مصادر توضح لـCNN كيف تسعى أمريكا للرد على هجمات المليشيات الموالية لإيران دون إشعال حرب أوسع في المنطقة

الشرق الأوسط
نشر
9 دقائق قراءة

(CNN)-- يتصارع المسؤولون الأمريكيون مع كيفية الرد على الهجمات المتصاعدة التي تشنها الجماعات المدعومة من إيران على القوات والسفن الأمريكية في البحر الأحمر دون إشعال حرب أوسع في الشرق الأوسط.

وردت الولايات المتحدة عدة مرات على هجمات تلك الجماعات، فضربت المسلحين والبنية التحتية في العراق وسوريا وأسقطت الصواريخ والطائرات بدون طيار التي أطلقها المتمردون الحوثيون في اليمن.

وكذلك أبلغ المسؤولون الأمريكيون إيران ووكلائها عبر القنوات الخلفية بأن الهجمات يجب أن تتوقف، وقتلت الولايات المتحدة، الأحد، مجموعة من المسلحين الحوثيين الذين كانوا يحاولون الصعود على متن سفينة تجارية والاستيلاء عليها في البحر الأحمر.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن الولايات المتحدة لن تتردد في استخدام القوة المميتة مرة أخرى ضد الحوثيين دفاعا عن النفس، وأضاف: "إذا حدث ذلك مرة أخرى، فمن المحتمل أن نفعل الشيء نفسه بالضبط".

لكن الولايات المتحدة كانت مترددة بشدة في تجاوز ضربات بهدف الدفاع عن النفس ودبلوماسية القنوات الخلفية، حتى عندما وضعت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) خيارات مختلفة للرئيس الأمريكي جو بايدن لضرب الحوثيين داخل اليمن إذا اختار هذا النهج، حسبما قال مسؤولون أمريكيون لشبكة CNN.

ومنذ أن شنت إسرائيل حربها ضد حركة "حماس" في غزة في أعقاب الهجوم الذي شنته الحركة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كانت الولايات المتحدة تسعى جاهدة وراء الكواليس لمنع اندلاع حرب أوسع نطاقا متعددة البلدان لكن التحدي ازداد مع تصاعد التوترات هذا الأسبوع في أعقاب غارة إسرائيلية على أحد قادة "حماس" في لبنان وهجوم "إرهابي" كبير لتنظيم "داعش" في إيران بالإضافة إلى الهجمات المنتظمة يشنها وكلاء إيران.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميللر، للصحفيين، الأربعاء: "ما زلنا نشعر بالقلق بشكل لا يصدق، كما كنا منذ بداية هذا الصراع، بشأن خطر انتشاره إلى جبهات أخرى".

حذر من تقويض الهدنة في اليمن

وقال مسؤول أمريكي كبير إن بلاده كانت حذرة بشكل خاص من تقويض الهدنة التي توسطت فيها مع الأمم المتحدة بين السعودية والحوثيين بشأن الحرب في اليمن والتي تعتبرها إدارة بايدن أحد أهم إنجازاتها في السياسة الخارجية.

علاوة على ذلك، يعتقد البعض في الإدارة الأمريكية أن الحوثيين يزدهرون في الحرب ويريدون جر القوات الأمريكية إلى اشتباك طويل الأمد.

وأشار المسؤولون إلى أن الحملة التي قادتها السعودية منذ سنوات ضد الحوثيين لم تقضي على الجماعة المتمردة.

وقال مسؤول أمريكي كبير آخر إن الحوثيين يتسببون بالفعل في تنفير الدول "التي يعد دعمها حاسما للتوصل إلى اتفاق سلام في اليمن".

وأضاف المسؤول: "تصرفات الحوثيين تهدد بتحويل اليمن إلى دولة منبوذة، وسيعاني المدنيون اليمنيون أكثر من غيرهم من العزلة الدولية التي ستنجم إذا استمرت الهجمات".

ومع ذلك، إذا تركت دون معالجة، فإن هجمات الحوثيين المستمرة على الشحن التجاري في البحر الأحمر يمكن أن تزيد من خسائر التجارة العالمية وتقوض قدرة بايدن على الترويج لاقتصاد قوي قبل انتخابات عام 2024.

وقال المسؤولون إن خطر الرد الإيراني، على الرغم من أنه أقل احتمالا، إلا أنه يشكل مصدر قلق مستمر، فقد نشرت إيران سفينة حربية في جنوب البحر الأحمر هذا الأسبوع في استعراض واضح لدعم الحوثيين، بعد يوم واحد فقط من قيام البحرية الأمريكية بقتل مجموعة من المسلحين الحوثيين الذين كانوا يحاولون الصعود على متن سفينة تجارية والاستيلاء عليها.

وذكرت شبكة CNN سابقا أن إيران توفر أيضا الأسلحة والمعلومات الاستخبارية للحوثيين.

