيادية تركيا في هذه القضية، فضلا عن أن تركيا هي الدولة التي ارتكبت الجريمة على أراضيها. وفي الحقيقة فإن العالم أجمع كان ينتظر منذ فترة طويلة من تركيا أن تقدم على خطوة في هذا الصدد.."
واستطرد: "نحن هنا لا نتحدث عن الجريمة وحسب، بل نحن كذلك أمام جملة من الأكاذيب المتوالية التي اختلقوها لتضليل الرأي العام. وكذلك ذلك الشخص الذي يدعى مصطفى المدني الذي صدرت له الأوامر ليظهر بمظهر خاشقجي ويرتدي ملابسه ويدخل حماما عاما في منطقة السلطان أحمد في إسطنبول في هيئة خاشقجي ويخرج في هيئته الحقيقية بمخطط مسبق للتستر على الجريمة وتصوير خاشقجي وكأنه اختفى ولم يقتل، وغير ذلك من الأحداث. إن كل هذه الأحداث تعتبر تفاصيل تجعل جريمة خاشقجي خاصة جدا ورمزية جدا وأم كل الجرائم الأخرى.. وفي الواقع فإن كل واحدة من محاولات التستر على هذه الجريمة منذ ارتكابها إلى اليوم تعتبر جرائم إضافية للجريمة الأصلية. ولا شك أن عدم السماح للمسؤولين القضائيين في تركيا بدخول موقع الجريمة إلا بعد 10 أيام من وقوعها وهي الفترة التي كانت كافية لتعمل فرض التنظيف على قدم وساق أمام مرأى ومسمع الجميع للتخلص من أدلة الجريمة، لا شك أن كل ذلك كان من قبيل الاعتراف بالجريمة بشكل علني. وأما النائب العام السعودي الذي جاء إلى تركيا فبدلا من أن يقدم معلومات حول مصير جثة خاشقجي وأقوال المتهمين التي بين يديه، فقد طلب حتى بيانات هاتف خاشقجي وحاسوبه المحمول وأصول مذكراته ليس من أجل إقرار العدل، بل في سبيل تعتيم الأدلة ليصب في مصلحة مرتكبي الجريمة".
وكان صلاح نجل الكاتب الصحفي جمال خاشقجي، قد أعلن أنه وإخوته قد عفوا عن قتلة والده، في بيان بمايو/ أيار الماضي قال فيه: "نعلن - نحن أبناء الشهيد جمال خاشقجي - أنا عفونا عن من قتل والدنا – رحمه الله، لوجه الله تعالي، وكلنا رجاء واحتساب للأجر عند الله عز وجل".
وتشمل لائحة الاتهام التركية المكونة من 117 صفحة، أسماء شخصيات مثل أحمد عسيري، النائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودية بالإضافة على سعود القحطاني، المستشار السابق بالديوان الملكي السعودي والموجه لهما تهم "التحريض على القتل والتعذيب الوحشي المتعمد"، في حين يواجه المتهمون الـ18 الآخرون اتهامات بـ"بالقتل والتعذيب مع سبق الإصرار".
ويذكر أن المتحدث باسم النيابة العامة السعودية، قال في تصريحات بديسمبر/ كانون الأول 2019، إنه لا توجد أدلة تثبت تورط سعود القحطاني، وأحمد عسيري في مقتل خاشقجي، موضحا أنه جرى التحقيق مع القحطاني من قبل النيابة العامة ولم يوجّه له أي اتهام. أما فيما يتعلق بعسيري فقد تمت إحالته إلى المحكمة بعد التحقيق معه، لكن بعد ذلك تبين عدم وجود أدلة كافية ضده أيضاً وعليه فقد صدر حكم له يقضي بإخلاء سبيله نظراً "لعدم ثبوت إدانته في هذه القضية".