"مضاعفة الجسم"..كيف يركز الأشخاص الذين لديهم فرط حركة على مهامهم؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تنضم روبن نوردماير، مدربة اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، مرة واحدة في الأسبوع إلى اجتماع يُعقد على تطبيق "زووم" لمدربين آخرين. وبالتوازي كانت تكتب المدونات، أو تنجز مهامًا إدارية، أو تعمل على محتوى العروض التقديمية التي كانت تؤجلها.
ونوردماير، المصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لا تستخدم بالضرورة الاجتماع للتعاون مع الآخرين، إنها تحتاج فقط إلى حضورهم كمحفز لمساعدتها على إنجاز الأمور.
وقالت نوردماير، الشريكة المؤسسة والمديرة الإدارية لمركز العيش الجيد مع ADHD-Minnesota، وهي مجموعة تدرّب المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه من جميع الفئات العمرية، مقرها قريب من مدينة مينيابوليس الأمريكية: "أدير شركة، ولا بد لي من تحقيق التوازن بين العديد من المجالات المختلفة للعمل".
وأشارت نوردماير إلى أنّ "بعض هذه الأمور في غاية السهولة، مثل، أنها تقع في نطاق اهتماماتي، وحضورهم يمنحني الطاقة، وأتشوق للتواصل معهم". وتابعت أن "إنجاز بعض هذه المهام ممل قليلاً، أو لدي بعض المقاومة للقيام بها".
وما تفعله نوردماير لإنجاز هذه المهام الصعبة يُطلق عليه "مضاعفة الجسم"، وهي إستراتيجية إنتاجية ومساعدة ذاتية تتضمن العمل مع شخص آخر للمساعدة على تحسين التحفيز والتركيز. وتُعتبر شائعة بين الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
وقال بيلي روبرتس، المدير السريري للاستشارات الذهنية المركزة لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في كولومبوس بولاية أوهايو الأمريكية، إنّ "المقاربة تتمحور حول وجود شخص آخر بالأساس كتذكير لطيف للاستمرار بالمهمة". وتابع أنه "بالنسبة للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، الذين تميل عقولهم إلى الشرود والتوقف عن استكمال المهمة، يعمل الجسم بطريقة ما كمحفز خارجي لإنجاز هذه المهمة".
وقال ج. راسل رامساي، أستاذ الطب النفسي السريري بكلية بيريلمان للطب في حامعة بنسلفانيا، والمدير الشريك لبرنامج العلاج والأبحاث في الجامعة حول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، إنّ مضاعفة الجسد لا تتصل فقط بالأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لكن إسوة بالعديد من "استراتيجيات التأقلم، الأمر الذي قد يكون مفيدًا لأي شخص، هو أكثر أهمية وأساسي للأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه".
لماذا تنجح طريقة مضاعفة الجسم؟
ووفقًا لما ذكره مركز جامعة هارفارد حول تنمية الطفل، فإنه من الشائع تشخيص اضطراب النمو العصبي في مرحلة الطفولة بالعموم، لكنه يستمر حتى مرحلة البلوغ، وينبثق اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط من نقص بنمو أو خلل الوظيفة التنفيذية ومهارات التنظيم الذاتي.
وهذه المهارات تساعدنا على التخطيط، وتركيز الانتباه، وتذكر التعليمات، والتمكن من القيام بمهمات متعددة.
وأوضح روبرتس أن أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تشمل قلة الانتباه، وفرط النشاط، والاندفاع، لذلك قد يواجه الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب صعوبة في التركيز، أو البقاء منظّمين، أو إدارة وقتهم، أو التحكم بدوافعهم، ما قد يؤثر على عملهم وحياتهم الشخصية.
وقال روبرتس إنه إذا لم يكن لدى الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه اهتمامًا جوهريًا بمهمة ما، فإنهم عادةً ما يعانون من نقص في الحافز الداخلي لإكمالها، أو حتى البدء بها. لذا يرى الخبراء أن مضاعفة الجسد توفر هذا الدافع.
