رأي: أبناء البطة البيضاء وأبناء البطة السوداء في بتروتريد المصرية.. هل ينتصر رئيس الوزراء للمساواة؟!

اقتصاد
نشر
10 دقائق قراءة
رأي: أبناء البطة البيضاء وأبناء البطة السوداء في بتروتريد المصرية.. هل ينتصر رئيس الوزراء للمساواة؟!
صورة أرشيفية لمظاهرة في عيد العمال بالقاهرة عام 2013Credit: GIANLUIGI GUERCIA/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم فاطمة رمضان، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد المصري للنقابات المستقلة، وهو ضمن مقالات ينشرها موقع CNNبالعربية بالتعاون مع صحيفة الشروق المصرية، كما أنه لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة  CNN

أعلن عمال بتروتريد في الأيام السابقة على الذكري الخامسة لثورة 25 يناير تعليق إضرابهم على أن يتابعوه بعد مرور هذا اليوم مباشرة.

كان عمال شركة بتروتريد قد بدأوا إضرابهم عن العمل يوم 9 ديسمبر 2015، واستمر الإضراب لما يقرب من شهر ونصف، رغم كل محاولات فضه من قبل إدارة الشركة والنقابيين التابعين لها سواء من النقابة العامة للبترول، أو النقابة المستقلة.

اقرأ: مصر.. 6 اتفاقيات نفطية مع شركات إيطالية وأمريكية وتونسية باستثمارات 2.7 مليار دولار

وقد بدأ العمال إضرابهم بسبب علمهم بتوزيع 20 مليون جنيه فائض الميزانية على بعض العاملين من الإدارة العليا دون باقي العاملين. وعندما بدأ العمال إضرابهم استحضروا مطالبهم القديمة التي اعتصموا وأضربوا بسببها من قبل في عام 2008، ثم 2010، فطالبوا بالعدالة وذلك من خلال تطبيق اللائحة التأسيسية لعام 2004 وتعديلاتها حتى عام 2007 على جميع العمال، وكذلك طالبوا بعودة زملائهم المفصولين تعسفياً من الشركة بسبب مطالبتهم بتطبيق لائحة واحدة على كل عمال الشركة، وليس لائحتين كما هو الوضع منذ سنوات وحتى الآن.

وعلى الرغم من زوال السبب الذي جعل عمال بتروتريد يهبون معلنين إضرابهم في جميع أماكن عملهم، بعد سحب القرار الخاص بتوزيع الـ 20 مليون جنيه على الكبار، إلا أن الظلم الذي يعانيه العمال جعلهم يستمرون في إضرابهم مطالبين بباقي حقوقهم المسروقة.

فالتمييز بسبب وجود لائحتين يجعل أجور العاملين ممن يسمون أنفسهم (أولاد البطة السوداء) تقل عن ربع ما يتقاضاه العاملين من أولاد البطة البيضاء، واللذين تطبق عليهم اللائحة التأسيسية لعام 2004، حتى لو عينوا بعد عام 2010، طالما كان من أقرباء أو معارف كبار المسئولين بالشركة. ولم ينسى عمال شركة بتروتريد أن يطالبوا المسئولين بمحاسبة الفاسدين على إفسادهم للشركة.

أيضاً: خبراء لـCNN بالعربية: الإسراع بتغيير حكومة محلب سببه قضية فساد الزراعة وعدم رضا السيسي

ودلل العمال على صدق كلامهم فيما يخص التمييز بنشر مفردات مرتب لبعض العاملين المعينين في نفس العام 2002، ممن طبقت عليه اللائحة التأسيسية وصل الأجر الأساسي له إلى 800 جنيه في عام 2010، في الوقت الذي كان الأجر الأساسي لزملائه ممن طبقت عليهم اللائحة الأخرى 423، و331 جنيه، وهو ما يترتب الكثير من الفروق فيما يصرفه العاملين من بدلات وأجور متغيرة منسوبة للأجر الأساسي.

