عمّان، الأردن (CNN) -- قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، إن المرحلة المقبلة من تداعيات مواجهة فيروس كورونا، تتطلب مستوى أعلى من التعاون الإقليمي بين دول المنطقة، مشيراً إلى أنه تم تأمين الدعم للاقتصادات الوطنية، بما معدله أكثر من 2.5 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي في دول المنطقة من خلال إجراءات مواجهة كورونا التي اتخذتها الدول والمصارف المركزية.
وجاءت تصريحات أزعور خلال ندوة رقمية، نظمها منتدى الاستراتيجيات الأردني و صندوق النقد الدولي بالتعاون مع المركز المصري للدراسات الاقتصادية ومجلة ذا ناشيونال في أبوظبي، بثت مباشرة على صفحة المنتدى على فيسبوك يوم الأربعاء، حول التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا.
وقال أزعور في مداخلاته، إن صندوق النقد تحرك بوتيرة سريعة على صعيدين مع بداية الأزمة، الأول تأمين القدرات المالية بمتناول الدول التي كانت بحاجة لذلك، عبر تحريك 100 مليار دولار لتأمين دول العالم ودول المنطقة، من بينها الاردن والمغرب بـ3 مليار دولار ومصر مؤخرا بنحو 2 مليار و800 مليون دولار وتونس بـ700 مليون دولار وموريتانا وجيبوتي واليمن ودول أخرى مثل السودان والصومال، إضافة إلى العمل مع الحكومة اللبنانية للمرحلة المقبلة.
ورأى أزعور، أن المرحلة المقبلة هي مرحلة انتقالية، تتطلب الخروج تدريجياً منها بعد إغلاق تدريجي أو جزئي للاقتصادات، واصفاً إياها بالمرحلة "الضبابية"، نظراً لعدم القدرة على استشراف ما سيكون عليه الاقتصاد العالمي.
كما رأى أزعور، أن المرحلة المقبلة تتطلب عملية إعادة الزخم والتأثيرات على القطاعات الاساسية والحساسة التي توفر فرص عمل كالسياحة والقطاعات الإنتاجية، مع الأخذ بعين الاعتبار مخاطر تجدد هذه الازمة وتراجع اقتصادات دول النفط، مشدداً على ضرورة أن تشهد المرحلة المقبلة مرحلة تعزيز التجارة البينية داخل المنطقة العربية.
أما مدير منتدى الاستراتيجيات الأردني، الوزير الأسبق الدكتور إبراهيم سيف، فاعتبر خلال مشاركته في الندوة التي أدارتها الإعلامية مينا العريبي، أن الأردن حقق نجاحاً في المرحلة الأولى في احتواء الفيروس بشكل كبير، باتباع نهج احتواء الفيروس قدر الإمكان، على حساب تجميد العديد من الأنشطة الاقتصادية.
ورأى سيف، أن الدخول في مرحلة التعافي يتطلب بعد تعطيل القرار الاستهلاكي والاستثماري، أن تستعيد بعض القطاعات الإنتاجية نشاطها، كقطاعات صناعة الأغذية والأدوية والبرمجيات، التي اعتبرها سيف الأقل تضرراً بأزمة كورونا، قائلاً إنها تمكنت من تأمين الاحتياجات والوصول إلى بعض الأسواق التصديرية.
ونبّه سيف، إلى أن مشكلة أساسية في المرحلة المقبلة بالنسبة للأردن على وجه الخصوص، هي كيفية الوصول إلى المحيط المتضرر من الأزمة واستعادة أنشطة الخدمات والسياحة والحركة والتصدير. وقال إن انخفاض الطلب في الخليج، سينعكس سلباً على الأردن وعلى استيعاب الصادرات الأردنية اذا استمرت الأزمة، مشيراً إلى أن المنتدى يعمل على تصميم حزم إنقاذ، لاستهداف بعض القطاعات وبعض الانشطة نحو زيادة تفعيلها، بما في ذلك، وضع المعايير التي يجب أن ينظر إليها، وأن يتم تخصيص لها موارد سواء بدعم حكومي أو عبر خطوط ائتمان ميسرة.