ولفت رامساي إلى أنها "تعتمد أيضًا على ذواتنا الاجتماعية"، مشيرًا إلى أنّ "الكثير من الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه سيقولون: ’أجد صعوبة في البدء بهذه المهمة إذا كنت أفعل ذلك لنفسي، لكن إذا كنت أعرف أن شخصًا آخر يعتمد علي، إذا كان ثمة شخص آخر ينتظرني لنتابع مسار العمل، فيرجح أن أذهب وأكون هناك لأنني لا أريد أن أخذله".
وبحسب روبرتس وخبراء آخرين، لا يبدو أن هناك بحثًا مكثفًا حول مضاعفة الجسم من أجل الإنتاجية. وبهذا الصدد، قال: "إنني أدرك أن فكرة التحفيز الخارجي آلية طويلة الأمد، وقائمة على الأدلة لإدارة اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه".
ومن الناحية النظرية، فإن الطريقة بسيطة جدًا، لكن هناك بعض العوامل التي يجب وضعها في الاعتبار لتحقيق أقصى استفادة منها.
كيفية استخدام مضاعفة الجسم بشكل فعّال
ويمكن أن تساعدك مضاعفة الجسم في أي مهمة تقريبًا تواجه صعوبة لإنجازها، سواء كان ذلك بالعمل، أو الأعمال المنزلية، أو التمارين، أو الأعمال المدرسية، أو الأعمال الورقية. ولا يتعين على الشخص الآخر القيام بما تقوم به، إلا إذا كان النشاط الذي يحتاج إلى مضاعفة الجسم من أجله، مثل ممارسة الرياضة، يتطلب هذه المساعدة.
ونصح روبرتس بأن يكون المرء انتقائيًا بشأن من تطلب منه أن يكون جسدك المضاعف. ورأى أنه يجب أن يكون الشخص ملتزمًا بإتمامك لعملك تمامُا مثلك، ولا يشتت انتباهك بالمحادثة، أو أي أمر آخر. اختر شخصًا يجعلك تشعر بالراحة والأمان عادةً، ويمكنه تشجيعك عند الضرورة.
وأشارت نوردماير إلى أنه "من المهم إبقاء جلسة الجسد المضاعف مركزة على الغرض منها". وتابعت أنه إذا ظهرت محادثات، فقم بجدولتها لوقت لاحق، ربما أثناء الاستراحة أو العشاء.
وقد تشعر بالحرج عندما تطلب من شخص ما أن يكون جسدك المضاعف، لكن روبرتس قال إن أفضل طريقة غالبًا ما تكون مباشرة. ويمكنك القول إنه "عبارة عن أمر سمعت أنه يمكن أن يساعد في الإنتاجية. هل تمانع بالتواجد في جواري أثناء عملي على هذا؟ ربما لديك شيء يمكنك العمل عليه أيضًا".
واقترح رامساي إمكانية المقايضة أيضًا معهم بمعنى ما، من خلال تقديم عرض مثل، "يمكنك مساعدتي في تنظيم مرآبي يوم السبت، سأساعدك بتنظيم مكتبك المنزلي الأحد".
وأضاف أن تلك الخطوات الأولى الصغيرة للبحث عن شريك وإعداد الجلسة، تجعلك تبدأ وتستمر في المضي قدمًا.
وقالت نوردماير إن جدولة جلسات مضاعفة الجسم بشكل منتظم هو أحد الخيارات، أو توجبه السؤال فقط كلما دعت الحاجة. أما مدى شفافيتك حول سبب احتياجك لجسم مضاعف أمر متروك لك، كما هي الحال إذا كان لديك أكثر من جسد مضاعف.
وخلص روبرتس إلى أن "هذا يعتمد على الفرد. إذا تحولت إلى إلهاء أكثر من اليقظة أو المساءلة أو الدعم السلوكي، فأنت تريد فقط إعادة صياغة الأمور. يمكنك الاختبار بوسائل عديدة حتى تجد ما يصلح لك".