لماذا تُخفض مؤسسات دولية توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري؟ خبراء يجيبون

الشرق الأوسط
نشر
8 دقائق قراءة
أوراق نقدية للجنيه و الدولار
Credit: KHALED DESOUKI/AFP via Getty Images

القاهرة، مصر (CNN)-- انضم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية إلى قائمة المؤسسات الدولية الكبرى التي خفضت توقعات نمو الاقتصاد المصري خلال عام 2023، وتوقع البنك في أحدث تقرير له تراجع معدل نمو الاقتصاد إلى 4.6% مقارنة بنسبة 5.6% في تقريره السابق في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.

ويرى خبراء أسباب هذا التخفيض نتيجة استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وموجة التضخم العالمية.

وسبق أن خفض صندوق النقد الدولي من توقعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الحالي المقرر أن ينتهي في يونيو/ حزيران المقبل 3 مرات متتالية من 5% إلى 4.4% وأخيرًا إلى 4% في آخر تقرير له، كما خفض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري إلى 4.5% خلال العام المالي الحالي.

وقال الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، إن تقرير البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يتماشى مع توقعات الحكومة التي خفضت مستهدف معدل النمو خلال العام المالي الحالي 2022/2023 من 5.5% إلى 5% بسبب تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن مستهدف النمو مازال إيجابيا ويعادل مرتين ونصف النمو السكاني.

ونما الاقتصاد المصري بنسبة 4.4% خلال الربع الأول من العام المالي 2022/2023، الذي بدأ في يوليو/ تموز 2022، وفقا لبيانات من وزارة التخطيط.

وأشار الفقي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن خفض البنك الأوروبي لتوقعات نمو الاقتصاد المصري سبقه خطوات مماثلة لمؤسسات دولية أبرزها صندوق النقد الدولي الذي خفض معدل النمو إلى 4%، في حين جاء البنك الدولي أكثر تفاؤلا ورجح تحقيق معدل نمو بنسبة 4.6%، بنسبة أعلى قليلا 0.1% من توقعات مؤسسة التصنيف الائتماني فيتش البالغة 4.5%، مما يشير إلى اتفاق كل المؤسسات الدولية على استمرار تأثير تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري، وتوقعاتهم نمو الاقتصاد بمعدل يتراوح بين 4-5%.

وأوضح فخري الفقي، تأثير تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري، إذ تسببت في ارتفاع معدل التضخم عالميا، مما انعكس على فاتورة واردات مصر من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج، وبالتالي ظهر ذلك في ارتفاع التضخم محليا لمستويات قياسية، كما أثرت على تدفقات النقد الأجنبي في مصر مما أدى إلى انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار من مستويات بين 15-16 جنيه إلى أكثر من 30 جنيها في أقل من عام، ليعمق مستويات التضخم ويصل به لمستويات قياسية.

وتراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار لحوالي 100% في الفترة من مارس/ آذار حتى الشهر الجاري، ليصل سعر الدولار 30.54 جنيه للشراء، و30.65 جنيه للبيع بالبنك المركزي المصري، الثلاثاء.

وقال إن البنك المركزي المصري عمل على الحد من ارتفاع التضخم عبر طرح البنوك الحكومية شهادات ادخار مرتفعة العائد، وزيادة سعر الفائدة 8% خلال العام الماضي، لامتصاص السيولة من الأسواق وتهدئة الأسعار، إلا أن هذه القرارات تسببت في تباطؤ النمو الاقتصادي لأنها رفعت من تكلفة الاقتراض، وأثرت على خطط الشركات للتوسع أو عمل المصانع بكامل طاقتها الإنتاجية.

وفي آخر اجتماع للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، يوم 2 من الشهر الحالي، تم تثبيت سعر الفائدة على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملة الرئيسية للبنك المركزي عند مستوى 16.25%، 17.25%، 16.75%، على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 16.75%.