وتوافق سيف مع أزعور في ضرورة التعاون البيني في دول المنطقة في المرحلة المقبلة، قائلاً إن التعاون "لم يعد عاطفياً. آن الأوان أن نجمد خلافاتنا السياسية السائدة وأن يتم النظر إلى كيف يمكن تجاوزها"، مشيراً إلى أهمية بناء شبكة إقليمية أعمق، وأن ذلك سيحتاج إلى وقت.
كما أشار سيف إلى القطاع الزراعي، الذي كان من بين القطاعات التي لم تكن تحظى بالاهتمام الكافي، حيث قال إن هناك قطاعات تقليدية أهملت لفترات طويلة ويجب أن تستعيد زخمها وتتقدم إلى الواجهة، بعد أن أثبتت أنها نجحت في الوفاء باحتياجات السوق المحلي، مشيراً إلى أنه ثبت إمكانية تطويرها.
من جهتها، قالت الدكتورة عبلة عبداللطيف، مديرة البحوث في المركزي المصري للدراسات، إن الحديث الذي تم تداوله بشأن تحقيق مصر لنمو في الناتج القومي الإجمالي رغم الجائحة، يرجع إلى أن السنة المالية تبدأ في شهر يوليو /تموز من كل عام، مشيرة إلى أن الأرقام تأثرت بالإصلاح الاقتصادي الذي بدأ في 2016 في مصر وأن أثر الجائحة المباشر ظهر في الربع الأخير من السنة المالية.
وقالت عبداللطيف في مداخلتها، إن التوقعات المستقبلية للنمو الاقتصادي في مصر ليست سيئة، وتعتمد على قدرة السيطرة على الفيروس وانتشاره، لافتة إلى أن القلق لايزال موجوداً.
وبينت أن حجم الصدمة على الاقتصاد المصري ظهر في 3 مصادر تعتمد عليها مصر، وهي العملة الصعبة والسياحة وقناة السويس وعوائد المغتربين.
وأشارت إلى أن خسائر السياحة بلغت 50 مليار دولار بالمجمل، حيث انخفضت عوائد قناة السويس بما نسبته 15-20٪، فيما أشارت إلى أن عوائد المغتربين هي المصدر الأكبر للنمو مع الوضع في دول الخليج والانخفاض التاريخي في أسعار النفط، إضافة إلى الصناعات التحويلية التي تأثرت مع غلق أسواق أوروبا وكذلك قطاع الخدمات الذي تلقى صدمة كبيرة.
وبينت عبداللطيف أنه هناك حاجة لمصر في المرحلة المقبلة، الاستمرار في الإصلاحات المؤسسية والاقتصادية استكمالاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي للنهوض به، من خلال جذب الاستثمارات وتوفير إجراءات لتسهيل ذلك وتبني مجموعة إجراءات استثنائية وتذليل الخطوات البيروقراطية المتعلقة بالاستثمار.
وبينت عبداللطيف أن قطاع الاتصالات حقق نجاحاً في مصر، ولابد من الاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، خاصة إذا تطلب الأمر تطبيق تقنيات التعليم عن بعد لمدة عام آخر، مشيرة إلي أهمية الاستثمار البشري في التعليم والصحة والقطاع الصناعي الذي تعقد الآمال عليه، لأن السياحة رفاهية لن تعود سريعاً.
وقالت إن هناك عدة قطاعات، ستقود مرحلة التعافي وهي بشكل أساسي الصناعة والزراعة في مصر، بما في ذلك صناعات استفادت من الأزمة وصناعات ستشهد تطوراً كالصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية، وصناعة الألبسة التي تحتاج 9 شهور للعودة إلى السوق الخارجي.