مصر: الحكومة تعد بانتهاء أزمة الدولار قريبًا.. هذا ما قاله خبراء
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- وعدت الحكومة المصرية بانتهاء أزمة نقص النقد الأجنبي في البلاد قريبًا، مُشددة على ضرورة توطين الصناعة لزيادة الإنتاج المحلي، وخفض فاتورة الواردات. وبينما يتداول متعاملون أنباءً عن تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار في السوق الموازية، أكد خبراء وجود مؤشرات على قرب تجاوز الأزمة، أبرزها زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، وتوقيع اتفاقيات لمبادلة العملة والديون "مع الدول الصديقة والشقيقة"، وإعلان مؤسسات دولية كبرى تقديم دعم مالي لمصر خلال الفترة المقبلة.
وخلال جولة بمدينتي العاشر من رمضان والعبور، وصف رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أزمة العملة التي تواجها البلاد بأنها "عابرة"، و"سوف تنتهي قريبًا"، موجهًا رسالة لرجال الأعمال بضرورة توطين الصناعة محليًا، واستشهد بمصانع أقامتها شركات أجنبية في مصر مؤخرًا، "لثقتها في الاقتصاد المصري".
كما وجّه مدبولي المسؤولين بزيادة الحوافز المخصصة للصناعة، وإزالة أية عوائق تواجه القطاع، الذي يمثل نسبة 17% من الاقتصاد المصري، قائلا أنه لابد من زيادة هذه النسبة.
قال الخبير المصرفي محمد عبد العال، إن الحكومة تستند لقرب حل أزمة الدولار في مصر إلى عدة مؤشرات، أبرزها زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد، لافتا إلى زيارة وفد من شركات سعودية إلى مصر خلال الفترة الحالية لبحث الاستثمار في قطاعات اقتصادية متعددة، وما سبقها زيارة وفود من شركات يابانية وصينية وأخرى من جنسيات متنوعة.
وتجاوز حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر أكثر من 10 مليارات دولار خلال العام المالي 2022/2023 بنسبة نمو 12%، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، وبلغ حجم الاستثمارات السعودية في مصر 6.3 مليار دولار في 7444 مشروعًا، حسب بيانات حكومية.
أضاف عبد العال، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن هناك عاملا آخر يتمثل في تدفق تمويلات ضخمة من مؤسسات دولية كبرى، مُشيرًا إلى تصريحات "إيجابية" لمسؤولي صندوق النقد الدولي حول عزم الصندوق زيادة حجم القرض المقدم لمصر دون شروط إصلاحية إضافية، لمساندة الاقتصاد المصري لمواجهة تداعيات الحرب في غزة. وتوقع الخبير المصرفي أن يرفع الصندوق قرضه من 3 إلى أكثر من 5 مليارات دولار، دون أن يشترط حدوث تحرير كامل لسعر الصرف.
ونقلت وسائل إعلام محلية، تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، على هامش قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي، التي أكدت فيها دراسة الصندوق زيادة برنامج القرض المقدم لمصر.
وتواجه مصر منذ مارس/ آذار من العام الماضي، أزمة في نقص النقد الأجنبي نتيجة خروج أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وارتفاع فاتورة الواردات نتيجة زيادة الأسعار عالميًا. وحصلت مصر، في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، تم صرف الشريحة الأولى منه بقيمة 347 مليون دولار، وتأجل الشريحة الثانية لعدم التزام مصر بتطبيق سعر صرف مرن.
وأشار عبد العال إلى تقارير حول دراسة الاتحاد الأوروبي مضخ استثمارات بقيمة 9 مليارات يورو (9 مليار دولار و824 ألفًا) في العديد من الأنشطة الاقتصادية في مصر. إلى جانب التمويلات المستقبلية، لفت الخبير إلى حصول مصر على تمويل بقيمة 1.5 مليار دولار من إصدار سندات دولية، مع تجديد وديعة من دولة الكويت بقيمة 4 مليارات دولار للحفاظ رصيد احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.
وأصدرت وزارة المالية سندات الساموراي اليابانية والباندا الصينية بقيمة حوالي 500 مليون دولار لكل منهما، كما حصلت على قرض من "دويتشه بنك" و"بنك ABC" بقيمة 500 مليون دولار، كما ارتفع رصيد احتياطي النقدي الأجنبي خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وذلك للشهر الثالث عشر على التوالي ليصل إلى 35.108 مليار دولار، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
وقال الخبير المصرفي إن مصر نجحت في زيادة حجم الاحتياطي، وفي الوقت نفسه لم تتعثر في سداد التزاماتها الدولية من أقساط وفوائد الديون بلغت 17.8 مليار دولار، في الفترة من يناير/ كانون الثاني 2023 حتى نهاية الشهر الماضي، كما أفرجت عن سلع مستوردة بأكثر من 70 مليار دولار. كما استند إلى "بوادر إيجابية للثقة في الاقتصاد المصري"، كما تحقيق المؤشر الرئيسي للبورصة أعلى مستوى في تاريخه متجاوزًا مستوى 24 ألف نقطة.
وصعد المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بنسبة 2.12% خلال تعاملات جلسة الأحد، ليصل إلى مستوى 24889 نقطة، ليرتفع بنسبة 70% منذ بداية العام.
وقال محمد عبد العال إن زيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية جاء نتيجة المضاربات، وسط حالة من العشوائية لا تحكمها قوى العرض والطلب، مؤكدًا ثقته في تصريحات الحكومة بانفراجة أزمة الدولار في وقت قريب.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي وائل عنبة، إن مصر اتخذت عدة قرارات لمواجهة أزمة نقص النقد الأجنبي، أبرزها مد أجل الدين لتخفيف الضغط على الدولار، منها "تحويل بعض القروض من الدول الشقيقة والصديقة إلى استثمارات مباشرة"، ضاربًا المثل بالاتفاقية الموقعة بين مصر والصين لمبادلة ديون لصالح الأخيرة بقيمة 8.5 مليار دولار إلى استثمارات مباشرة، وكذلك اتفاقية مع الإمارات لمبادلة العملة في التجارة البينية بين البلدين، وهناك مفاوضات مماثلة مع الهند وروسيا وكينيا، إضافة إلى إصدار سندات دولية في السوقين الصيني والياباني بآجل طويل مقابل ديون مستحقة على الأجل القصير، وتحقيق فائضًا في ميزان المدفوعات خلال العام المالي 2022/2023.
وأصدرت وزارة المالية، منذ أيام، سندات السامواري بقيمة 75 مليار ين ياباني ما يعادل 500 مليون دولار، بعائد 1.5% سنويا بأجل 5 سنوات، وسبقها بأيام إصدار سندات "باندا" بسوق المال الصينية بقيمة 3.5 مليار يوان صيني ما يعادل 500 مليون دولار بعائد 3.5% سنويًا لأجل 3 سنوات.
وأضاف عنبة، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن الحكومة قد تتخذ إجراءات أخرى خلال الفترة المقبلة للقضاء على السوق الموازية من خلال إصدارات شهادات ادخار مرتفعة العائد مقابل التخلي عن الدولار في القنوات الشرعية، وأنها قد تتوصل إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي مما قد يحفز عودة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة مرة ثانية على نحو يحفز موارد الدولة من النقد الأجنبي، حسب الخبير المصرفي.
وقال إن مصر تواجه أعباء سداد ديون خارجية ضخمة خلال عامي 2023 و2024، ونجحت في سداد معظم مديونياتها هذا العام البالغة 25 مليار دولار، وملتزمة بسداد 29 مليار دولار العام المقبل.