دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- عاود سعر الدولار صعوده أمام الجنيه المصري في السوق الموازية ليتراوح بين 38.5 إلى 40 جنيهًا، وفقًا لمتعاملين، بعد استقرار دام حوالي شهرين. وأرجع خبراء أسباب صعود الدولار مرة ثانية في السوق السوداء إلى تجدد الحديث عن خفض جديد في قيمة العملة المحلية، مع مراجعة محتملة لصندوق النقد الدولي للقرض المقدم لمصر خلال الشهر المقبل.
وتراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار بضعف قيمته لينخفض من مستوى 15.5 جنيه من مارس/ آذار عام 2022 إلى 30.82 جنيه للشراء بالبنك المركزي المصري، وذلك نتيجة نقص موارد مصر من النقد الأجنبي متأثرة بخروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة بعد رفع الفائدة عالميًا، وارتفاع فاتورة استيراد السلع الأساسية بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال الخبير المصرفي محمد عبد العال، إن السوق الموازية شهد تحركًا في سعر الدولار أمام الجنيه، ليصل إلى 40 جنيهًا، بسبب عاملين؛ الأول ارتفاع أسعار الذهب عالميًا مما أدى إلى معاودة زيادة الطلب على المعدن الأصفر، والثاني زيادة أسعار النفط لتتجاوز 86 دولارًا للبرميل ويقترب من مستوى 90 دولارًا، مما ينعكس على زيادة أسعار المحروقات محليًا قريبًا وكذلك الطلب على النقد الأجنبي.
غير أنه لفت إلى أن السوق الموازية غير منظمة، ويتحكم بها تجار العملة، وأباطرة "الدولرة"، إضافة إلى طالبي الدولار لسداد الاعتمادات المستندية للاستيراد، ولذا ليست هناك معايير بعينها تحكم الأسعار أو تحركاتها.
فقد الاحتياطي النقدي لمصر أكثر من 9 مليارات دولار بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية لينخفض من مستوى تجاوز 40 مليار دولار إلى 33 مليار دولار، قبل أن يعاود الصعود تدريجيًا بقيم بسيطة لمدة 11 شهرًا ليصل إلى 34.9 مليار دولار بنهاية يوليو/ تموز الماضي.
وأشار عبد العال، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى دور تقارير مؤسسات التصنيف العالمية المطالبة بضرورة خفض قيمة الجنيه أمام الدولار، في انعكاسها على تحرك العملة الصعبة السوق الموازية، رغم أن تقرير مؤسسة موديز الأخير منح مصر 3 أشهر إضافية لمراجعة تصنيفها الائتماني.
واتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي، في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، على الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من الصندوق، وتسلمت الشريحة الأولى منه بقيمة 350 مليون دولار. وكان من المقرر مراجعة إجراءات الشريحة الأولى في مارس/ آذار لصرف الشريحة الثانية قبل أن يتم تأجيل هذه المراجعة إلى سبتمبر/ أيلول المقبل.
وأشار محمد عبد العال، إلى عدم وجود تحرك كبير في سعر الدولار أمام الجنيه في السوق الرسمية، لعدم تحمل مزيد من الأعباء على المواطنين، في المقابل فإن مؤسسات التمويل الدولية، وجهات التصنيف الائتماني عبّرت في العديد من التقارير عن ضرورة إجراء خفض جديد للجنيه للقضاء على السوق الموازية للدولار.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، صرّح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال المؤتمر الوطني للشباب بمدينة الإسكندرية، برفضه التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه حتى لا يتسبب في ضرر على الأمن القومي لمصر، على حد تعبيره، وتبع تصريحاته انخفاض وصلت نسبته إلى 10% على الدولار في السوق السوداء.
أكد الخبير المصرفي محمد عبد العال، أن حل أزمة نقص النقد الأجنبي في مصر يتطلب زيادة مواردها من الدولار على المديين قصير وطويل الأجل، سواء من خلال سرعة بيع أصول حكومية، واستمرار نمو عوائد السياحة بشكل كبير، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة، وفي هذه الحالة قد يتجه الرئيس السيسي إلى تطبيق نظام سعر الصرف المرن، وينخفض الجنيه بنسبة 15-20%.
وتطمح الحكومة المصرية إلى زيادة مواردها من العملة الصعبة إلى 191 مليار دولار بحلول عام 2026 من خلال زيادة الصادرات السلعية إلى 88 مليار دولار، وجمع 20 مليار من السياحة، و45 مليارًا من تحويلات المصريين بالخارج، و13 مليارًا في صورة استثمار أجنبي مباشر، و17 مليارًا من عائدات قناة السويس وقطاع الخدمات البحرية، و9 مليارات من خدمات التعهيد، وفقًا لتصريحات رسمية لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
من جانبه، قال ناجي فرج، مستشار وزير التموين لشؤون صناعة الذهب، إن سعر الذهب في مصر ارتفع بأكثر من 200 جنيه (6.46 دولار) خلال 48 ساعة ليصعد من مستوى 2150 جنيه (69.4 دولار) إلى 2410 جنيه (77.79 دولار) للجرام عيار 21 - وهو الأكثر مبيعًا - نتيجة زيادة الطلب بشكل مفاجئ خاصة على السبائك والجنيهات.
واشترى المصريون 18.6 طن من السبائك والعملات الذهبية خلال النصف الأول من عام 2023 - وفقا لبيانات مجلس الذهب العالمي- وهي أكبر كمية اشتروها من الذهب منذ تتبع المجلس لسوق الذهب.
وأضاف فرج، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن مبادرة إعفاء القادمين من الخارج من الرسوم الجمركية على الذهب من الخارج أسهمت في دخول كميات ضخمة بلغت حوالي 600 طن، مما أدى إلى هدوء الأسعار مرة ثانية في سوق الذهب، ليتراجع سعر الجرام عيار 21 بقيمة 70 جنيهًا (2.26 دولار) عن أمس ليصل إلى 2330 جنيه (75.21 دولار)، متوقعًا أن يعاود استقرار الأسعار خلال الأيام القليلة المقبلة.
أقر مجلس الوزراء المصري، في 11 مايو/ أيار الماضي، إعفاء المصريين القادمين من الخارج من الضريبة الجمركية والرسوم على الذهب لمدة 6 أشهر، ونتج عن ذلك ارتفاع مشتريات المصريين من الذهب ثلاثة أضعاف خلال الربع الثاني من العام الجاري لتصل إلى 10.4 طن.