ويرى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن تحقيق الاقتصاد المصري معدلات نمو مرتفعة يتطلب حل أزمة تدبير النقد الأجنبي، عبر جذب استثمارات أجنبية مباشرة لضمان توافر موارد مستدامة للدولار، إلا أن هذا الحل يواجه تحديًا في انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر عالميًا في الأسواق الناشئة مما دفع الحكومة المصرية إلى التسريع ببرنامج الطروحات الحكومية عبر بيع حصص من شركات مملوكة للدولة للصناديق السيادية الخليجية.

وحققت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال العام المالي الماضي 2021/2022 أعلى معدل نمو خلال آخر 10 أعوام بنسبة 71.4% لتصل إلى 8.9 مليار دولار، وفقا لبيان رسمي من مجلس الوزراء.

وتابع أمر آخر لزيادة معدل النمو، وهو هدوء وتيرة التضخم عالميا لدفع البنوك المركزية الرئيسية في العالم إلى التخلي عن سياسة التشديد النقدي، وبدأ رحلة مغايرة في التراجع تدريجيا لأسعار الفائدة لخلق المزيد من فرص العمل، والسيطرة على الأسعار، ووضع الدين العام سواء المحلي أو الخارجي عند المستويات الآمنة.

ولفت فخري الفقي، إلى خطوات الحكومة المصرية لتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر، عبر إقرار وثيقة سياسة ملكية الدولة بهدف زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد عبر التخارج وتخفيض حصتها في العديد من الأنشطة الإنتاجية، إضافة إلى توفير أراضي صناعية بأسعار التكلفة، والإعلان عن مبادرة لتمويل الأنشطة الإنتاجية بفائدة 11%، وإعداد برنامج جديد لدعم الصادرات لتشجيع الشركات على زيادة الصادرات المصرية، إضافة إلى التخلي عن البيروقراطية في إصدار التراخيص والتوسع في إصدار الرخصة الذهبية للمستثمرين.

وأطلقت الحكومة المصرية، مبادرة لإتاحة 150 مليار جنيه (4.9 مليار دولار) تمويلات لقطاعي الصناعة والزراعة بفائدة ميسرة 11% على مدار 5 سنوات لتشجيع المستثمرين على الإنتاج والتصدير.

وفي شأن آخر، قال الفقي، إن الحكومة تسعى للترويج للفرص الاستثمارية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس على الشركات اليابانية، سواء من خلال إنشاء منطقة صناعية مثل المنطقة الصناعية الصينية أو الدخول في شراكات مع شركات محلية لتعميق التصنيع المحلي في مصر، مشيرا إلى التعاون مع اليابان في طرح سندات الساموراي بالين الياباني بقيمة تعادل 500 مليون دولار خلال العام الماضي بفائدة أقل من 1%.

وزار وفد من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، خلال الأيام الماضية، اليابان والتقى ما يقرب من 100كيان اقتصادي ياباني ما بين شركات وبنوك ومؤسسات للتمويل والتعاون الدولي، وذلك من أجل التعريف بالفرص الاستثمارية المتاحة أمام الاقتصاد الياباني داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وأرجع الخبير الاقتصادي مدحت نافع، أسباب خفض البنك الأوروبي توقعات معدل نمو الاقتصاد المصري هذا العام إلى استمرار أزمة توافر النقد الأجنبي والتي تلقي بتبعاتها على توافر مدخلات الإنتاج اللازمة للتصنيع المحلي، وتراكم البضائع في الموانئ على مدار العام الماضي، وحتى بعد الانفراجة في الإفراج عن البضائع التي شهدتها الأيام الماضية، هناك تخوف من إمكانية تكرارها مرة أخرى مما يؤثر على استمرار العملية الإنتاجية.

وأضاف نافع، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، سبب آخر لتقرير البنك الأوروبي، وهو الارتفاع القياسي لمعدل التضخم في مصر، والذي يؤدي إلى ركود اقتصادي، وربط نافع تحقيق معدل نمو مرتفع في مصر بالتغلب على أزمة توافر الدولار وهدوء موجة التضخم العالمية.

وسجل معدل التضخم في المدن المصرية، مستوى 25.8% خلال شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، وهو أعلى مستوى سجله منذ أكثر من 5 سنوات، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.