القاهرة، مصر (CNN)-- أشاد خبراء سوق المال بقرار الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر بالتوسع في استخدام آلية التنفيذ العكسي بالبورصة المصرية عبر تصويب مخالفات التداول بهدف حماية حقوق المتعاملين وفي الوقت نفسه تحقيق الاستقرار للسوق.
وذكر الخبراء أن هذا القرار تزامن مع عودة ارتفاع أحجام السيولة بشكل ملحوظ، إلا أنهم أكدوا في الوقت نفسه صعوبة استئناف برنامج الطروحات الحكومية في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وعدم استقرار سعر صرف الدولار.
واختتم المؤشر الرئيسي للبورصة تعاملاته، يوم الاثنين، بتراجع بنسبة 0.7% ليغلق عند مستوى 9914 نقطة، بعد مكاسب قياسية استمرت طوال الأسبوع الماضي، فيما ارتفع مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة هامشيًا بنسبة 0.06% ليغلق عند مستوى 2130 نقطة، ليواصل خفض الخسائر التي حققها منذ بداية العام وبلغت نسبتها 3.24%.
وقال محمد رضا عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية-إيكما، إن اعتماد هيئة الرقابة المالية مقترح البورصة بالتوسع في استخدام آلية التنفيذ العكسي ساهم في زيادة أحجام التداول بسوق المال المصري بشكل ملحوظ، بعد طمأنه المستثمرين من مراقبة الهيئة للسوق، واتخاذ إجراءات ضد العمليات المخالفة دون تأثير صدى هذه القرارات على العمليات السليمة التي تم تنفيذها.
وبلغ حجم التداول بالبورصة المصرية بسوق داخل المقصورة 5.9 مليار جنيه (306.8 مليون دولار) خلال جلسة تداول الاثنين، بحجم تداول تجاوز مليار سهم بإجمالي 65.5 ألف عملية .
وأوضح رضا، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، سبب اتخاذ قرار التوسع في تنفيذ آلية التنفيذ العكسي، حيث شهد سوق المال المصري تراجعا واضحا في حجم تداولات المؤسسات خلال آخر عامين، مقابل سيطرة الأفراد بشكل كبير على التعاملات بنسبة تتراوح بين 60-80% من حجم التداولات اليومية للسوق، وتركزت معظمها في الأسهم الصغيرة والمتوسطة، وغياب ملحوظ للتداول على الأسهم القيادية.
وأضاف أن غياب المؤسسات المحلية والدولية، أدت إلى ظهور عمليات مضاربة موسعة على الأسهم الصغيرة، وسيطرة لبعض المستثمرين الأفراد على هذه الأسهم والتحكم في أدائها، مما تسبب في مشاكل مع الهيئة العامة للرقابة المالية، والتي كانت تتخذ قرارات بإيقاف أكواد المضاربين وإلغاء العمليات المنفذة عليها، وهو ما أثر على أداء السوق، وتسبب في خسائر لجميع المتعاملين، وليس المتلاعبين فقط.
وتابع أنه مع تغيير إدارة هيئة الرقابة المالية، تبنى الرئيس الجديد مقترح للبورصة بالتوسع في استخدام آلية التنفيذ العكسي لتصويب مخالفات التداول دون التأثير على مصالح كل المساهمين، بجانب التدرج في العقوبات بدايةً من التنفيذ العكسي من خلال بيع ما تم شرائه وشراء ما تم بيعه مع العمل على تحييد الأثر على سعر الإقفال.
وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم 7 أغسطس/ آب الجاري قرارا بتعيين محمد فريد قائما بأعمال رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية لمدة عام خلفا للدكتور محمد عمران، والذي استمر في هذا المنصب لـ5 أعوام، وشغل فريد منصب رئيس البورصة المصرية لـ5 أعوام قبل أن ينتقل إلى منصبه الجديد، يوم الاثنين الماضي.
وحدد محمد رضا عدة تحديات يجب على إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية سرعة معالجتها لعودة المستثمرين الأجانب مرة أخرى أبرزها مشاكل التداول بالبورصة المتعلقة بآلية اقتراض الأوراق المالية بغرض البيع، هذا بجانب المشاكل الأخرى التي تواجه الاقتصاد المصري نتيجة الضغوط الخارجية مثل التضخم العالمي.
ويرى عضو مجلس إدارة جمعية إيكما صعوبة استئناف برنامج الطروحات الحكومية أو زيادة رؤوس أموال الشركات المقيدة بالبورصة في الوقت الحالي، رغم زيادة أحجام التداول، مفسرًا وجهة نظره بأن السيولة تتركز في الوقت الحالي في الأسهم الصغيرة والمتوسطة لتحقيق مكسب سريع، ولذا من الصعب أن تغطي هذه السيولة الطروحات الحكومية الضخمة المنتظرة، خاصة في ظل رفع أسعار الفائدة مما يحجم دخول مستثمرين جدد، متوقعا أن يتم يكون السوق جاهزًا لاستقبال هذه الطروحات مع بداية العام المقبل.
ورفع البنك المركزي المصري، أسعار الفائدة 300 نقطة أساس منذ بداية العام الجاري، وينتظر أن تجتمع لجنة السياسات النقدية بالبنك يوم الخميس المقبل، لمناقشة أسعار الفائدة.
وقال خبير أسواق المال محمد حسن، إن التوسع في استخدام آلية التنفيذ العكسي مقترحا إيجابيا جدا للبورصة، حيث يسهم في تعزيز استقرار سوق المال وسلامة التعامل عبر تجنب حدوث اضطرابات في السوق من خلال تصويب مخالفات التداول وإزالة الآثار المترتبة عليها، مع تطبيق مبدأ التدرج في تصويب المخالفات لضمان تحقيق الاستقرار للسوق وفي الوقت نفسه حماية حقوق كل المتعاملين.
وأشار حسن، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن تدخل هيئة الرقابة المالية في السابق في إلغاء العمليات المنفذة على الأسهم بسبب بعض العمليات المخالفة أثر سلبا على سوق المال المصري، وحجم من تعاملات المستثمرين، مشددا على ضرورة أن يقتصر مراقبة هيئة الرقابة المالية على المخالفات فقط بدون تدخل في تحديد توجهات الأسهم.
وأكد محمد حسن على ضرورة أن تتدخل إدارة هيئة الرقابة المالية الجديدة، في طمأنه المستثمرين بالسوق، وتحفيز الاستثمار بسوق المال عبر التشاور مع الحكومة لإلغاء الضرائب المفروضة على البورصة، أو على الأقل تأجيلها لمدة عامين، مما يعطي مساحة أكبر للمستثمرين للتوسع في الاستثمار بالبورصة.
ولفت خبير أسواق المال إلى أنه رغم زيادة أحجام التداول بالبورصة نتيجة شهية المستثمرين للدخول في سوق المال مرة أخرى وتركيزهم على الاستثمار بالأسهم الصغيرة، إلا أنه من الصعب تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية في الوقت الحالي انتظارا لاستقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وعقب هذا الاستقرار ستعود مرة ثانية الاستثمارات الأجنبية.