"فجوة الأمل" تولّد مشاعر سلبية لدى البشر.. ما هي وكيف تغيّر المعادلة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أصبح الشعور بالهلاك الوشيك الذي ينتاب الناس جرّاء مشاهدة أو قراءة أو الاستماع إلى الأخبار الأكثر كآبة في اليوم بمثابة حدث متكرر. وقد أطلق عليهم المؤثرون على الإنترنت اسم "الدومر "، أي الشخص الذي يؤمن بالنهاية.
وأوضح الدكتور تشان هيلمان، المدير المؤسس لمركز أبحاث الأمل بجامعة أوكلاهوما: "خلال أوقات الشدائد، نميل إلى قضاء المزيد من الوقت في القلق بشأن المستقبل، أو الخوف منه، أو نتأمل بالماضي بمعدل أعلى من التذكر".
منظور "الدومر" أو الشخص المتشائم
وفقًا لاستطلاع الصحة النفسية السنوي الذي أجرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي، الذي نُشر في مايو/ أيار الماضي، أفاد 70% من البالغين بأنهم يشعرون بالقلق إزاء الأحداث الجارية.
وقالت الدكتورة نورما ميندوزا دنتون، أستاذة الأنثروبولوجيا اللغوية في جامعة كاليفورنيا، بلوس أنجلوس: "أود القول إن جيل الألفية وما دونه، وخاصة الجيل زد، يشعرون بتأثيرات تغير المناخ، وعدم الاستقرار السياسي، والسخرية من السياسة، والجهود البيئية".
وأوضحت ميندوزا دنتون أنّ لدى هؤلاء الشباب "فجوة أمل" لأن كل النقاشات المثارة حول مواضيع تثير اهتمامهم تركز على التحذيرات فيما تقدم القليل من الحلول التي قد تقدم خطوات تخفيفية لتلك الأزمة. وعند وجود الأمل، يبدأ الناس بالاعتقاد أن لديهم قدرات أكبر على حل المشاكل للتعامل مع الأزمة.
وقال هيلمان: "إذا كان تعريف الأمل هو الاعتقاد بأن المستقبل سيكون أفضل، وأننا نملك القدرة على جعله كذلك، فإن الحجة (للتشاؤم) ستكون، كيف يمكن أن يكون هذا التعريف صحيحًا عندما يكون اليوم أفضل مما كان عليه في أي وقت مضى. سيكون الغد أسوأ، وهكذا".
وبحسب دراسة أجريت عام 2021، فإن استهلاك الكثير من المعلومات يمكن أن يؤدي إلى التوتر والإرهاق. لا يؤدي هذا التحميل الزائد من المعلومات إلى رفع مشاعر عدم اليقين أو في هذه الحالة الهلاك فحسب، بل يمكن أن يسبب مشاعر سلبية وأعراض اكتئاب.
ولفت هيلمان إلى أنّ "البحث كان واضحًا في أننا شهدنا ارتفاعًا هائلاً بمستويات الاكتئاب والقلق، خصوصًا بين الشباب وبعد الخروج من كوفيد".
وأضاف: "مفهوم الأمل يعد بمثابة هدية اجتماعية، ما يعني أن الأمل يتطور ويتعزز في العلاقات مع بعضنا. وخلال جائحة كوفيد، كان هناك عزلة متزايدة، لذلك أعتقد أن هذا أثر بشكل كبير على تلك القضايا".
تأثير لغة التشاؤم على التصورات
بحسب دراسة أجريت عام 2008، يمكن أن تتسبب الرسائل عبر منصات التواصل الاجتماعي والتغطية الإخبارية القاتمة في الشعور بالتشاؤم. وقد وجدت الدراسة ذاتها أن الأفراد الذين يتعرضون بانتظام لمحتوى يتعلق بالاحتباس الحراري أو تغير المناخ، أفادوا بمشاعر أقوى من عدم الكفاءة أو عدم القدرة على المساهمة في تحقيق هدف مرغوب.
وذلك لأن هذه الرسائل يمكن أن يكون لها تأثير غرفة الصدى الذي ينشأ عندما تكون هناك حلقة مغلقة من تبادل المعلومات تفتقر إلى وجهات نظر متنوعة.
وتعد غرف الصدى منتشرة بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي. وقد يجد الأفراد أنفسهم في مجتمعات عبر الإنترنت تشجع على مشاركة وجهات نظر مماثلة، وفقًا لدراسة أجريت عام 2024. ويمكن أن تؤدي مثل هذه الغرف إلى فقاعة معلومات معزولة.
وتعزو مجتمعات المتشائمين النتائج غير الناجحة إلى عوامل فردية وعالمية، ما يؤدي إلى وجهات نظر متشائمة أو ساخرة وتشجع اللغة السلبية للتعبير عن هذه المشاعر. وعلى سبيل المثال، قد يقول هؤلاء الأفراد أن "كل شيء محكوم عليه بالفشل"، أو أنه قد "فات الأوان".
ويمتد هذا النمط إلى لغة المتشائمين التي تتضمن استبدال "الضحك" بـ"البكاء" أو "الموت" أو "الصراخ".
فبحسب مندوزا دنتون، فإن استخدام مثل هذه العبارات قد "يهيّئ" أو يحفز سلسلة من المصطلحات المرتبطة بهذه الكلمات في رأسك.
لكن هناك أيضًا تحول في الكلمات والعبارات المرتبطة بالتعريفات السلبية لتكون مضحكة، مثل عبارة "أنا أموت (من الضحك)" التي تعادل الضحك للأجيال الأصغر سنًا، وفقًا لمندوزا دنتون. لذا، من المهم أن نتذكر أن استخدام المصطلحات العامية المتشائمة لا يساهم دوما في المشاعر السلبية.
كيفية إدارة مشاعر الهلاك الوشيك
وفقًا لهيلمان، فإن الطريقة الأكثر فعالية لإدارة أعراض الهلاك الوشيك هي:
التركيز على إنشاء ومتابعة أهداف محددة قصيرة المدى عوض الأهداف المستقبلية الواسعة.
وأوضح هيلمان: "يندرج هذا ضمن إطار نستخدمه يسمى" الأمل يولّد الأمل ". عندما نبدأ في تجربة النجاح في خطوات قصيرة المدى، فإن هذا يعزز اعتقادنا بأن هذا المستقبل ممكن".
وبحسب دراسة أجريت عام 2023، فإن القيام بذلك قد يدفع الأفراد للبحث عن حلول. ويمكن لقدرة الحصول على توقعات إيجابية أو متفائلة بشأن المستقبل، حتى لو كانت تتعلق بالمستقبل القريب فقط، أن تعمل كآلية للتكيّف وتؤدي إلى طول العمر الجسدي والتكيف العاطفي.
ومن الجيد محاولة تحديد الروابط الاجتماعية، إذ يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يصبحوا نماذج محتملة لتوجيهك نحو أهدافك، خاصةً إذا كانت هذه الأهداف أمرا حققوه بالفعل، وفقًا لهيلمان.