جراح أمريكا العام: "الضغوط على الوالدين تشكّل أزمة صحية عامة".. ما خطة التحرّك؟

نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في الولايات المتحدة، يشعر الأهل بالإرهاق والضغط جراء "الوتيرة المتسارعة" للعالم، وبات هذا الأمر يشكّل مصدر قلق للصحة العامة، وفق تقرير استشاري صادر عن جراح الولايات المتحدة الأمريكية العام صدر الأربعاء، ويطالب بإجراء تحوّلات في السياسات والمعايير الثقافية.

وكتب الجراح العام الدكتور فيفيك مورثي، وهو أب لطفلين، أنّ "عمل الأبوة والأمومة ضروري ليس فقط لصحة الأطفال، إنما لصحة المجتمع أيضًا. نحن نعلم أنّ رفاهية الأهل ومقدمي الرعاية مرتبطة بشكل مباشر برفاهية أطفالهم".

وصف التقرير الاستشاري كيف يعمل الأمهات والآباء راهنًا لساعات أطول بكثير ممّا كان عليه الواقع في عام 1985، وأنهم يقضون أيضًا ساعات أطول أسبوعيًا في رعاية الأطفال الأساسية، التي لا تشمل إجمالي الوقت الذي يقضونه مع الأطفال. 

محتوى إعلاني

وورد في التقرير الاستشاري ما يلي: "لقد جاءت مطالب العمل ورعاية الأطفال على حساب الوقت الجيد مع الشريك، والنوم، ووقت الفراغ للوالدين". ولفت إلى أنّ الضغط يتعاظم في حال كان الوالدين يعتنون بأهلهم المسنين أيضًا، أو أحبائهم الآخرين.

وتطرّق مورثي في ​​الاستشارة المكوّنة من 36 صفحة، إلى "ثقافة المقارنة" المكرّسة في الغالب عبر الإنترنت، حول المراحل الهامة، وتربية الأطفال والإنجازات، الأمر الذي "أشعر العديد من العائلات بالإرهاق، والضغط، وتخلفها الدائم على اللحاق بالركب".

واستشهد التقرير بمسح للبالغين أجرته الجمعية الأمريكية لعلم النفس عام 2023، الذي وجد أن 33٪ من الأهل أبلغوا عن مستويات عالية من التوتر في الشهر الماضي، مقارنة بـ20٪ من البالغين الآخرين.

وطالبت الاستشارة بتحوّل ثقافي، مفاده أنه "قد حان الوقت لتقدير واحترام الوقت الذي يقضيه الأب والأم  مع أطفالهم  إسوة بالوقت الذي يقضيانه بالعمل في وظيفة مدفوعة الأجر، مع الاعتراف بالأهمية الحاسمة للمجتمع لتربية الأطفال". 

وورد في الإستشارة أنّ الأهل ومقدمي الرعاية يحتاجون إلى الدعم المجتمعي، والقدرة على التحدث بصراحة حول ضغوط الأبوة والأمومة. وعلى غرار استشارة الجراح العام السابقة،  لفت التقرير إلى أنّ هناك حاجة إلى مزيد من التواصل لمكافحة الشعور بالوحدة، والعزلةـ بين الآباء والأمهات.

وكتب مورثي في مقال نُشر بصحيفة نيويورك تايمز: "إنّ الضغوط وتحديات الصحة العقلية التي يواجهها الأهل، مثل الشعور بالوحدة، ورفاهية مكان العمل، وأثر وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية للشباب، ليست ظاهرة دومًا، لكن قد يكون لها تداعيات سلبية كبيرة". 

وأضاف: "لقد حان الوقت للاعتراف بأنها (الضغوط وتحديات الصحة العقلية) تشكل مصدر قلق خطير على الصحة العامة في بلدنا. إن الأهل الذين يشعرون بأنهم مدفوعون إلى حافة الهاوية يستحقون أكثر من مجرد عبارات مبتذلة. إنهم بحاجة إلى دعم ملموس".

وطالبت الاستشارة ببرنامج وطني مدفوع الأجر للعائلات والإجازات الطبية، وإجازات مرضية مدفوع الأجر لجميع العمال، وتعزيز الدعم للمساعدات المالية الخاصة برعاية الأطفال، ومرحلة ما قبل المدرسة الشاملة وبرامج مثل Head Start. يمكن لأصحاب العمل توسيع البرامج التي تدعم رفاهية الوالدين عبر منحهم إجازات مدفوعة الأجر، وجداول عمل مرنة، وتدريب المدراء على إدارة الإجهاد.

يمكن للمجتمعات، والمدارس، والعاملين في مجال الرعاية الصحية المساعدة أيضًا، من خلال الفحص الإضافي والدعم للجميع، لا سيما الأهل الأكثر عرضة للخطر. وتقول الاستشارة إن هناك حاجة إلى مزيد من البحث، وتوصي بتطوير تدابير موحدة خاصة بالوالدين للصحة العقلية والرفاهية.

ورأى مورثي أنه يمكن للإجراءات الفردية أن تُحدث الإجراءات الفردية فرقًا أيضًا. وقال إنّ إبراز الرغبة بالمساعدة حتى يتمكن الأهل من تناول وجبة، أو الاستحمام، "يساهم بشكل كبير بأن يشعر الأهل بالدعم وأن ثمة من يهتم لأمرهم".

وقال مورثي في مقابلة على CNN، الأربعاء: "هناك فرق بين قول ’أمر مهم‘ وجعله ’أولوية‘. وإذا كنا سنجعل دعم الوالدين أولوية حقًا، فيتعيّن علينا إحداث تحوّل ثقافي كبير في بلدنا، بحيث نرى أن تربية الأبناء تشكّل عنصرًا أساسيًا في صحة المجتمع ورفاهيته".

إن نصائح الجراح العام عبارة عن بيانات عامة لجذب الانتباه إلى قضايا الصحة العامة التي تتطلب الوعي والعمل. وقد أصدر مورثي نصائح في الماضي، حول المعلومات الصحية المضللة، والعنف المسلح، ولكن أيضًا حول مواضيع الصحة العقلية مثل الشعور بالوحدة والعزلة، وتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على الشباب.

وقال مورثي الأربعاء: "الخلاصة تتمثل بالنظر إلى الصحة العقلية كشأن صحي. فهي لا تقل أهمية عن صحتنا الجسدية. إذا تمكنا من الاهتمام بصحتنا العقلية والجسدية، فسيكون لدينا فرصة جيدة، كما تعلمون، كي نكون سعداء وأصحّاء ومكتفين ذاتيًا، وهذا ما نريده جميعًا لأنفسنا وخصوصًا لأطفالنا".

نشر
محتوى إعلاني