القاهرة، مصر (CNN)-- تفاقمت أزمة انقطاع التيار الكهربائي في مصر، نتيجة زيادة الاستهلاك بسبب ارتفاع درجة الحرارة، وانخفاض حجم الإنتاج من مصادر الطاقة المتجددة، وكذلك توقف كميات الغاز الموردة من الخارج، مما أدى إلى زيادة ساعات الانقطاع إلى ساعتين يوميا.
وأكد مسؤول سابق بوزارة البترول أن "تراجع الغاز المورد من إسرائيل لن يستمر طويلا بسبب ارتباطها مع مصر بعقود تعاقدية، وأن الحل في تعويض هذا النقص استمرار خطة خفض الأحمال".
وبلغ متوسط إنتاج مصر من الغاز الطبيعي 6.2 مليار قدم مكعب يوميا خلال العام المالي الماضي، في حين بلغ متوسط الاستهلاك المحلي اليومي من الغاز الطبيعي نحو 5.9 مليار قدم مكعب، توزع بين 57% لقطاع الكهرباء، و25% لقطاع الصناعة و10% لقطاع البترول ومشتقات الغاز، و6% لقطاع المنازل و2% لتموين السيارات، وفقا لبيانات حكومية.
وقال نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، المهندس مدحت يوسف، إن "إسرائيل اضطرت لخفض كميات الغاز الموردة لمصر نتيجة تداعيات حرب غزة، ولكن لم يتم إلغائها بشكل تام بسبب التزامها بعقود تعاقدية لمدة 15 عاما لا يمكنها التنصل منها"، موضحا أن "حالة الحرب في غزة تعتبر قوة قهرية تسمح لإسرائيل بوقف الصادرات، وبعد انتهاء الحرب ستستأنف توريد الغاز مرة ثانية وتعوض فترة انخفاض ضخ الغاز".
وأوقفت إسرائيل الإنتاج بحقل "تمارا"، كما أعلنت شركة "شيفرون" الأمريكية، تحويل توجيه شحنات الغاز الطبيعي المنتج من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي إلى مصر عبر خط الغاز العربي بدلا من خط أنابيب غاز شرق المتوسط.
وتستورد مصر الغاز الإسرائيلي لتسييله من أجل تصديره لأوروبا، وسجلت القاهرة رقم قياسي في حجم صادرات الغاز بلغ 8 ملايين طن بقيمة 8.3 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 7 ملايين طن بقيمة 3.5 مليار دولار خلال عام 2021، بنسبة زيادة سنوية 171% بقيمة صادرات الغاز، وفقا لبيانات حكومية.
وأضاف يوسف، في تصريحات خاصة لـCNNبالعربية، أن "مصر مضطرة لتعويض نقص الغاز المستورد من إسرائيل بتطبيق خطة لتخفيف أحمال الكهرباء في ظل ارتفاع الاستهلاك المحلي من الكهرباء بسبب درجة الطقس المرتفعة، وعدم وجود وفرة في النقد الأجنبي لاستيراد وقود لزيادة إنتاج الطاقة محليًا، إضافة إلى خفض كميات الغاز الموردة لمصانع الأسمدة؛ لأنها من أكثر المصادر استهلاكا للغاز"، لافتا إلى أنه "رغم العائد الاقتصادي المرتفع من مصانع الأسمدة إلا أن الدولة قررت خفض كميات الغاز الموردة لتوفيره لمحطات الكهرباء".
ونشرت الحكومة جدولا يوضح ارتفاع كميات الغاز المستخدمة في إنتاج الكهرباء من 250 مليون قدم مكعب يوميا في 22 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 700 مليون قدم مكعب يوميا في 28 من الشهر ذاته، وأوضح الجدول زيادة درجات الحرارة خلال أكتوبر 2022 إلى 31 درجة مئوية مقابل من 27-29 درجة في الشهر ذاته من العام الماضي.
وأشار مدحت يوسف إلى "انخفاض الإنتاج المحلي من الغاز خاصة من حقل ظهر، وهو أكبر حقول إنتاج الغاز في مصر"، مفسرا ذلك بـ"دورة إنتاج الحقل والتي يتناقص فيها حجم الإنتاج تدريجيا، وكذلك عدم وجود اكتشافات لحقول غاز بكميات إنتاج ضخمة خلال الفترة الماضية"، لافتا إلى أن مصر أوقفت تصدير الغاز لأوروبا منذ شهور الصيف الماضية بسبب درجة الحرارة المرتفعة لهذا الصيف.
وبلغ حجم إنتاج حقل ظهر من الغاز خلال عام 2022/2023 حوالي 2.4 مليار قدم مكعب يوميا، وحوالي 3700 برميل من المتكثفات، وفقا لبيانات رسمية.
وحول الاعتماد على المازوت بديلا عن الغاز، أوضح نائب رئيس هيئة البترول السابق، أن "إنتاج الكهرباء من المازوت مكلف، وليست هناك بدائل في الوقت الحالي سوى تخفيف الأحمال".
ووفقا لبيان رسمي، وضعت مصر 36 بئرا على الإنتاج بإجمالي إنتاج أولي 666 مليون قدم مكعب غاز يوميا، وحوالي 17 ألف برميل متكثفات يوميا، بإجمالي تكلفة استثمارية للمشروعات والآبار التنموية تقدر بحوالي 738 مليون دولار خلال العام الماضي.
من جانبه، قال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، الدكتور فخري الفقي، إن "ظروف الحرب أجبرت إسرائيل على وقف تصدير الغاز لمصر، والذي كان يتم إسالته في محطتي الإسالة بإدكو ودمياط لتصديره إلى أوروبا، مما أثر على تراجع كميات الغاز المصري المصدر للخارج، في الوقت نفسه زاد الاستهلاك المحلي من الكهرباء بسبب ارتفاع درجة الحرارة، مما اضطر الدولة إلى زيادة مدة انقطاع الكهرباء، خاصة في ظل عدم امتلاك الحكومة وفرة في النقد الأجنبي اللازم لاستيراد وقود من الخارج".
وفي بيان رسمي، أكد المتحدث للحكومة المستشار سامح الخشن "انخفاض كميات الغاز الموردة من خارج مصر من 800 مليون قدم مكعب غاز يوميا إلى صفر".
وأضاف فخري، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن "الحكومة تبنت خطة لمواجهة أزمة زيادة الاستهلاك بالاعتماد بشكل أكبر على مصادر الطاقة المتجددة في إجمالي الطاقة المنتجة، وزيادة كفاءة محطات الطاقة التقليدية عبر تطوير المحطات القديمة، مما يسمح بتعزيز كفاءة الطاقة المنتجة، غير أنها تواجه تحديات في الوقت الحالي في توفير وقود لمحطات الطاقة التقليدية، خاصة في ظل أزمة نقص النقد الأجنبي، والتي تحاول الدولة مواجهتها بالتوسع في برنامج الطروحات الحكومية عبر بيع أصول للقطاع الخاص".
واعتمدت مصر زيادة نسبة الطاقة المولدة من المصادر الجديدة والمتجددة في خليط الطاقة لقطاع الكهرباء إلى 42% بحلول عام 2030، وفي سبيل تحقيق ذلك وقعت على إنشاء مشروعات كبرى لإنتاج الطاقة من الرياح والشمسية تصل إلى 30 جيجاوات، وفقا لبيانات حكومية.