مطلب لائحة واحدة لكل العاملين مطلب حاربته الإدارة بفصل من طالبوا به ولجئوا للقضاء طالبين المساواة، وقد سمحت الإدارة بعودة بعض المفصولين بعد تنازلهم عن هذه القضايا. وقد قام عمال بتروتريد مؤخراً بنشر صورة من تنازل بعض العمال - ممن فصلوا تعسفياً بسبب مطالبتهم بالمساواة، حتى يعودوا للعمل- عن حقوقهم في المطالبة بالمساواة بزملائهم ممن تطبق عليهم اللائحة التأسيسية، واعتراف بعدم أحقيتهم في ضم سنوات الخبرة السابقة، ولم تكتفي إدارة الشركة بالتنازل المكتوب بل أجبرت العمال على توثيقه في الشهر العقاري.

وقد استخدمت الحكومة وإدارة الشركة النقابة العامة لعمال البترول التابعة للاتحاد الحكومي أكثر من مرة للعمل على إجهاض إضراب العمال، وكان أحدها عندما أعلن كذباً محمد سعفان، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، رئيس النقابة العامة للعاملين بالبترول، عن انتهاء الإضراب وجاء عنه (في جريدة الأهرام 10/12) "إن عددا من العاملين اعتصموا بسبب قيام الإدارة بالإفصاح عن صرف مكافأة لعدد من القيادات الإدارية بالشركة، الأمر الذى أثار غضب البعض، وتدخلت النقابة، وتم الاتفاق مع إدارة الشركة على توجيه هذه المبالغ لأنشطة الرعاية الصحية والاجتماعية لجميع العاملين للاستفادة منها".

واستمر العمال في إضرابهم رغم الإجراءات التعسفية التي اتخذتها إدارة الشركة ضد المئات من عمال الشركة - البالغ عددهم 17 ألف عامل  في  56 موقع عمل  من إيقاف عن العمل، أو التحويل للتحقيق، أو القبض على عدد من العمال الذين ذهبوا لأقسام الشرطة لعمل محاضر إثبات حالة بإضرابهم في مقار عملهم، فيجدون أن الشركة قد سبقتهم بعمل محاضر بتهم مثل الاختلاس، أو تبديد العهدة، والتحريض على الإضراب وتكدير الأمن العام. وكان آخر هذه الإجراءات قبل تعليق الإضراب تحويل 17 من العاملين في مناطق الباجور، وشبين الكوم وقويسنا للتحقيق يوم 15 يناير 2016.

و.. بعد وقف تصدير الغاز لإسرائيل.. محكمة دولية تعاقب مصر بغرامة "مزدوجة" بـ1.7 مليار دولار

مثلما استخدمت إدارة الشركة كل ما لديها من سبل لفرض إرادتها على العمال وإجبارهم على فض الإضراب، فقد استخدم العمال العديد من الطرق للرد على الإدارة وتفنيد ما تقوله، وكان أحد هذه الطرق هو المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم السبت الموافق 9 يناير 2016، بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أعلنوا به استمرار إضرابهم في 52 منطقة من 56 منطقة هي كل مناطق الشركة، كما أعلنوا بهذا المؤتمر أنه لو استجابت إدارة الشركة لطلباتهم فسوف يعوضون الخسائر في الشهر القادم عن طريق العمل أوقات إضافية.

وحاول العاملون في المؤتمر الرد على ما تقوله الإدارة من أسباب لرفضها تطبيق اللائحة التأسيسية علي كل العاملين، وتحدث حسن وهو أحد العاملين بالشركة في المؤتمر، فقال "رئيس مجلس إدارة الشركة بيقول إنه مش عاوز يطبق اللائحة التأسيسية على كل العاملين لأنه ما فيش موارد، على الرغم من أنه للشركة الكثير من الأنشطة والتي تنتج عنها موارد، مثل تحصيل فواتير الغاز، وإعادة تكرير الزيوت (بمصنع السويس)، والرقابة على محطات البنزين، والإعلانات".

