اتفاق بين مصر وصندوق النقد بقيمة 8 مليارات دولار.. وخبراء يتوقعون تدفقات دولارية جديدة

نشر
7 دقائق قراءة
Credit: KHALED DESOUKI/AFP via Getty Images

محتوى إعلاني

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- توصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة قرضه من 3 إلى 8 مليارات دولار، على أن تطبق مصر مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية، أهمها الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن، وخفض الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، وتمكين القطاع الخاص، فيما أكد خبراء أهمية الاتفاق من أجل عودة ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري، مما يفتح الباب لزيادة تدفقات النقد الأجنبي للبلاد خلال الفترة القريبة المقبلة.

يأتي هذا الاتفاق بعد عدة قرارات اتخذها البنك المركزي المصري خلال الساعات الماضية، أبرزها رفع سعر الفائدة بأعلى نسبة في تاريخه بواقع 600 نقطة أساس، ليرتفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، والسماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقًا لآليات السوق مما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار إلى 49.47 جنيه للشراء، و49.57 جنيه للبيع، في البنك المركزي، بنهاية الأربعاء، كما وجه بفتح حدود استخدامات بطاقات الائتمان بالعملة الأجنبية، وفقًا لوسائل إعلام محلية.

وسبق أن توصلت مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر/تشرين الأول عام 2022 للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، لمواجهة أزمة نقص النقد الأجنبي في البلاد بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بأكثر من 20 مليار دولار في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع معدلات التضخم عالميًا، لكنها لم تحصل إلا على الشريحة الأولى من القرض 347 مليون دولار، وأجّل الصندوق صرف باقي الشرائح لحين إجراء المراجعتين الثانية والثالثة.

وقالت رئيس شركة ثري واي لتداول الأوراق المالية، وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية، رانيا يعقوب، إنه كان من المتوقع أن تطلب مصر زيادة قيمة قرض صندوق النقد الدولي إلى 8 مليارات دولار في ظل التحديات التي واجهها الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية، متوقعة تأثيرًا إيجابيًا للاتفاق مع الصندوق على عودة ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري، وقدرته على التعافي، مما يسمح بعودة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.

ويرهن صندوق النقد الدولي موافقته على زيادة قيمة القرض لمصر وتحويل أولى الدفعات بعد موافقة المجلس التنفيذي على الاتفاق الذي توصل إليه خبراء الصندوق.

أشارت يعقوب، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى القرارات الإيجابية التي اتخذها البنك المركزي المصري للتمهيد للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وأهمها رفع سعر الفائدة 600 نقطة أساس، وتطبيق نظام سعر صرف مرن، مما يثبت مضي الدولة المصرية في تنفيذ تعهداتها مع الصندوق المتعلقة بتطبيق إصلاحات هيكلية مالية ونقدية، ومضيها في الطريق نحو السيطرة على التضخم.

وفي بيان رسمي، أكد البنك المركزي المصري أنه عمل على الإسراع بعملية التقييد النقدي من أجل تعجيل وصول التضخم إلى مساره النزولي وضمان انخفاض المعدلات الشهرية للتضخم، وذلك من خلال رفع أسعار العائد الأساسية للوصول بمعدلات العائد الحقيقية لمستويات موجبة.

وقالت رانيا يعقوب إن مصر نفذت تعهداتها مع صندوق النقد الدولي المتعلقة بتمكين القطاع الخاص من خلال برنامج الطروحات الحكومية، والمضي في تنفيذ صفقات استثمارية كبرى لجذب استثمارات أجنبية مباشرة ضخمة، مما أثمر عن زيادة تدفقات مصر من النقد الأجنبي، وسرعة من الوصول لاتفاق مع صندوق النقد، حسب قولها.

وأعلنت الحكومة المصرية، في 23 فبراير/شباط الماضي، توقيع عقد مع شركة أبو ظبي التنموية القابضة لتطوير منطقة رأس الحكمة مقابل 24 مليار دولار، إضافة إلى تنازل دولة الإمارات عن 11 مليار دولار من ودائعها لدى مصر للاستثمار بمشروعات داخلية، وبعدها بأسبوع تسلمت مصر الدفعة الأولى من الصفقة بقيمة 10 مليارات دولار، وينتظر استلام الدفعة الثانية خلال شهرين.

وذكرت يعقوب أن مصر سبق أن نفذت بنجاح برنامجًا للإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي عام 2017، إلا أنها واجهت "تحديات صعبة" في أعقاب استكمال المرحلة الأولى من البرنامج، أبرزها جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وصولًا إلى الحرب في غزة وتداعياتها على المنطقة، مما أدى إلى تأثر الاقتصاد المصري سلبًا من هذه التحديات العنيفة.

وتعتقد يعقوب أن مصر "جادة في الإصلاح إلا أن هناك تحديات طارئة واجهت مسيرة الإصلاح خلال 4 سنوات فقط، أثرت سلبًا على الاقتصاد المصري".

وتسببت الحرب في غزة في تراجع إيرادات قناة السويس لتصل إلى 428 مليون دولار خلال يناير/كانون الثاني بنسبة 47%، نتيجة تراجع أعداد السفن المارة بنسبة 37% بسبب هجمات الحوثيين على السفن التجارية.

من جانبه، قال خبير أسواق المال وائل عنبة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إن التوصل لاتفاق مع صندوق النقد يسمح بزيادة تدفقات النقد الأجنبي للبلاد، سواء من المؤسسات الدولية وأبرزها البنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي، أو المستثمرين الأجانب لشراء سندات وأذون الخزانة، كما سيؤثر في إعادة تقييم التصنيف الائتماني لمصر، وكذلك تعديل توقعات نمو الاقتصاد خلال السنوات المقبلة.

وفقًا لتصريحات صحفية لرئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، فإن الاتفاق مع صندوق النقد سيسمح للحكومة المصرية بالتقدم للحصول على قرض إضافي بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع للصندوق.

وشدد وائل عنبة على ضرورة العمل على استكمال سياسات التشديد النقدي خلال الفترة المقبلة للسيطرة على التضخم، وتحسين مناخ الاستثمار والتوسع في طرح الفرص الاستثمارية أمام القطاع الخاص، سواء المحلي أو الأجنبي، لضمان تحقيق معدلات نمو مرتفعة مستدامة وزيادة موارد البلاد من النقد الأجنبي، إضافة إلى تعظيم كفاءة استخدام قرض الصندوق.

وتشمل الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي تباطؤ الإنفاق على البنية التحتية لخفض التضخم، وضبط الأوضاع المالية للحفاظ على القدرة على تحمل الديون، من خلال ترشيد الإعفاءات الضريبية وكذلك استخدام جزء كبير من عائدات البيع لخفض الديون.

وتوقع عنبة انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار لأعلى مستوى خلال تعاملات غدًا الخميس، على أن يعاود التراجع ليستقر عند مستوى 42 جنيهًا.

نشر
محتوى إعلاني