القاهرة، مصر (CNN)-- أصدرت مصر، لأول مرة في تاريخها، صكوك إسلامية سيادية بقيمة 1.5 مليار دولار بعائد 11% لتمويل المشروعات الاستثمارية والتنموية المدرجة بالموازنة العامة.
وأكد خبراء اقتصاد على أهمية إصدار الصكوك لتغطية الفجوة في الطلب على النقد الأجنبي، وتعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، مشيرين إلى أن وصول سعر العائد على الصكوك إلى 11% جاء نتيجة زيادة سعر الفائدة على الدولار، وخفض التصنيف الائتماني لمصر، إلا أنه يعتبر عائد غير مرتفع في ظل هذه الظروف.
ويعد هذا الإصدار ضمن برنامج دولي لإصدارات الصكوك السيادية لمصر لعدة سنوات مقبلة بقيمة 5 مليارات دولار، وتم تسجيل هذا البرنامج في بورصة لندن يوم 14 فبراير/ شباط الجاري.
وقال الخبير المصرفي طارق متولي، نائب رئيس بنك بلوم سابقا، إن مصر اتجهت لإصدار صكوكا إسلامية سيادية لأول مرة في تاريخها لتغطية الفجوة في الطلب على النقد الأجنبي، والتي ظهرت نتيجة خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة وارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرا إلى أن مصر اختارت إصدار الصكوك نتيجة النمو الملحوظ في هذا السوق من أدوات الدين، والذي يصل حجم الإصدار فيه إلى 2 تريليون دولار بإجمالي سندات بين 80-100 مليار دولار.
وسبق إصدار الصكوك السيادية، إقرار مصر قانون للصكوك السيادية ولائحته التنفيذية؛ لتوفير المظلة التشريعية اللازمة لاستحداث نوع جديد من الأوراق المالية الحكومية يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وفقا لبيان رسمي.
ويرى متولي، أن سعر إصدار الصكوك السيادية المصرية بعائد 11% غير مرتفع لأن آخر طرح لمصر في سوق أدوات الدين العالمي منذ 3 سنوات بلغ سعر العائد وقتها 5.8%، إلا أنه بعد ارتفاع سعر الفائدة على الدولار من 1% إلى 4.5%، وخفض التصنيف الائتماني لمصر من قبل مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني من مستوى B2 إلى مستوى B3 فإن سعر العائد على الصكوك يعد جيدا، خاصة وأنه تم خفضه من مستوى 11.675% في الأسعار الافتتاحية ليغلق تسعير الإصدار عند 11%، وذلك نتيجة ارتفاع الإقبال على الاكتتاب.
ووفقا لوزارة المالية، فإن تكلفة إصدار الصكوك الإسلامية السيادية كانت أقل من العائد المطلوب على السندات في الأسواق الثانوية الدولية بأكثر من سبعين نقطة.
ونوه طارق متولي إلى أن خفض سعر العائد على الصكوك السيادية من مستوى 11.675% في الأسعار الافتتاحية ليغلق تسعير الإصدار عند 11%، أمرا إيجابيا ويؤكد على ثقة المستثمرين في قدرة مصر على سداد ديونها.
وبحسب بيان لوزارة المالية، فإن إصدار الصكوك الإسلامية السيادية جذب أكثر من 250 مستثمرا من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ودول الخليج وشرق آسيا، وتنوع المستثمرين بين مدير الأصول وصناديق التقاعد وصناديق التأمين والاستثمار والبنوك.
وحول استمرار عزوف الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، قال الخبير المصرفي، إن الدولة تحاول جاهدة إقرار حوافز وتسهيلات لجذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة إلا أن البيروقراطية مازالت تعوق جذب الاستثمارات الأجنبية، رغم ما ينفرد به الاقتصاد المصري من مزايا تنافسية عديدة تجعله قادرا على جذب استثمارات ضخمة سنويا.
ووفقا لآخر بيانات رسمية، نمت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال العام المالي الماضي 2021/2022 بنسبة 71.4% لتصل إلى 8.9 مليار دولار، وهو أعلى معدل نمو خلال آخر 10 أعوام.
وقال الخبير المصرفي محمد بدرة، إن إصدار مصر صكوك إسلامية سيادية، يأتي ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الجديد المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، والذي يتضمن في بنود إطالة آجال استحقاق الديون، ويعد هذا أول إصدار ضمن برنامج دولي لإصدارات الصكوك السيادية بقيمة 5 مليارات دولار، مشيرا إلى أن تغطية الاكتتاب أكثر من 4 مرات دلالة جيدة على ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، وقدرتها على سداد التزاماتها.
وأضاف بدرة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن زيادة سعر العائد على سندات الدين المصرية من 7% إلى 11% بالصكوك الإسلامية السيادية، جاء نتيجة ارتفاع سعر الفائدة على الدولار، وانخفاض تصنيف مصر الائتماني، متوقعا أن تطرح مصر صكوك إسلامية جديدة بآجال أكثر من 3 سنوات.
ولأول مرة منذ 10 سنوات، خفضت وكالة "موديز"، التصنيف الائتماني لمصر من مستوى B2 إلى B3 مع نظرة مستقبلية مستقرة نتيجة تخوفها من انخفاض احتياطيات مصر من النقد الأجنبي.