واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- يناقش المسؤولون الأمريكيون خطط حكم غزة بعد الحرب مع السلطة الفلسطينية، جنبا إلى جنب مع حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين، مما يجعلها محور اهتمام رئيسي في محاولتهم النظر إلى ما هو أبعد من الصراع المباشر.
وسيجتمع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بعد ظهر الجمعة، مع وفد من نظرائه العرب من المملكة العربية السعودية وقطر والأردن والسلطة الفلسطينية، إضافة إلى تركيا، حيث من المتوقع أن يكون موضوع غزة بعد الهجوم الإسرائيلي نقطة رئيسية للنقاش.
وقال مسؤولون أمريكيون إنهم يتصورون، في نهاية المطاف، أن تخضع كل من غزة والضفة الغربية لحكم حكومة موحدة تقودها سلطة فلسطينية "بعد إعادة تنشيطها".
وكان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الذي رفض في البداية فكرة حكم السلطة الفلسطينية لغزة في أعقاب الهجوم الإسرائيلي، غير موقفه. ومع ذلك، لا تزال هناك أسئلة كثيرة حول "اليوم التالي" لغزة بمجرد انتهاء الحرب.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مات ميلر، الأربعاء، إن الولايات المتحدة تدرك أنه سيكون هناك "شكل من الفترة الانتقالية"، حيث تظل القوات الإسرائيلية في غزة بعد انتهاء العمليات القتالية، ولكن لا يمكن أن تكون هذه الفترة دائمة.
وقال دبلوماسي غربي لشبكة CNN، إن الوفد العربي أوضح في محادثات سابقة أنه ليس متحمسا بشأن المشاركة في قوة دولية لتحقيق الأمن في غزة بعد الحرب. وقال الوزراء العرب أيضا إنه إذا أراد العالم أن تلعب الدول العربية دورا في إعادة الإعمار ودعم السلطة الفلسطينية، فيجب أن يكون هناك طريق نحو إقامة دولة فلسطينية.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، إن هناك بعض القلق داخل الإدارة بشكل خاص بشأن إحجام "الحلفاء العرب" للولايات المتحدة، عن لعب أي دور في قوة حفظ سلام دولية بعد الحرب، لأنهم كانوا من بين أعلى الأصوات في إدانة هجوم إسرائيل على غزة.
وذكر أحد السفراء العرب لشبكة CNN، أن بلاده "لن تقوم على الإطلاق" بنشر أي من قواتها في غزة بعد الحرب. وأوضح السفير أن جزءا من ذلك يرجع إلى أن الدول العربية لا تريد أن يُنظر إليها على أنها تُخضع الفلسطينيين.
وقد دعت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن باستمرار إلى حل الدولتين. وفي الشهر الماضي، عرض بلينكن شروط الإدارة لتحقيق "السلام والأمن الدائمين" في غزة بعد الحرب، والتي لا تشمل إعادة الاحتلال الإسرائيلي، أو تقليص مساحة غزة. وعلى هذا الأساس، تعارض الولايات المتحدة إنشاء منطقة آمنة عازلة إسرائيلية داخل غزة بعد الحرب.
كما أثارت كامالا هاريس نائب الرئيس الأمريكي، موضوع غزة بعد الصراع، خلال اجتماعات ومكالمات متعددة مع القادة العرب، في نهاية الأسبوع الماضي، عندما كانت في دبي، وقالت الصحفيين إنها شاركت التوقعات التي ستكون لدى الولايات المتحدة، فيما يتعلق بالتخطيط لمرحلة ما بعد الصراع.
وقالت هاريس: "على وجه التحديد، اقترحت 3 مجالات للتركيز عليها"، مشيرة إلى إعادة إعمار البنية التحتية في غزة، وتعزيز أمن السلطة الفلسطينية، وتنشيط حكم السلطة الفلسطينية. وكررت هاريس أيضا أن حل الدولتين هو أفضل طريق للمضي قدما.