كما كان لدى العاملين صورة من أوراق قضية بمجمع المحاكم الجديدة بالمنشية، قضي فيها بإلزام إحدى الشركات التي تورد لها شركة بتروتريد غاز، بإلزام هذه الشركات بسداد أكثر من 750 مليون جنيه لشركة بتروتريد.

ورداً على اتهامهم بالبطالة المقنعة من قبل رئيس مجلس إدارة الشركة، رد حسن بأن لديهم عجز في المحصلين، حيث لم يدخل الشركة أي تعيينات جديدة للتحصيل منذ عام 2009، وأن المحصلين الموجودين أصبحت أعمارهم ما بين 45- 50 سنة.

وأثار العاملين التساؤلات حول السبب الذي يحول دون تنفيذ قرار وقّع عليه وزير البترول الحالي، ورئيس الوزراء الحالي، وهو القرار المرسل من قبل وزارة البترول لرؤساء شركات البترول (بتروتريد- بوتجاسكو- صيانكو)  في عام 2011 جاء فيه " بأن وزير البترول أصدر قرار في الاجتماع الموسع مع العاملين والنقابة العامة للبترول، بحضور الرئيس التنفيذي ورؤساء الشركات القابضة، بتطبيق اللوائح التأسيسية (القديمة) بشركة بتروتريد وأن يتم تثبيت العاملين بهذه الشركات بعد سنتين وأنه يتم تنفيذ هذا القرار فوراً اعتبارا من 1-3-2011" وقع على هذا القرار وقتها م. عبدالله غراب كرئيس تنفيذي للهيئة، و م. محمود لطيف، م. شريف اسماعيل، م. اسامة كمال كرؤساء للثلاثة شركات سابقة الذكر.

وذكر أحد العاملين بعض الأمثلة للوسائط والتمييز، فتحدث عن تعيين مساعدة رئيس الشركة لابنتها في عام 2008، ونقلها لتتبع اللائحة التأسيسية على الرغم من تعيينها بعد إقرار اللائحة الجديدة التمييزية الظالمة، كما تحدث عن قيام مدير عام الشركة في القاهرة الكبرى كمال الغرباوي -الذي تم نقله على أثر الإضراب إلى شركة صيانكو- بتعيين أخت زوجته كذلك على اللائحة التأسيسية.

ومن الرسائل التي أراد العمال توجيهها للمسئولين هي أن نجاح الشركة ممكن ولكن عبر قيادات تعرف الشركة وتعرف كيف تديرها، بدلا من الوضع الحالي كون الشركة هي المكان الذي يأتي إليه الكبار قبل خروجهم للمعاش بستة أشهر، لتصرف لهم الأموال الكثيرة دون أي إنتاج، وذلك كونهم لا يعرفون شيء عن الشركة وكيفية عملها. في الوقت الذي تحرم فيه الكفاءات من أبناء الشركة من الوصول لهذه المواقع.

والرسالة التالية كانت تعبر عن تذمر العمال من كون الشركة تدار من قبل لواءات سابقين،  وأنهم يريدون أن يتكلمون مع مدنيين، وأن يتفاوضون مع مدنيين، وذلك بعد أن صدر أول منشور عن إدارة الشركة بعد الإضراب وقع عليه أربعة لواءات.

والآن وبعد استمرار إضراب العمال طوال هذه الفترة - ورغم إصرار وزارة البترول على عدم تنفيذ قرارات سبق أن أقرها وزير البترول ورئيس الوزراء- وتعهدهم بمعاودة الإضراب هل ينتصر أحد ممن يملكون القرار لمطالب العمال العادلة والدستورية كونهم يطالبون بالمساواة وعدم التمييز، هل يستجيب أحد ويبحث ويحقق فيما يطلبه العمال من محاسبة الفاسدين، والاتيان بالأكفأ لإدارة الشركة، أم سيظلون يحمون من تحوم حولهم الشبهات كما عودونا، بل ويقومون بترقيتهم.