وحتى في العراق، حيث كانت الولايات المتحدة أكثر استعدادا لاتخاذ إجراءات مباشرة ضد الميليشيات الإيرانية التي استهدفت القوات الأمريكية، فإن مسؤولي البيت الأبيض يدركون كيف ستثير هذه الإجراءات غضب الحكومة العراقية.

ولدى العديد من الجماعات الموالية لإيران في العراق أجنحة سياسية شكلت ائتلافا حاكما في بغداد، مما يزيد من الحساسيات بشأن ملاحقة الميليشيات.

وتعتمد المنشآت العسكرية الأمريكية في العراق أيضا على دعوة الحكومة، مما يضفي درجة من التعقيد على كيفية قرار بايدن باستهداف الميليشيات.

الصبر ينفد

ومع ذلك، هناك دلائل تشير إلى أن صبر الولايات المتحدة وحلفائها بدأ ينفد.

ففي الشهر الماضي، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن عن مبادرة أمنية متعددة الجنسيات- "عملية حارس الازدهار"- للرد على العدوان الحوثي المتزايد في البحر الأحمر.

والأربعاء، قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن البيان المشترك الصادر عن الولايات المتحدة و12 دولة أخرى يدين هجمات الحوثيين على السفن كان على الأرجح التحذير الأخير للتحالف - مما يشير إلى أنه قد يتبع ذلك عمل عسكري أكثر قوة قريبا.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، للصحفيين، الخميس، إنه "سيتم اتخاذ إجراء" إذا استمرت الهجمات، مشيرا إلى أنه سيتم استخدام السفن البريطانية لوقف الهجمات إذا لزم الأمر.

وصرح ميلر بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي يبدأ رحلة إلى الشرق الأوسط، الخميس "سيوضح في كل محطاته أن هجمات الحوثيين غير مقبولة".

ولا يبدو أن الحوثيين قد استجابوا للتحذيرات.

وقال قائد القوات البحرية الأمريكية المركزية في الشرق الأوسط، نائب الأدميرال براد كوبر، إن المتمردين شنوا هجوما آخر على السفن، الخميس، باستخدام مسيرة سطحية، والتي انطلقت من اليمن إلى ممرات الشحن الدولية بـ"شكل واضح بنية إلحاق الضرر" قبل تفجيرها، وأضاف أن هجمات الحوثيين لا تظهر أي علامات على التراجع.

وفي الخميس أيضا، استهدفت الولايات المتحدة وقتلت قائد ميليشيا موالية لإيران في بغداد – وهي الضربة الأمريكية الثانية على وكلاء إيران في العراق خلال ما يزيد قليلا عن أسبوع، على الرغم من وصف الحكومة العراقية مثل هذه الضربات بأنها "انتهاك" لسيادتها.

ومما يسلط الضوء بشكل أكبر على عملية التوازن الدقيقة التي انخرطت فيها الولايات المتحدة في المنطقة، لم يدن المسؤولون الأمريكيون الاغتيال الواضح الذي قامت به إسرائيل للزعيم الكبير في "حماس" بلبنان صالح العاروري.

حتى مع وجود خطر تصاعد الأعمال العدائية بين إسرائيل و"حزب الله" اللبناني بسبب عملية القتل.

ويقول المسؤولون الأمريكيون سرا إن القتل المستهدف يعكس كيف تستهدف الولايات المتحدة قادة الإرهابيين في ضربات الطائرات بدون طيار حول العالم.

لكن البيت الأبيض أرسل مبعوثا كبيرا، آموس هوكستين، إلى إسرائيل، الخميس، لمحاولة تهدئة التوترات بين إسرائيل ولبنان.

ويقوم هوكستين برحلات مكوكية بين الولايات المتحدة وإسرائيل منذ أشهر، حيث يعمل مع الحكومتين الإسرائيلية واللبنانية لمحاولة التوصل إلى حل دبلوماسي للعنف ومنع الحرب من التوسع إلى جبهة جديدة على الحدود الشمالية لإسرائيل لكن مسؤولين إسرائيليين أخبروا آموس هوكستين، الخميس، أن "النافذة تغلق بسرعة أمام اتفاق السلام".

وقال عضو مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، بيني غانتس لهوكستين، في إشارة إلى القوات الإسرائيلية: “إن إسرائيل مستعدة للعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للتوصل إلى حل دبلوماسي، ولكن إذا لم يتم العثور على حل – فإن الجيش الإسرائيلي سوف يزيل التهديد".

وفي رحلته، سيتوقف بلينكن في إسرائيل، حيث من المتوقع أن يناقش خطط الانتقال إلى مرحلة أقل كثافة من العمليات في غزة وكيفية وقف انتشار الصراع، والذي سيكون موضوعا مهيمنا على اهتماماته.

وقال ميلر، الخميس، إن بلينكن سيناقش "خطوات محددة يمكن للأطراف اتخاذها بما في ذلك كيفية استخدام نفوذهم مع الآخرين في المنطقة لتجنب التصعيد"، وأضاف: "لا نتوقع أن تكون كل محادثة سهلة في هذه الرحلة".