والتقى بلينكن مع عباس في رام الله، الأسبوع الماضي. وعقد مستشار كامالا هاريس للأمن القومي، فيل غوردون، اجتماعات إضافية في الضفة الغربية، هذا الأسبوع.
ووفقا لبيان البيت الأبيض: "أكد غوردون على التزامنا بإقامة دولة فلسطينية في المستقبل، وأوضح أنه يجب أن يكون لدى الشعب الفلسطيني أفق سياسي مفعم بالأمل. ولتحقيق هذه الغاية، فقد ناقش الدكتور غوردون تنشيط السلطة الفلسطينية".
ويمثل ذلك امتدادا لما بعثه مسؤولو الأمن القومي الأمريكيون من رسائل فيما يتعلق بغزة والسلطة الفلسطينية.
وقال بلينكن الأسبوع الماضي، إن "خيارات القيادة هذه بالطبع متروكة للشعب الفلسطيني والفلسطينيين أنفسهم. ولكن هناك عددا من الأمور التي نعتقد أنها ستكون حاسمة للتأكد من أن السلطة الفلسطينية يمكن أن تكون فعالة مرة أخرى، في المساعدة على النهوض بتطلعات واحتياجات شعبها".
وقال نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون فينر، الشهر الماضي، إن السلطة الفلسطينية "يجب أن تكون جزءا" من أي حل مستقبلي للحكم في كل من الضفة الغربية وغزة بعد الأعمال العدائية الحالية، وهو احتمال عارضه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو صراحة.
وذكر مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لشبكة CNN، أن الخلاف الواضح بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول الدور المستقبلي للسلطة الفلسطينية مُبالغ فيه. وتوافق الولايات المتحدة على أن السلطة الفلسطينية في وضعها الحالي الضعيف من غير المرجح أن تكون قادرة على حكم غزة، ولكن السلطة الفلسطينية "المُعاد تنشيطها"- بما في ذلك احتمال وجود قيادة جديدة بالكامل ــ هي حل معقول.
وقال رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، محمد أشتية لوكالة بلومبرغ، إنه يرى دورا لحماس في الحكم المستقبلي لغزة- وهو احتمال سترفضه إسرائيل بقوة، لأن هدفها المعلن هو القضاء على الحركة. وقال مسؤولون أمريكيون إنه لا يمكن العودة إلى ما كان عليه "الوضع" قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وأوضح الدبلوماسي الغربي لشبكة CNN، أن العديد من الشركاء العرب، سرا، لا يريدون أن تظل حماس مسيطرة على غزة.
ومن غير الواضح ما إذا كان مثل هذا الإجراء ممكنا، نظرا لتاريخ العداء الطويل بين حماس في غزة، ومنافسها السياسي اللدود فتح، التي تسيطر على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. لقد حاول الجانبان، وفشلا، عدة مرات في التوصل إلى اتفاق لتوحيد المنطقتين الفلسطينيتين المنفصلتين، تحت هيكل واحد للحكم.
ووقعت حماس وفتح اتفاق مصالحة في القاهرة في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 بضغط من الدول العربية وعلى رأسها مصر. وبموجب الاتفاق، كان من المفترض أن تتولى حكومة وحدة وطنية جديدة السيطرة الإدارية على غزة بعد شهرين، لتنهي بذلك عقدا من التنافس الذي بدأ عندما طردت حماس السلطة الفلسطينية بالعنف من غزة، عام 2007.
ولكن التطلعات النبيلة للصفقة انهارت سريعا. فعندما زار رئيس وزراء السلطة الفلسطينية السابق، رامي الحمدالله غزة في مارس/آذار عام 2018، كان هدفا لمحاولة اغتيال عندما انفجرت قنبلة قرب موكبه. وحملت حركة فتح التي يتزعمها الحمدالله، حماس المسؤولية عن الهجوم على الفور.