كيف تعلّم طفلك التعبير عن مشاعره بشكل أفضل؟ ولماذا؟

نشر
5 دقائق قراءة
Credit: ANDREJ IVANOV/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعدما وضعت شيرلي أولدال وهي والدة لطفل يبلغ من العمر 3 سنوات ابنها في السرير، قال لها: "أنا حزين لأنني أرغب باللعب، ولا أريد النوم". وتثابر أولدال التي تعيش غرب يوركشاير في المملكة المتحدة، على تعليم ابنها التعبير عن مشاعره منذ بلغ الـ 30 شهرًا.

محتوى إعلاني

وقالت "أشعر بالفخر عندما أسمعه يعبّر عن مشاعره، ذلك أنّني لم ألقَ التشجيع للتعبير عن مشاعري المرتبطة بالتحديات أو ما يُعرف بالمشاعر الصعبة مثل الغضب".

ولتدريب طفلها على المشاعر، قرأت له عددًا من الكتب التي تحوي صورًا تعكس تعابير الوجه التي تبيّن كيف يشعر الأطفال، ولماذا عليهم التعبير على هذا النحو.

محتوى إعلاني

وهذه المهارة التي تعلّمها أولدال لابنها يُطلق عليها اسم الثقافة العاطفية، التي ينشط مقدمو الرعاية والأهل بتدريسها لأبنائهم.

وقال مارك براكت، مدير مركز يال للذكاء العاطفي، وأستاذ في مركز يال لدراسات الطفل، إنّ العواطف تؤثر على العديد من جوانب التجربة الإنسانية مثل نوعية العلاقات مع الأصدقاء والعائلة.

وأوضح: "جميعنا يحتاج إلى مفردات لوصف تجاربنا ومشاعرنا الباطنية. من دونها لن نتمكن من التواصل بشكل فعال، وتلبية حاجاتنا، والحصول على الدعم الذي نحتاجه للنجاح".

وقالت الدكتورة نيريسا باور، طبية سلوكيات الأطفال في مدينة انديانابوليس الأمريكية: "عندما يسيء الأطفال السلوك أو يخرجون عن طورهم، فإنّ ذلك يؤشر إلى أنهم يتسببون بالأذى ويحتاجون إلى مساعدتنا، لكنهم لا يملكون الأدوات أو الاستراتيجيات كي يحصلوا على المساعدة التي يريدونها".

النمو العاطفي خلال الجائحة

ويحتاج نمو الأطفال العاطفي وراحتهم النفسية اهتمامًا إضافيًا خلال جائحة فيروس كورونا، بحسب تاسمين غريمر، مستشارة لسلوكيات الأطفال خلال سنواتهم الأولى، والملحقة بجمعية تعليم السنوات العمرية الأولى "Early Education" الخيرية في المملكة المتحدة، التي تركز على تطوير التعليم خلال مرحلة الطفولة المبكرة.

وأوضحت أنّ الأطفال قد يشعرون بعدم اليقين أو بعدم الأمان، أو ربما يلاحظون هذه العواطف لدى أفراد العائلة.

وأضافت غريمر أنّه عندما يتعلّم الأصغر سنًا كيف يطوّعون الثقافة العاطفية، يصبحون أكثر مرونة، وفي إمكانهم التكيف على نحو أفضل مع صعوبات الحياة.

وخلال جائحة فيروس كورونا، عملت المدرّسة ليزا أغيابونغ مع الأطفال لمساعدتهم على فهم كيف يهدئون من روعهم، وهي مديرة السنوات الأولى في اتحاد السنوات الأولى "Early Years Alliance"، وهي جمعية خيرية في المملكة المتحدة.

جرّة برّاقة لتمثيل المشاعر

وتضمنت إحدى الأنشطة التي علمتها للأطفال صناعة جرة برّاقة. وقالت إنّ حركة اللمعان الناتجة عن هزّ الأطفال للجرة يمثّل مشاعرهم الخارجة عن السيطرة. وأوضحت أنه عندما استقرّ البريق هدأت مشاعر الأطفال.

وأوضحت أغيابونغ أن "التواجد معًا خلال المدة التي يستغرقها الإبريق للاستقرار يمنح الطفل فرصة ليهدأ أيضًا، من دون أن يدرك أنه يفعل ذلك".

وشهد تعليم الأطفال الثقافة العاطفية إقبالًا خلال السنوات العشر السابقة، حيث بيّنت الدراسات الفوائد الناجمة عن ذلك، وفقًا لما ذكره براكت، مؤلف كتاب "الإذن بالشعور: تحرير قوة العواطف لمساعدة أطفالنا وأنفسنا ومجتمعنا على الازدهار".

وقال: "يميل الأطفال الذين يتمتعون بمهارات عاطفية متقدمة إلى التمتع براحة نفسية أكبر، وعلاقات إنسانية ممتازة، وأداء أكاديمي أفضل".

ولفت براكت إلى أنّ القلق والاكتئاب راجا جدّا بين الفئات العمرية الأصغر سنًا، لذلك من المهم راهنًا، أكثر من أي وقت مضى، تعليمهم كيفية التعامل مع مشاعرهم بطريقة صحية.

مخطط تعليم الثقافة العاطفية

وقالت باور إنّ على الأهل ومقدّمي الرعاية البدء بمساعدة الأطفال على تحديد مشاعرهم مباشرة، حيث يصعب على الأطفال الربط بين الأحداث بعد وقوعها.

وهذا الأمر لا يسري فقط على غضب أو حزن الأطفال. وأوضحت باور: "إذا كان طفلك يضحك ويبتسم، يمكنك أن تقول له: ما أجمل هذه الابتسامة! أنت سعيد جدًا".

وأشار براكت إلى أنّ الأطفال هم بمثابة مراقبين دقيقين، لذلك يتوجب على الوالدين ومقدمي الرعاية ممارسة وإظهار ثقافة عاطفية أيضًا.

ولفتت باور إلى أنّه خلال النهار، تحدّث مع طفلك حول العواطف، فهذا يساهم في تنمية الاعتقاد بأنّ الحديث عن المشاعر أمر طبيعي، ويشجعهم على مشاركة عواطفهم.

وأضافت أنه إذا كنتم تشاهدون معًا برنامجًا تلفزيونيًا، أو تقرأون كتابًا، ناقشوا مشاعر الشخصيات المختلفة مع أطفالكم.  

وأوضح براكت أنه بمجرد أن يتمكن الأطفال من تحديد مشاعرهم، يمكنهم البدء بتعلّم كيفية التعامل معها بطريقة صحية.

وأوصت باور الأهل بتعليم أطفالهم أساليب التهدئة الذاتية مثل التنفس العميق، والتأمل، أو اللعب في الخارج.

نشر
محتوى إعلاني