القاهرة، مصر (CNN)-- تروج الحكومة المصرية لبيع حصص من الشركات المملوكة للدولة إلى صناديق سيادية خليجية، لتعظيم قيمتها والعائد منها، وذلك في إطار خطتها لبيع أصول بقيمة 40 مليار دولار خلال 4 سنوات لزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي لحل أزمة نقص الدولار، وفي الوقت نفسه زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
وتترأس وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة هالة السعيد وفدا يضم مسؤولين من صندوق مصر السيادي يقوم بجولة لعدد من الدول الخليجية للترويج للفرص الاستثمارية في مصر.
وقالت رانيا يعقوب عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، ورئيس مجلس إدارة شركة ثري واي لتداول الأوراق المالية، إن الحكومة تعتزم طرح حصصا من شركات مملوكة للدولة بالبورصة، وهو ما يعرف باسم برنامج الطروحات الحكومية، والذي يعد بمثابة قبلة الحياة لسوق الأوراق المالية، من خلال زيادة عدد الشركات المدرجة وجذب سيولة ومستثمرين جدد، في ظل ما تعانيه البورصة خلال الفترة الماضية من نقص في عدد الشركات المقيدة الجديدة.
ويسهم طرح شركات مملوكة للدولة في البورصة في رفع مستوى الأداء الاقتصادي لهذه الشركات وتعزيز رؤوس أموالها، ومشاركة المستثمرين الأفراد والمؤسسات في عوائد وربحية عدد من الشركات والأصول العامة، وفقا لوثيقة سياسة ملكية الدولة.
وأضافت يعقوب، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن هناك اهتماما واضحا من قبل صناديق الاستثمار والمستثمرين العرب بضخ استثمارات في الأصول المصرية، وكانت المطروحة بالبورصة نصيب الأسد من هذه الاستثمارات مما شجع الدولة على الاهتمام بطرح أصول جديدة بالبورصة سواء على مستثمرين استراتيجيين أو أفراد، وهو ما يتماشى أيضا مع استراتيجية وثيقة سياسة ملكية الدولة في التخارج من بعض القطاعات، وخفض نصيبها بقطاعات أخرى، ويؤكد أنها تفي بتعهدات والتزاماتها بشأن ما ورد في الوثيقة.
وشهدت البورصة المصرية، على مدار العامين الماضيين صفقات استحواذ عربية على العديد من الشركات المقيدة أبرزها استحواذ صدوق الاستثمارات العامة السعودي على حصص أقلية في 4 شركات حكومية مقابل 1.3 مليار دولار، وسبقه استحواذ صندوق أبوظبي السيادي على حصص في شركات بقيمة 2 مليار دولار.
وحول أسباب الاتجاه لبيع حصص للصناديق السيادية الخليجية، أوضحت رانيا يعقوب، أن التركيز على استهداف بيع حصص من الشركات الحكومية للصناديق السيادية الخليجية، جاء بسبب رغبة هذه الصناديق في اقتناص حصص من الشركات المملوكة للدولة، وهو ما ظهر خلال السنوات القليلة الماضية، في المقابل فإن الصناديق الأجنبية تركز على الاستثمار غير المباشر في أذون وسندات الخزانة الحكومية.
وترى عضو مجلس إدارة البورصة، أن اتجاه الحكومة لبيع حصص بالشركات الحكومية، يعتبر تغيير حقيقي في اتجاه الدولة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والابتعاد عن الأموال الساخنة التي دفعت الدولة ثمنها نتيجة التخارج في شهر مارس/ آذار من العام الماضي في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.
وخرجت من مصر استثمارات أجنبية غير مباشرة قدرت بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار في أعقاب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وفقا لتصريحات رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، وهو ما أثر على توافر النقد الأجنبي وتراجع صافي الاحتياطي النقد الأجنبي.
ونصحت رانيا يعقوب الحكومة بمراعاة 4 عوامل لإنجاح برنامج الطروحات الحكومية، وهي أولا مستشار الطرح، وثانيا تقييم الشركات وسعر الأسهم، وثالثا توقيت بدء الطرح، ورابعا الترويج للشركات المطروحة، إضافة إلى استمرار العمل بسياسات سعر صرف مرن؛ لأنها ستؤثر على تقييم المستثمر لقيمة الأصول التي يشتريها.
ويتبنى البنك المركزي المصري، منذ نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نظام سعر صرف مرن بشكل دائم للجنيه أمام العملات الأجنبية، في إطار اتفاق أجرته الحكومة مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل بقيمة 3 مليارات دولار، وتسببت هذه السياسة في خفض سعر الجنيه أمام الدولار ليصل إلى 30.30 جنيه للشراء، 30.40 جنيه للبيع، وفقا لأسعار البنك المركزي، كما ساهم في تحقيق البورصة المصرية صعود قوي منذ تطبيق القرار.
وقال محمد كمال عضو شعبة الأوراق المالية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن الحكومة تعمل على الترويج لطرح حصص بالشركات الحكومية لصناديق الاستثمار الخليجية، في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه بين مصر وصندوق النقد الدولي، بهدف توفير سيولة من النقد الأجنبي لحل أزمة الدولار، وزيادة إيرادات الموازنة لخفض نسبة العجز، كما يأتي في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة التي أعلنت عنها الحكومة لزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
وأكد كمال، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، على اهتمام صناديق الاستثمار الخليجية بشراء الشركات المصرية، لأن الشركات المزمع بيعها تحقق أرباحا جيدة، وتتميز بمضاعفات ربحية مغرية مقارنة بالأسواق المجاورة سواء العربية أو الخليجية، كما اتفق معها أن صناديق الاستثمار الخليجية تفضل شراء الشركات المدرجة، في حين تفضل نظيرتها الأجنبية الاستثمار في سوق الدين.
وأكد محمد كمال، على أهمية التسعير الجاذب للشركات الحكومية قبل طرحها بالبورصة، لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما أكد كذلك على أهمية اختيار توقيت مناسب لضمان نجاح الطرح، مشيرا إلى أن تنفيذ برنامج الطروحات سينعكس بشكل إيجابي على أداء البورصة المصرية، خاصة وأن سوق المال المصري كان يعاني من نقص في الشركات المقيدة، والسيولة ومع بدء الطروحات يتوقع أن نشهد جذب مستثمرين جدد وزيادة أحجام التداول.
وارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بنسبة 22.17% خلال عام 2022، ليسجل للمرة الأولى صعودا سنويا منذ عامين، وتجاوز رأس المال السوقي تريليون جنيه.